رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 7 يناير، 2014 0 تعليق

وثيقة مشبوهة تهدد بتمزيق اليمن وتفكيك وحدته- علماء اليمن يرفضون وثيقة (بن عمر)

 

حالة من الانقسام الشديد تسود الأوساط السياسية في اليمن بعد تقديم وثيقة حل القضية الجنوبية التي تمخضت عن مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، وأقرت مبدأ الدولة الاتحادية الفيدرالية، وانقسمت الأوساط اليمنية بين مؤيد ومعارض؛ حيث وقعت قوى سياسية تشارك في لجنة منبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني على الوثيقة في حين رفضت التوقيع قوى أخرى.

فقد أعلنت ثلاثة أحزاب بارزة رفضها القبول بالوثيقة، هي الاشتراكي اليمني والتنظيم الناصري والمؤتمر الشعبي، الذي يرأسه الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، في مقابل قوى أخرى اصطفت إلى جانب الرئيس عبد ربه منصور هادي بينها حزب التجمع اليمني للإصلاح في تأييد الوثيقة.

غير أن الرافضين للوثيقة ليسوا على سواء، ففي حين رفضتها أحزاب بصورة مطلقة، اختلفت قوى أخرى بشأن عدد الأقاليم المقترحة بين إقليمين اثنين وأكثر.

     ويتصدر الرافضين بصورة مطلقة حزب المؤتمر الشعبي الذي اتهم الموقعين على الوثيقة بالخيانة، وعد أنها «تؤصل للانفصال، وشن هجوما لاذعًا على القيادي البارز بالحزب عبد الكريم الإرياني، وتبرأ من توقيعه على الوثيقة التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر.

     وتعد الوثيقة أهم مخرجات الحوار الوطني الشامل لكونها الركيزة الأساس للإصلاح الشامل في البلاد، وتنص الوثيقة على هيكل جديد للدولة اليمنية بإقامة «دولة ذات صفة اتحادية ديمقراطية تتكون من أقاليم عدة».

     ولم تحسم الوثيقة عدد الأقاليم، لكنها أسندت الأمر للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رئيس مؤتمر الحوار الوطني. وبحسب الوثيقة يشكل الرئيس اليمني لجنة برئاسته لتحديد عدد الأقاليم على أن تدرس خيار 6 أقاليم (4 في الشمال و2 في الجنوب) أو خيار إقليمين، أو أي خيار بينهما يحقق التوافق، على أن يكون أيضا قرار هذه اللجنة «نافذا»، ولتحقيق صفة الاتحادية يصاغ دستور جديد للبلاد، ويتضمن نصوصا واضحة تحقق السلطات والمسؤوليات.

تمزيق اليمن وتفكيك وحدته

     وفي هذا السياق قال المستشار الإعلامي لعلي عبد الله صالح أحمد الصوفي إن حزب المؤتمر يتمسك تمسكا مطلقا بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، لكنه يرفض الوثيقة التي اعتبر أنها «تعيد تقسيم اليمن إلى دويلات وتغرقه في صراع طويل الأمد».

     وعد بيان صدر عن اجتماع ضم قيادات الحزب، أنه يعد وثيقة بن عمر ومضامينها بأنها ستسهم في تمزيق اليمن وتفكيك وحدته وإثارة النعرات والصراعات المستقبلية، وأكد الحزب على ضرورة استمرار المؤتمر الشعبي العام في مواقفه الرافضة لأي مساس بالوحدة اليمنية أو خروج عن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، من جانبه أكد الحراك الجنوبي “ المطالب بالانفصال: رفضه الكلي للوثيقة ، وإن مسألة إقامة دولة اتحادية يمكن أن يبحث عقب الاستقلال لا قبله.

     ويرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني نبيل الصوفي بأنه لا قيمة للوثيقة وهي مقترحات وجمل إنشائية، لا أكثر، وأضاف لوكالة (شينخوا) نحن ننتظر مخرجات الحوار الوطني لتتحول إلى مواد دستورية، دون هذه الأمور لا قيمة لأي كلام يقال إلا من حيث إنه لغة سياسية للنقاش العام.

علماء اليمن يرفضون الوثيقة

كما أكد علماء اليمن رفضهم لما جاء في الوثيقة في بيان جاء فيه:

     الوثيقة المقدمة من جمال بن عمر, التي أحدثت ردود أفعال واستياءً شعبياً واسعاً, وجدلاً سياسياً كبيراً؛ وذلك لتضمنها أموراً خطيرة تمس عقيدة الشعب اليمني وشريعته ووحدته وأمنه واستقراره، وقياماً بواجب البيان الشرعي الذي أوجبه الله على العلماء، فإن علماء اليمن يتوجهون ببيانهم هذا لأبناء اليمن حكومة وشعباً, الذي يأتي ضمن بياناتهم المتتابعة في الشأن اليمني, ومنها ما يتعلق بالحوار الوطني؛ حيث أكدوا في تلك البيانات على أن تكون الشريعة الإسلامية هي المرجعية العليا للحوار وضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته وأمنه واستقراره, وضمان حق الشعب في اختيار ممثليه في الحوار لكي يحقق أهدافه بمخرجاته السليمة التي توصل البلاد إلى بر الأمان.

