رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: forqan 18 ديسمبر، 2012 0 تعليق

النظام السوري في أيامه الأخيرة..وهنا خطورة الموقف

  لم تعرف البشرية في تاريخها القديم أو الحديث، نظاماً ملكياً أو امبراطوريًا أو فرعونيًا، فضلاً عن أن يكون جمهوريًا، يقوم على مثلث: «وحدة، حرية، اشتراكية»، يوغل في قتل شعبه وإبادة بناه العمرانية والتحتية قصفًا بمدفعية الدبابات والطائرات، فضلاً عن تدمير الأبنية والمنازل فوق رؤوس ساكنيها، وجلّهم من الأطفال والنساء، لمدة تزيد على عشرين شهرًا، ويبقى إعلامه يردد أنه نظام مقاومة وممانعة، وأنه يتعرض لمؤامرة خارجية، وأن شعبه ما زال متمسكاً به ومؤيداً له.

     لقد صبر الشعب السوري طويلاً؛ لأن نظامه الحاكم مارس ضده كل أشكال القمع ومصادرة الحريات والإبادة الفكرية والسياسية؛ لذلك ستدعي إعادة البنية الحزبية والسياسية مراحل طويلة ريثما يتشكل «المجلس الوطني السوري» أو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة»، وهذا ما جرى إنجازه خلال الشهور العشرين الماضية، وبالتالي فإنه يمكن القول بأن القضية السورية نضجت بما يكفي لتسجيل الضربة القاضية باتجاه النظام، بعدما يئست القوى الداعمة له من إمكانية خروجه من الأزمة، وتبيّن للقوى الإقليمية والدولية أن هذه المأساة لم يعد يحتملها الضمير العالمي ولا أي ميزان لحقوق الإنسان، ومن هنا فإن مجموعة عوامل ومؤشرات باتت تؤكد أن الأزمة بلغت أيامها (أو شهورها) الأخيرة، وهذه أبرز مؤشرات ذلك:

- لقد فقد النظام معظم رصيده في مختلف المدن والأرياف السورية، وباتت مراكزه الأمنية وحواجزه العسكرية وحدها التي يسيطر عليها، فضلاً عن ملايين النازحين داخل الأراضي السورية ومئات ألوف المشردين في الأقطار المجاورة، كل هؤلاء ضد النظام.

- بلغت الانشقاقات المدنية والعسكرية والدبلوماسية ذروتها بخروج عدد كبير من ذوي الرتب العالية إلى الأراضي التركية والأردنية، فضلاً عن انشقاق رئيس وزراء النظام (رياض حجاب)، والناطق باسمه (جهاد مقدسي).

- استعمال سلاح المدرّعات وسلاح الجو، وإسقاط عدد كبير من الطائرات يدل على عدم قدرة قوات الأمن والشبيحة وسلاح المشاة على مواجهة الثائرين.

- يأس القوى الإقليمية والدولية من إمكانية تماسك النظام، سواء في ذلك الموقف الروسي أم الإيراني، وعلى الرغم من أن إيران سوف تتابع دعمها للنظام حتى النفس الأخير، ولكنها باتت تلهث من أجل عقد أي لقاء مع قوى المعارضة، وقد عقدت منذ وقت لقاء في طهران للقوى السياسية السورية، لكنها لم تجد من بين المشاركين اسمًا واحدًا تعلنه وتفاخر به، أما الموقف الروسي فيعبّر عن حرص الرئيس بوتين على التواصل مع القيادة التركية القريبة من أجواء المعارضة، والجلسات الحميمة التي ضمت الرئيس التركي إلى الرئيس أردوغان، في محاولة للوصول إلى مخرج يحفظ ماء الوجه للقيادة الروسية، وقد عبّر وزير خارجية روسيا عن ذلك بتأكيده على ضرورة الوصول إلى مخرج «مشرّف» من الأزمة.

- اللقاء الذي عقده وزير الخارجية السعودي (سعود الفيصل) مع رئيس الائتلاف الوطني الشيخ أحمد معاذ الخطيب في الرياض، وحديث الأمير سعود عن «عملية الانتقال السياسي للسلطة للحفاظ على سوريا موحدة أرضاً وشعباً..»، مما يشكل أول اعتراف سعودي رسمي بالثورة.

- الحديث الأميركي المتكرر عن استخدام النظام أسلحة كيماوية في المواجهة القائمة، رغم أن النظام أعلن أكثر من مرة أن هذا النوع من الأسلحة هو في حماية الجيش النظامي، وأنه لن يستعمله إلا في مواجهة عدوان خارجي، وهذا يؤشر إلى أن الإدارة الأميركية تفتش عن ذريعة تسوّغ بها تدخلها العسكري، ففضلاً عن الموافقة على نشر بطاريات صواريخ باتريوت على الحدود التركية مع سوريا، فإن هذا يعيد إلى الذاكرة استخدام امتلاك نظام صدام حسين عام 2003 أسلحة الدمار الشامل كمبرر لغزو العراق.. مع أن هذا السلاح لم يكن موجوداً.

     رغم كل ما سبق من مؤشرات توحي بأن الدوائر الغربية باتت على وشك توجيه ضربة قاضية إلى النظام، فإن هذا يلقي على كاهل القوى السورية (الإسلامية والوطنية) مسؤولية تاريخية، في ألا تكون أداة في أي مشروع أميركي، حتى لو كان المشروع يرمي إلى إسقاط النظام في  سوريا، وقد سبق لقوى وطنية عراقية أن مارست هذا الدور، وعادت إلى العراق خلف الدبابات الأمريكية، لكن هذا الدور لم يكن مشرفًا، والتاريخ لم يغفر لها ذلك.. فهل تعي قوى الثورة السورية خطورة الموقف؟!

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك