سوف تتجاوز الأمة تحدياتها بالتأكيد
يتساءل بعض الناس بقلق: هل يمكن لأمتنا الإسلامية البقاء وتجاوز المؤامرات والمصائب الخارجية التي تتكاثر علينا والانحرافات الداخلية التي تتوالد بسرعة مؤخرا؟.
والجواب باختصار من وجوه:
حالة ليست فريدة
- أولا: إن هذه الحالة الصعبة اليوم ليست فريدة من نوعها أو كونها أول مرة تتعرض لها أمتنا، بل لقد مر في تاريخنا العظيم العديد من هذه المؤامرات منذ العهد النبوي، ولاسيما في المرحلة المدنية، فقد تعاون مرارا المنافقون من الداخل مع الأعداء من الخارج ضد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، سواء في انسلاخ ابن سلول بثلث الجيش في أحد، أو استماتة ابن سلول في إنقاذ يهود بني قينقاع برغم خيانتهم وغدرهم بالمسلمين أو يوم الأحزاب حين انسحب المنافقون بحجة حماية منازلهم!
المرتدون
وعقب وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم - ارتد كثير من الناس خارج المدينة، وادّعى بعضهم النبوة وتحرك المنافقون في المدينة، لكن الصدّيق - رضي الله عنه - تصدى لذلك وقاد الصحابة لبر الأمان بإنفاذ جيش أسامة بن زيد للشام وإرسال الجيوش لمقاتلة المرتدين.
فتنة القرامطة
ثم عرفت أمتنا أزمات كثيرة منها استيلاء القرامطة على مكة وتعطيل الحج سنة ٣١٧هـ وسرقة الحجر الأسود لأكثر من ٢٠ سنة!
احتلال الصليبيين لبيت المقدس
وفي ٤٩٢هـ احتُل بيت المقدس من قبل الحملة الصليبية الأولى التي كانت فاتحة لعدة حملات صليبية لاحقة.
هجمة التتار
في عام ٦١٧ هـ جاءت هجمة التتار الأولى المدمرة، وبعدها في سنة ٦٥٦ هـ جاءت الهجمة الثانية على يد المغول فأسقطوا بغداد -عاصمة الخلافة العباسية- بالتعاون مع الوزير ابن العلقمي.
حال الأندلس
وفي هذا السياق لا يغيب عنا مشهد تضعضع حال الأندلس وتوالي سقوط المدن حتى فقدنا الأندلس بكاملها سنة ٨٩٧ هـ بسقوط مدينة غرناطة، وبعد ذلك بدأت مرحلة احتلال بلاد الإسلام؛ فالبرتغال احتلت إندونيسيا سنة ٩٢٨هـ، ثم تحررت غالبية الدول الإسلامية من الاحتلال الخارجي باستثناء فلسطين التي لا تزال محتلة من قبل اليهود.
إذًا أمتنا تجاوزت الكثير من الأزمات والتحديات، وبعضها كان أشد صعوبة ممّا تواجهه أمتنا اليوم وكانت مدتها أطول.
أمور مبشرة
- ثانيا: برغم تكالب المؤامرات والمصائب في حاضرنا إلا أن هناك الكثير من الأمور المفرحة والإيجابية، بل والانتصارات والإنجازات، فلماذا ندع الصورة السلبية تطغى على كامل المشهد خلافا للواقع والحقيقة.
قهر إرادة الأمة
فبرغم كل الظلم والقهر والعدوان المستمر فإن أعداء الأمة عاجزون عن قهر إرادتها، ولا يزال الجهاد والمقاومة والمدافعة قائمة في فلسطين وبورما وسوريا وكل مكان، فضلا عمّا يلحق بالأعداء من مصائب وخسائر، قال -تعالى-: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون} (النساء: ١٠٤).
إقبال المسلمين على دينهم
وبرغم كل محاولات صد المسلمين عن دينهم ومحاصرة مداخل الدعوة الإسلامية فإن إقبال المسلمين على دينهم في تصاعد، بل إن إقبال غير المسلمين على الدخول في الإسلام يتصاعد تصاعدا واضحا ومتزايدا؛ ولذلك يلجأ الأعداء لبثّ دعوات تحريف الدين بين المسلمين.
قوة المسلمين في نمو
ولا تزال قوة المسلمين في نمو، وإن كانت لم تصل للحد المطلوب، لكن المسلمين اليوم من أكثر الأمم عددا، ونسبة الشباب فيهم عالية، وعلاقاتهم الاجتماعية أفضل بكثير من غيرهم من الأمم، وتمتاز بلادهم بالخيرات ومقومات الثروة، والتعليم والمعرفة، وهذا كله يرصده الأعداء أفضل منا، وبناءً عليه يبادرون لإحباط تنامي هذه المقومات للقوة، عبر محاولة فرض مواثيق دولية تهدم روابطهم الاجتماعية بمحاربة الزواج والعفاف وتحريف مناهجهم التعليمية، ونهب ثرواتهم من المعادن، وتعطيل حركة تقدمهم وتطورهم عبر ترسيخ نهج الاستهلاك بدلا من الصناعة والإنتاج.
الوعد بالنصر والتمكين
- ثالثا: إن أمتنا المسلمة موعودة بالنصر والتمكين في نصوص شرعية صحيحة ونبوءات نبوية صادقة، ومن ذلك قوله -تبارك وتعالى-: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} (التوبة: ٣٣)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله زوى (أي جمع و ضم) لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها» رواه مسلم.
الاطمئنان بنصر الله
فلذلك يجب أن تطمئن قلوبنا بنصر الله -عز وجل- القادم، وأن ننشغل بكيفية المساهمة في هذا النصر عبر التزام نهج أهل السنة بضبط أصول المعرفة الشرعية والواقعية من خلال الحرص على تنقية مصادر تلقي الدين، واعتماد القرآن الكريم والسنة الصحيحة فيه، واتباع المنهجية السنية السليمة في التعامل معهما، واعتماد العقل والحواس في معرفة الواقع بطريقة صحيحة، والحرص على تعزيز قوة الإسلام ووحدة المسلمين على السنة.
لاتوجد تعليقات