وأما بخصوص وثيقة جمال بن عمر التي أُعلنت أخيراً فإن علماء اليمن يبينون ما يلي:

- تمثل هذه الوثيقة انتهاكاً لسيادة الشريعة الإسلامية؛ حيث جعلت المواثيق والاتفاقيات الدولية هي المرجعية العليا لصياغة الدستور وما يبنى عليه من قوانين بدلاً عن الشريعة الإسلامية, ورهنت شرعية الدولة اليمنية التي تقوم على هذه الوثيقة بكل مكوناتها بمدى التزامها بهذه القوانين والاتفاقيات التي تصادم في كثير من مقرراتها عقيدتنا وشريعتنا الإسلامية, كما تعطل هذه الوثيقة الدستور النافذ الذي يقرر أن الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات, وتتجاوز ميثاق الأمم المتحدة الذي يقرر أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة دولا حرة مستقلة ذات سيادة، وهي متساوية في هذه الحقوق ولا يجوز الاعتداء على سيادتها من أي دولة عضو أو من مجلس الأمن أو من أي هيئة تابعة للأمم المتحدة أو ممثل لها تحت أي ذريعة كانت, وبهذا تكون الوثيقة التي قدمها المبعوث الأممي جمال بن عمر قد خالفت مبادئ الأمم المتحدة فصادرت حق الشعب اليمني في اختيار أسلوب حياته وفق الشريعة التي يعتقدها ويؤمن بها, وهذا الانتهاك لسيادة الشريعة مما لا يجوز لأي مسلم أن يقبله.

- تضمنت الوثيقة بنوداً تفتت اليمن إلى دويلات صغيرة؛ بتقسيمها إلى مركز وأقاليم وولايات وتجعل لكل إقليم وولاية سلطات مستقلة تشريعية وتنفيذية وقضائية على أسس مناطقية وطائفية, وتُقنن الانفصال تحت مسمى حق الشعب في تقرير مكانته السياسية وفق ما ينص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية, والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذان ينصان على حق الشعوب في تقرير مصيرها وهو ما أكدته الفقرة (189) من تقرير فريق الحقوق والحريات بمؤتمر الحوار الوطني, فضلا عن ما تؤكده المادة (50) من العهد المدني للحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أن أحكام هذا العهد تنطبق دون أي قيد أو استثناء على جميع الوحدات التي تتشكل منها الدول الاتحادية.

- احتوت الوثيقة على أسس تعمق الهيمنة الأجنبية وتضع البلاد تحت الوصاية الدولية؛ بدعوة الهيئات الدولية إلى الاستمرار في مراقبة مخرجات الحوار الوطني, ودعم تنفيذها لضمان تطبيقها بإشراف دولي, وهذا إلزام للشعب اليمني بتبني دعوة الدول والأمم للتدخل في شؤونه واستمرار الوصاية عليه, وهذا الذي يرفضه الشعب اليمني ويأباه.

- تسهيل التسلط على ثروات الشعب ونهبها عن طريق انفراد الشركات الأجنبية بإبرام عقود الاستكشاف والتطوير لثروات البلاد, مع الولايات المنتجة مباشرة, وفرض سياسية الأمر الواقع على الحكومة في الإقليم وعلى الحكومة المركزية في البلاد التي إن رفضت ما أبرمته السلطة التنفيذية في الولاية من اتفاق مع الشركات الأجنبية دخلت في مواجهة مع الدولة الطامعة التي من حقها أن تأتي بجيشها لحماية مصالحها؛ مما يجعل دور الحكومة في الإقليم والحكومة المركزية في البلاد دوراً ثانوياً وتابعاً لما تقرره السلطة التنفيذية في الولاية مع الشركات الأجنبية ودولها.

- مصادرة إرادة الشعب اليمني وحريته في اختيار حكامه ومن يمثله ومصادرة حق الأغلبية تحت مسمى (الديمقراطية التشاركية), الذي يجعل قرار الأغلبية مرهونا بموافقة الأقلية فتحرم الشعوب من حقها في تبني ما تريد من القرارات والسياسات والخطط والبرامج, كما يزرع النزاع على الدوام بين الأقلية والأكثرية وعدم استقرار الأوضاع. ولأجل ذلك كله فإن علماء اليمن يدعون إلى ما يلي:

- رفض هذه الوثيقة وعدم الاعتراف بها ودعوة جميع الأطراف إلى عدم التعاطي معها.

- دعوة رئيس الجمهورية ومجلس النواب والحكومة إلى تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم والوفاء بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم وأقسموا على التمسك بالكتاب والسنة والحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره, والحفاظ على مؤسسات الدولة.

- مطالبة المكونات السياسية والشعبية والاجتماعية بتغليب المصلحة العامة للبلاد والحفاظ على دين الأمة ووحدتها.

- الحفاظ على الدولة اليمنية الموحدة في إطار الحكم المحلي كامل الصلاحيات؛ الذي يمكن الوحدات الإدارية من القيام بصلاحياتها والاستفادة من مواردها بما يحقق الرخاء لها وللشعب اليمني.

- الحفاظ على وحدة المؤسسة الأمنية والعسكرية واستقلال السلطة القضائية وتجنيبها الصراعات والتقاسمات الحزبية والمناطقية والطائفية.

- تؤكد الهيئة رفضها لكل مخالفة شرعية وردت في أي تقرير من تقارير فرق العمل في الحوار الوطني.
وختاماً وفي ظل هذه الظروف المدلهمة ندعو جميع أبناء اليمن إلى حسن الصلة بالله والحفاظ على دينهم ووحدتهم وأمنهم واستقرارهم, والقيام بواجب البيان والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة. سائلين الله تعالى أن يجنب البلاد الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظ لنا ديننا ووحدتنا وأمننا واستقرارنا. والحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين,,,

صادر عن هيئة علماء اليمن

 السبت الموافق 25/2/1435هـ.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك