رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
24 مارس, 2025 0 تعليق

.. وتستمر الطاعات !

شهر رمضان شهر تُفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبواب النيران، وهو شهر الطاعات والقربات، ولا يعني ذلك أن يقتصر المسلم على المسارعة بالحسنات في ذلك الشهر فقط، بل ينبغي للعبد المؤمن أن يستمر في العبادات والطاعات بعد رمضان؛ لأن العبادة هي الغاية من خلق الإنسان، كما قال الله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)، وقال -سبحانه في الحث على استمرار العبادة وإتقانها-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر: 99)؛ فالعبادة لله والامتثال لأوامره ينبغي أن تستمر حتى الموت.

ولا شك أن ذلك من علامات القبول لصيام المسلم في رمضان، فعبادة المسلم ليست موسمية وليست مقتصرة على الجمعات ورمضان وذي الحجة، وقد أوضح لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»؛ فإن الاستمرار في الطاعات، حتى لو كانت قليلة، أفضل عند الله من العمل الكثير المنقطع.

ومن ذلك أيضا الاستمرار في الصيام بعد رمضان، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر» (رواه مسلم)، ومثال ذلك أيضا الصيام في غير رمضان، مثل صيام الأيام البيض (13، 14، 15 من كل شهر).

وكذلك الاستمرار في قيام الليل ما بعد رمضان امتثالا لقوله -تعالى-: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (الإسراء: 79).

وكذلك الاستمرار في قراءة القرآن؛ لما لها من الفضل العظيم كما في قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} (فاطر: 29).

وكذلك الاستمرار في الذكر والدعاء تلبية لنداء الحق -عز وجل-: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} (البقرة:152)، والذكر من أسهل العبادات التي يمكن أن يستمر فيها المسلم في كل وقت وحين.

وكذلك الاستمرار في الصدقة والإحسان؛ لما لها من الأجر العظيم والثواب الجزيل في الدنيا والآخرة، وذلك مصداقا لقوله -تعالى-: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (آل عمران: 92).

والمسلم مأمور بالمحافظة على الصلوات الخمس كما قال -تعالى-: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (البقرة: 238)، فلا ينبغي أن يحرص المسلم على ذلك في رمضان ثم يغفل عنها في باقي أيام السنة.

ويتوّج ذلك كله الاستمرار في الاستغفار والتوبة وحسن الدعاء؛ فباب التوبة والاستجابة مفتوح في رمضان وغيره من الشهور كما قال -تعالى-: {ادعوني أستجب لكم}، وقوله -سبحانه-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور: 31).

فليحرص المسلم على الاستمرار في الطاعات بعد رمضان، وليجعل حياته كلها عبادة لله -تعالى-، حتى يفوز برضوان الله وجنته، وخلاصة ذلك كله كما في قوله -تعالى-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (القصص: 77).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X