خمسة وستون عاما على النكبة.. تحفر في الذاكرة!!
فلسطين مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأولى القبلتين، ومهبط الوحي، ورسالات الأنبياء والرسل، عليهم السلام، فتحها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وحررها صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، ثم عاود الصهاينة احتلالها في الخامس عشر من شهر مايو لسنة 1948، بمساعدة من بريطانيا، ثم أمريكا، ومازالت تعيش فلسطين أسيرة محتلة، وسيأتي اليوم الذي تتحرر فيها من أيدي الباغين الظلمة المغتصبين.
فلسطين في قلب كل مسلم، نرى أحوالها، ونرى إيذاء الصهاينة لأهلها من احتلال المسجد الأقصى، والمناطق المجاورة له، وتغيير ملامحها، ظانين أنهم بعملهم هذا بأنها ستنسى، فقد منعوا إعادة بناء المسجد الأقصى المبارك، وحفروا تحته، واعتقدوا أنه سيسقط، ومنعوا من هو دون الخمسين سنة من الصلاة فيه، ومنعوا سكان الأقصى من ترميم بيوتهم، أو إعادة بنائها، وضايقوهم حتى احتلوا أغلب المنازل، والأسواق المحيطة، وحرقوا المسجد الأقصى، وأدخلوا جيوشهم، ومجموعات من الصهاينة إليه، وقاموا باستفزاز المسلمين، وزعموا أن هناك هيكلا لابد أن يبنى مكان الأقصى.
الأقصى اليوم بعد مرور خمسة وستين عاما، يعيش في أسوأ ظروفه، وأحواله، في محنة وطن يستباح، وقصة شعب محروم من أبسط حقوقه، مع دولة مغتصبة، تعيش في حماية الأمم المتحدة، وتمردت على كل القوانين، ولم تنفذ كل القرارات التي صدرت ضدهم من ذي قبل.
لقد طغى الصهاينة، وتمادوا في جورهم وظلمهم، بل سمحوا لأبناء جلدتهم ودينهم في العالم ليتوافدوا من شتى الأقطار، بينما يعيش اللاجئون الفلسطينيون في الداخل في ذل، وحصار، وسجن، لم يسبق له مثيل.
لقد قتل الصهاينة أكثر من مليون فلسطيني، وسجنوا مثلهم، وشردوا قرابة خمسة ملايين يعيشون في أسوأ الظروف، ومازال السجناء من الأطفال والنساء يعيشون في حالة يرثى لها، دون تدخل من منظمات إنسانية، أو دول ترفع شعارات الحرية والسلم والمعاملة الإنسانية. يعيش الفلسطينيون في نزيف دم، وبات المشروع الصهيوني قائماً على قدم وساق، في غياب واضح لدور إسلامي، أو عربي، وخلافات فلسطينية ليس لها مثيل، من أجل البقاء في الزعامة.
لقد خطط الصهانية، وعبر بلفور عام 1917م لإنشاء جيش يهودي، ومنظمات الهاجانة، والأرجون، وأشتان، وتسليحها، وتدريبها، ودعم تجمع اليهود على أرض فلسطين، والقضاء على كل نبض فلسطيني يرفض الصهاينة، فاغتالوا العشرات، وجردوا الشعب من السلاح للدفاع عن نفسه.
ومازالت الأسلحة تتوافد إلى فلسطين المحتلة للمحتل الصهيوني، من قبل أمريكا، وبريطانيا، ودول أخرى، فضلاً عن إضعاف الدول المجاورة لها، حتى تعيش ما يسمى بـ(إسرائيل) في علو وشموخ وكبرياء، وتحميها الدول المجاروة لها.
ورغم كل ما حدث من الصهاينة، إلا أن الدول العربية فتحت علاقات دبلوماسية، واقتصادية، وعسكرية وسياسية، وطبية، وتعليمية معها، وألغت كل القيود المفروضة على الصهاينة، رغم أنهم لم يقدموا أي التزامات تجاه الشعب الفلسطيني، ومنذ أن غادر المندوب البريطاني القدس 14 مايو 1948، وإعلان بن جوريون إقامة دولة إسرائيل المزعومة، وبعد 11 دقيقة من خطابه أعلن الرئيس الأميركي (هاري ترومان) اعترافه بدولة إسرائيل.
والجيوش العربية وقتها لم تتجاوز 34 ألفا، والجيش الصهيوني المسلح من قبل الغرب، وصل تعداده إلى 70 ألف مقاتل وقت الإعلان.
اليهود قاتلوا الأنبياء، وحاولوا قتل رسولنا [ أكثر من مرة، وهم أهل غدر وخيانة ونقض للعهود والمواثيق؛ فاحتلوا الديار، وخربوا، ودمروا، وصادروا الأموال والأراضي والممتلكات، وحتى أهل البادية في صحراء النقب طردوهم، مع أنهم رحل.
للأسف إن كل الحروب التي دخلتها دولنا العربية مع الصهاينة كانت خاسرة، والسبب فقدان الإخلاص، ووحدة الصف والكلمة والجهاد لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وعدم إعداد العدة والعدد، وظهرت خيانات متكررة.
فقاموا في عام 1978 بتوقيع كامب ديفيد لاستلام الأراضي مقابل السلام، وكذبوا، ثم قاموا بمفاوضات مباشرة 1991 في مدريد، وكذبوا، ثم اتفاق أوسلو 1993، ولم يستلم الفلسطينيون إلا الكلام، والبهرجة الإعلامية، ثم في عام 2005 أعلنت الحكومة الصهيونية إنهاء الحكم العسكري في قطاع غزة.
كل الشعوب العربية تريد إرجاع فلسطين إلى أهلها، وعاصمتها القدس، وعلى يقين بأن وعد الله حق، مهما فعلوا من نسيان، أو تناسوا القضية، ونحن نقرأ في صلاتنا: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)} (الإسراء: 1).
ونعلم بأن الصهاينة لايقاتلون إلا في قرى محصنة، أو من وراء جدر، وبينهم خلافات كبيرة، وفيهم الجبن، والخور، قال سبحانه {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }(النساء: 141) وقال تعالى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ }(النور: 55).
لاتوجد تعليقات