رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد سعد الأزهري 21 سبتمبر، 2020 0 تعليق

غدًا ستدرك أنك أنت السبب


هويتنا تتعرض لأكبر ضغط في العصر الحديث؛ حيث يوجد خبراء لتفكيكها وتفريغها من محتواها، وما زال هناك من يتكاسل وينشغل دون أن يضع لنفسه خريطة ثم مساراً لمقاومة هذا التفكيك الحالي للهوية، فقليل من أهل الإصلاح من يتخذ مسار البناء العلمي بجدية حتى يتمكن من إيجاد طائفة جديدة من طلبة العلم، لديها الوعي الكافي للتعامل مع المستجدات اليومية التي نراها في الواقع، حتى نستطيع مقاومة سُبل التغريب الحادث في بلادنا.

وقليل من أهل الإصلاح من يتخذ المسار الثاني في تبليغ الناس الإيمان بمعانيه، بالأركان الستة علماً وعملاً، بمعاني الإيمان الكبرى كالعطاء والأمانة والإيثار والرحمة والسماحة وغيرها.

      فمن يقصِّر في هذا وذاك فهل سيجد يومًا لنفسه أو لأسرته مكاناً يمارسون فيه شعائرهم؟ وهل سيجدون ما أحله الله ما زال حلالاً وما حرمه الله ما زال حراماً؟، وأن المعاملات والأخلاق والسلوك ما زالت في إطار موافقة شريعتنا وثوابتنا لا موافقة التغريب في المجتمعات حولنا؛ حيث لا ثبات في الأخلاق ولا السلوك وإنما ما يغلب به بعضهم يصير قانوناً للكل حتى ولو كان هذا من البهيمية الحضارية لا من الحنيفية السمحاء.

فكم منكم يا شباب الإصلاح انشغل بالحديث عن الواقع دون محاولة تغييره! وكم منكم من اشتكى من تبديل الفطرة ويكتفي فقط بالمشاهدة ومجرد الغضب أسفا!

     وكم منكم ظل يتهارش مع غيره بعشرات المئات من المنشورات والردود والصور و(الكوميكسات) في الجلسات الخاصة وغيرها، وغيركم من أهل الفساد ما زال مستمراً بدأب واضح في تمرير المنكرات وحرق مساحات شاسعة من عقول الأبناء، والتضليل الواسع لقطاعات كبيرة من النساء، وطعن في القرآن والسنة والعلماء والأئمة حتى صار أراذل القوم يسبون ويشتمون ويطعنون، ولكن أهل الإصلاح كانوا يتهارشون فيما بينهم، أو متكاسلون لا طاقة لهم للبناء أو الدعوة، أو غافلون عما يتم في البلاد وفى عقول العباد، وأمثال هؤلاء يُقال لكل فرد فيهم: أنت السبب.

     مهما سوغت للأجيال القادمة من أعذار فأنت السبب، أنت من كان ضيق الأُفق شديد الشراسة في الفراغ، كثير التحسّر على الماضي، ولم تقدم شيئاً للمستقبل، تشتكي، وتتساءل، تنتقد، وتتكاسل، تختفي وتظهر، تنام أكثر مما تستيقظ، تتعافى قليلاً وتمرض كثيراً، أمانيك عريضة وبذلُك ضعيف، الدنيا سرقت منك وضاءة الوجه، وخلّفت سراب إنسان، تجده ولا تجده، تراه ولا تراه، يتحرك في مكانه، ويشغل حيزاً في الفراغ كالفراغ!

     أنت السبب، وابحث ما شئت عن السبب فلن تجد إلا نفسك وذلك إذا كنت صادقاً، ولن تعود للميدان إلا إذا كنت مخلصًا، ولن تبارز إلا إذا كنت ذا شرف، فصنعة الأوفياء وصناعة الشرفاء لا تسمح للدخلاء بالعبور من خلالها، فالقلب الصادق كالكارت الممغنط لا يفتح الأبواب الصلبة إلا هو.

     تذكَّر قولي، وقلِّبه بين عينيك، واجتهد في أن تعود سريعًا لصنعة الأوفياء؛ فإن الملتحق بها لن يخسر أبداً؛ لأن الوفاء لحن السماء، فإليه يصعد الصدق والحق والعدل، فهو الطيب الذي لا يقبل إلا طيبًا، وهو السيد الذي لا يقبل إلا العبد، فمن كان عبدًا لمن ينادى كل يوم «الله أكبر» كان سيدًا يوم العرض الأكبر، والله أعلى وأجل، وغدًا تمضي دنيانا وتظل الدنيا لأهلها الجدد، فإما أن تترك لهم عارًا وإما أن تترك لهم عزًا وشرفًا وفخارًا.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك