رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سعيد محمود 16 فبراير، 2015 0 تعليق

سفينة الوطن وسبل الخروج من الأزمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- ماضينا وتاريخنا أعظم وأشرف تاريخ «أخرجنا البشرية من الضلال إلى الهدى»: قال الله -تعالى-: {هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم } (الحديد:9).

- أجدادنا حملوا النور إلى العالمين: قال ربعي بن عامر -رضي الله عنه -: «الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة»، وقال الخليفة هارون الرشيد -رحمه الله- مخاطبًا السحابة: «أمطري حيث شئتِ؛ فسوف يأتيني خراجك».

- واقعنا وحاضرنا: «مؤلم وحزين - دموع وأنين - نزاع وانقسام - تخوين وتحريض - إقصاء واستعداء - تكفير وتفجير - ظلم واستبداد - جراح في سائر الجسد الإسلامي»، قال الله -تعالى-: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى:30)، وقال: (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} (الحج:18)، وقال: {إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون} (يونس:44)، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

- تحطمت سفن كثيرة للمسلمين: «العراق - سوريا - ليبيا - لبنان - اليمن - السودان»، ولا تزال «سفينة مصر» قلب المسلمين النابض تصارع «أمواج الفتن» التي تهدد السفينة بمن فيها!

- تنبيه: تقوم فكرة الموعظة على مثال تشبيهي للوطن، وهو السفينة التي تحوي أهلها المتنازعين وسط الرياح والعواصف التي ستكون سببًا في غرق السفينة؛ إن لم يصل أهلها إلى حل لتنازعهم، وإخراج السفينة من منطقة الخطر.

سُبُل الخروج من الأزمة

- أولاً: الكف والتوقف عن النزاع والصراع وتوابعه، والسعي في الإصلاح:

- الاختلاف والنزاع والصراع ضعف وضياع: قال الله -تعالى-: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال:46).

- إصرار بعضهم على إغراق السفينة كبر وإفساد: قال الله -تعالى-: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد* وإذا قيل له اتق الله أخذته العزه بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} (البقرة:205-206}.

- انتهاك بعضهم لحرمة الدماء والأموال «تكفير وتفجير - إفساد وخراب»: قال الله -تعالى-: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (المائدة:32)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» (متفق عليه).

- الاعتداء على الدين وثوابته ومؤسساته وحملته بزعم حرية الرأي انحراف، ويسبب انحرافـًا دينيًّا بتكفير المؤسسات، والاعتداء على الحرمات عند بعضهم: قال الله -تعالى-: { قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } (التوبة:64-65).

- توسيع دائرة البطش بالخصوم ظلم وإفساد واستبداد: قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (المائدة:8)، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (متفق عليه)، وقال -تعالى-: { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} (النساء:58).

- التصالح والإصلاح قوة وخير: قال الله -تعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات:10)، وقال -تعالى-: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (النساء:128)، وقال -تعالى-: { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} (البقرة:178).

ثانيًا: أن يتحمل الجميع مسؤولية الإنقاذ:

- الدفع بالمتاح إلى الإمام لا إلى الوراء «صخور»، ولا إلى جهة الأعداء «بالاستعداء»: قال الله -تعالى-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2)، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} (الممتحنة:1).

- الدفع مِن الكل وليس مِن فئة دون فئة «الحاكم والمحكوم - الوزير والغفير - القوى والضعيف»: قال -صلى الله عليه وسلم -: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (متفق عليه)، «وكان -صلى الله عليه وسلم - يحفر الخندق، ويربط الحجرين على بطنه».

ثالثًا: الانتباه لمحاولات القراصنة «اليهود - الغرب- الشيعة»:

- الشيعة واكتمال هلال الحصار البحري للسعودية ومصر: قال الله -تعالى-: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} (المنافقون:4).

- اليهود واستثمار كل حدث في الأرض لصالحهم: قال الله -تعالى-: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ } (المائدة:82)، وقال: {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (البقرة:105).

- الغرب والربيع «عربيًّا فقط» ثم توجيه الربيع وتحويله خريفـًا بالفوضى الخلاقة، وتغذية نار الفرقة بين كل الأطراف، وتصوير الدين على أنه سبب النكبات: قال الله -تعالى-: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } (البقرة:217).

- لماذا (بلاد الربيع) تمتلئ بالسلاح والمخدارت والفضائيات المحرضة والمخربة؟ قال الله -تعالى-: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} (النساء:89).

رابعًا: الاعتبار بغيرنا:

- كثرة السفن الغارقة والمتعثرة مِن حولنا «العراق - سوريا - ليبيا - لبنان - اليمن - السودان»: قال الله -تعالى-: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} (الحشر:2)، وقال: {قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين} (الأنعام:11).

- وجوب تعلـُّم القواعد الشرعية «المصالح والمفاسد - اختيار أخف الضررين»: قال الله -تعالى-: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} (البقرة:173).

- عراق (صدام) خير مِن عراق التقسيم وتسلط الشعوبية، ويمن (صالح) خير من يمن الحوثيين والفوضى والتقسيم: قال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: «سلطان غشوم خير مِن فتنة تدوم»، وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «قال بعض العقلاء: ستون سنة من سلطان ظالم خير من ليلة واحدة بلا سلطان» «تمنى أكثر الناس أيام مبارك!».

خامسًا: التضرع إلى الله:

- كان المشركون يتضرعون عند الشدائد: قال الله -تعالى-: {افإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين } (العنكبوت:65).

- فأين تضرع المسلمين؟ «وحال كثير منهم تنكر للدين وتعلق بالمخلوقين!»: قال الله -تعالى-: {فلولا إذ جائهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون } (الأنعام:43).

- لا بد أن يكون شعار السفينة «يا الله»: قال الله -تعالى-: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلا ما تذكرون} (النمل:62).

- التوبة شرط لتغيير الواقع الأليم: قال الله -تعالى-: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } (الرعد:11)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاً لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).

- الاستقامة على الدين شرط لصلاح الدنيا: قال الله -تعالى-: {وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءاً غدقا} (الجن:16).

- تعظيم الدين سبب السعادة والعز والتمكين: قال الله -تعالى-: {لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون } (الأنبياء:10).

- التمرد على الدين سبب البلاء وتسلط الأعداء: قال الله -تعالى-: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى} (طه:124).

- حاجتنا إلى الشرع والدين أعظم من حاجتنا إلى الطعام والشراب: قال الله -تعالى-: { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون} (الأنفال:24).

فاللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين مِن شر الأشرار، وكيد الفجار.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X