خدمة القرآن الكريم شرف عظيم
انطلقت الأسبوع الماضي فعاليات جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم، في دورتها الثالثة عشرة برعاية حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح -حفظه الله ورعاه-، كما تنطلق بعد أيام عدة مسابقة الكويت الكبرى لحفظ القرآن الكريم وتجويده أيضا برعاية سموه -حفظه الله ورعاه-، ولا شك أن هذه الفعاليات لها دلالة واضحة على الاهتمام الكبير الذي توليه دولة الكويت بالقرآن الكريم، سواء على مستوى الأفراد أم المؤسسات؛ حيث يعد القرآن ركيزة أساسية في ثقافة المجتمع الكويتي ودينه.
ولا شك أن خدمة القرآن الكريم شرف عظيم، يتشرف به أصحاب الهمم العالية والنفوس الكريمة، فأعظم مهمة يؤديها المسلم في هذه الدنيا، أن يكون من حملة القرآن الكريم، ومن معلميه ومتعلميه ومن خدمه المخلصين، المقيمين لحروفه وحدوده.
وخدمة كتاب الله -تعالى- لها مظاهر متعددة، منها: تعليمه وطبعه ونشره والحث على حفظه في الصدور، كما قال ربنا -جل وعلا-: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} (العنكبوت:49)، وكذلك إعداد المسابقات والتنافس الشريف في ربط المسلم بكتاب ربه بالوسائل المشروعة، قال -تعالى-: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (المطففين:26)، كل ذلك يُعد قربة لله -عز وجل- ونفعًا عظيمًا للفرد والأمة، وهذا الأمر من التواصي بالحق والصبر ومن التعاون على البر والتقوى؛ فقد قال -تعالى-: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. وقال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}.
ولقد أعد الله -عز وجل- لصاحب القرآن منزلة عظيمة يوم القيامة، فقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتقِ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» (رواه الترمذي). فهذا الحديث يوضح أن خدمة القرآن ليست مقتصرة على الدنيا فقط، بل تمتد آثارها إلى الآخرة.
ومن أهم ميزات خدمة القرآن الكريم أنها سبب في مضاعفة الأجر. ففي الحديث الشريف، قال – صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها» (رواه الترمذي).
وهنيئا لمن يعتني بالقرآن الكريم؛ ففي الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» (رواه مسلم). وهذا يدل على أن من يخدم القرآن الكريم في الدنيا سيحظى بشفاعته يوم القيامة.
وخدمة القرآن الكريم تسهم في بناء شخصية المسلم؛ حيث يصبح القرآن مرجعه في جميع شؤونه. فالمسلم الذي يخدم القرآن يجد في آياته الهداية والإرشاد، مما يعين على الالتزام بالقيم والمبادئ الإسلامية في حياته اليومية. كما أن القرآن الكريم يملأ قلب المؤمن بالنور والطمأنينة ويجعله بعيدًا عن التشتت والضياع.
إن خدمة القرآن الكريم فضلا عن أنها عبادة تقرب العبد إلى الله، هي سبب في بث الأمن والطمأنينة في المجتمع بفضل بركة القرآن الكريم؛ لذلك، يجب على كل مسلم أن يسعى لخدمة القرآن الكريم بكل الوسائل المتاحة له، لينال الفضل الكبير الذي أعده الله -عز وجل- لأهل القرآن.
لاتوجد تعليقات