
العلي الأعلى المتعال
- مرة أخرى أذكر أن الأسماء الحسنى -وإن تقاربت في الأحرف- تختلف في المعنى، ولكل اسم من الأسماء الحسنى معنى جديد عن الاسم الآخر.
هكذا بدأ الحديث في لقاء الثلاثاء القصير بين العشاءين.
- من هذه الأسماء (العلي) و(الأعلى) و(المتعال)، أما اسم الله (العلي) فقد ورد في كتاب الله ثماني مرات، واسم الله (الأعلى) ورد مرتين في كتاب الله، واسم الله (المتعال) ورد مرة واحدة في كتاب الله.
ويمكننا معرف الفرق بين هذه الأسماء الثلاثة بقراءة التفسير والمعاني في كتب اللغة والمعاجم، وتدبر ما اقترن بها من الأسماء الحسنى الأخرى.
كان الحضور منصتين لقصر الوقت رغم أن مكان الاجتماع كان في بيت مجاور للمسجد.
- هذه الأسماء الثلاثة تدل على (العلو)، فهو سبحانه (العلي) في ذاته وقدره، (الأعلى) في شأنه، و(المتعال) بقهره، و(الأعلى) في اللغة أفعل تفضيل، فهو سبحانه (الأعلى) من كل شيء ففيه مقارنة بكل ذي علو؛ فإن الله هو (الأعلى) على الإطلاق، (والمتعالي) اسم فاعل من (تعالى)، فهو (متعال)، وهو أبلغ صيغة في (العلو) المطلق دون مقارنة بشيء ولا أحد، وكما يقال: (زيادة المبنى دليل على زيادة المعنى)، قاطعني أحدهم.
- أعلم أن الوقت قصير ولكن آمل أن تبسط لنا هذه العبارة حتى نفهم الدرس فهما صحيحا.
- لك ذاك يا (أبا ناصر)، (المتعال) زادت فيه الأحراف عن (العلي) و(الأعلى)، زدنا (الميم) و(التاء)، وهذه هي زيادة المبنى، أي زيادة أحرف في الكلمة، أدت إلى زيادة المعنى فهو سبحانه (المتعال) مطلقا عن كل نقص وعن الشريك وعن كل ما لا يليق به سبحانه، وهذا الترتيب مثلما قلنا في أسماء الله -سبحانه- (القادر) و(القدير) و(المقتدر).
- وما الأسماء التي اقترن بها (العلي) و(الأعلى) و(المتعال)؟
- (العلي) اقترن بـ(الحكيم) فهو -سبحانه- (العلي الحكيم)، واقترن بـ(العظيم) فهو -سبحانه- (العلي العظيم)، واقترن بـ(الكبير) فهو -سبحانه- (العلي الكبير).
أما المتعال فقد اقترن بـ(الكبير) فقط، ولكن أتى بعده، فهو -سبحانه- (الكبير المتعال)، تدبروا الترتيب هو (العلي الكبير) و(الكبير المتعال)، فالاسم الذي يحمل أعظم معاني العلو هو (المتعال) ولذلك أتى آخرا في الترتيب!
- وماذا عن اسم الله (الأعلى)؟!
- ورد الاسم في قوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى}(الأعلى: 1)، وفي التفسير سبح الله -عز وجل- ونزهه بذكر اسمه (الأعلى)؛ فنقول: {سبحان ربي الأعلى}، تفضيلا على كل شيء وتنزيها عن كل نقص وكل ما لا يليق به، والآية الأخرى، { وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى} (الليل:17-20)، فهو سبحانه الرب الأعلى، ولاحظ أن الأعلى في الآيتين اقترب بـ(الرب)، (ربي الأعلى) (ربه الأعلى)، فهو -عز وجل- أعلى من كل شيء سواه، وفي آية (الليل)، نال أجر الإنفاق؛ لأنه أخلص العطاء لربه الأعلى، لم يكن رياء ولا سمعة، ولا نية له سوى رضا ربه الأعلى.
- كلام جميل، يجعل المرء يعيد قراءة القرآن، ويتوقف عند الأسماء الحسنى ليتدبر جمالها وكمالها وعظمتها بمعرفة معانيها، فيزداد معرفة بالله وإقبالا على الله بطريقة صحيحة.
لاتوجد تعليقات