رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 16 سبتمبر، 2021 0 تعليق

شرح كتاب النكاح من صحيح مسلم – خَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ

 

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَال: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ؛ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا؛ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ»، الحديث أخرجه مسلم في الرضاع (2/1090) باب: خير متاع الدنيا المرأة الصالحة. قوله: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ» المَتاعُ ما يَنتفِعُ بهِ الإنسانُ ويَستمتِعُ، وقوله: «وخيرُ مَتاعِ الدُّنيا؛ المرأةُ الصَّالِحةُ»، أي: وخيرُ مَتاعِ الدُّنيا للرَّجُلِ الصالح: المَرأةُ الصالحة صاحِبةُ الدِّينِ، التي يَفرَح بالنَّظرِ إلَيها، وبطاعتِها له، وهي عفيفةٌ تحفَظ نفسَها وبيتها وأسرتها إذا غابَ عنها، وأَمينةٌ تحفَظُ مالَه؛ فهذا قوامُ المرأةِ الصَّالِحَةِ، ورواه ابن ماجة (1855) ولفظه: «إِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعٌ، ولَيْسَ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا شَيْءٌ؛ أَفْضَلَ مِنْ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ».

صِفات المرأة الصَّالحة

     وفي صِفاتِ المرأة الصَّالحة؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخْبِركم بنِسائكم مِنْ أهلِ الجنَّة: الودُود الولُود، العَؤُود على زوجها، التي إذا آذتْ أو أُوذِيت، جاءت حتى تأخذَ بيد زوجها، ثم تقول: والله لا أذوق غَمْضًا حتى تَرْضى». أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9094)، وفي شعب الإيمان (8358)، والطبراني في المعجم الكبير (307)، وحسَّنه الألباني في الجامع (2604)، وهي المقصودة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرَّته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته».

من أسباب السعادة

     وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «منْ سَعادةِ ابنِ آدم: المَرأة الصَّالحة، والمَسْكن الصَّالح، والمركب الصالح». رواه أحمد بإسناد صحيح، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبْرك بخيرِ ما يكتَنزُ المَرء؟ المرأةُ الصَّالحة؛ إذا نَظر إليها سَرَّته، وإذا أمرَها أطاعته، وإذا غابَ عنها حَفِظته». رواه أبو داود والحاكم، وقال: حديث صحيح الإسناد، يعني: إذا نظر إلى أحْوالها وكيف تقضي وقتها، وكيف تطيع ربَّها وتتقرَّب إلى الله -تعالى-، وبحُسن تبعُّلها لزوجها، وبقوامته عليها، فكلّما رأى شيئاً من أحْوالها، دخل عليه السرور والبهجة بها.

تعينه على طاعة ربه

     وهي تعينه على طاعة ربِّه -جل وعلا-، مدبرة مقتصدة في بيتها، وهي السَّكن الذي يسكن إليه الزوج، وجسدها هو المتعة واللذة على وجه الحقيقة، يسعد بها إذا نظر إليها، وشاهَد أحوالها، ويتمتع بها عندما يسمع حديثها أو عند مداعبتها، هذه هي المرأة المشار إليها بالبنان، وهي الكَنز الذي وصفه سيد الأنام - صلى الله عليه وسلم .

     وكذلك حُسن تبعُّل المرأة لزوجها، ومعاشرتها له بما يرضي الله تعالى، وحفظ غيبته جزاؤه عند الله تعالى الرضا في الدنيا والآخرة، وأنْ تختار مِنْ أبواب الجنة ما تشاء، وأنْ تنْعم بنعيمها الذي لا ينفد أبدًا، وفي حديث عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلت المرأة خمسها، وصَامت شَهْرها، وحَفِظتْ فرجها، وأطاعتْ زوجها قيل لها ادْخلي الجنة من أيِّ الأبواب شئت». رواه الإمام أحمد، وفي حديث آخر روته أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أيُّما امرأة ماتتْ وزوجُها عنْها راض، دخلت الجنّة». رواه الترمذي ( 1161) وابن ماجة (1854).

الزوجة والذُّريَّة الصّالحة

     والله -عز وجل- ذكر في كتابه أنَّ مِن دُعاء عباد الرحمن: الحصول على الزوجة والذُّريَّة الصّالحة، التي تقرُّ بها عينه، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: 74)، قال الطبري: يقول -تعالى ذكره-: والذين يرغبون إلى الله في دعائهم ومسألتهم، بأنْ يقولوا: ربنا هبْ لنا منْ أزواجنا وذرياتنا ما تقرُّ به أعيننا، مِنْ أنْ تريناهم يعملون بطاعتك. انتهى

     وقال ابن كثير: وقوله -تعالى-: {والذين يقولون ربنا هبْ لنا منْ أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} يعني: الذين يسألون اللّه أنْ يخرج من أصلابهم من ذرياتهم من يطيعه، ويعبده وحده لا شريك له، قال ابن عباس: يعنون من يعمل بطاعة اللّه، فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة. قال عكرمة: لم يريدوا بذلك صَباحة ولا جمالاً، ولكنْ أرادوا أنْ يكونوا مطيعين.

وسئل الحسن البصري عن هذه الآية فقال: أن يرى اللّه العبد المسلم من زوجته ومن أخيه ومن حميمه طاعة اللّه، لا واللّه لا شيءَ أقرّ لعين المسلم مِنْ أنْ يرى ولداً، أو ولد ولد، أو أخاً أو حميماً مطيعاً للّه -عزَّ وجلَّ.

وقال ابن أسلم: يعني يسألون اللّه -تعالى- لأزواجهم وذرياتهم أن يهديهم للإسلام، وقوله -تعالى-: {واجعلنا للمتقين إماما} قال ابن عباس والحسن والسدي: أئمة يقتدى بنا في الخير، وقال غيرهم: هداة مهتدين دعاة إلى الخير. انتهى

ولهذا ثبت في صحيح مسلم: عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ماتَ ابنُ آدم انقطع عمله إلا منْ ثلاثٍ: ولدٍ صالح يدعو له، أو علمٍ يُنْتفع به من بعده، أو صدقةٍ جارية».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك