رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إيمان الوكيل 18 مارس، 2014 0 تعليق

مفاهيم غائبة عن حياتنا الأسرية(4) القبـــــــــــــول



يدفع عدم القبول بين الزوجين إلى شعور كل من الزوجين بالإحباط والاكتئاب نتيجة عدم إمكانية التفاهم

 

 الأسرة هي المؤسسة الأولى المسؤولة عن إعداد الطفل ليكون عنصراً صالحاً فعّالاً في المجتمع، ولكن لا تخلو أي أسرة من وجود مشكلات عديدة لسبب أو لآخر وبدرجات متفاوتة, وقد تؤدي هذه المشكلات إلى تفكك الأسرة وانفراط عقدها، ولكن إذا تم تشخيص الداء، سهل وصف الدواء؛ لذا كان لابد من التعرض لبعض المفاهيم التي غابت عن حياتنا الأسرية التي على أساسها تبنى العلاقات السوية وتستمر، ونتناول ذلك في سلسلة أسبوعية نحاول من خلالها تسليط الضوء باختصار على كل مفهوم لعله يكون طوق نجاة لكثير من الأسر التي غابت عنها هذه المفاهيم، ونتناول اليوم أحد هذه المفاهيم وهو (القبول).

     (القبول) اللبنة الأولى في بناء أي أسرة تظللها المحبة والسكينة والاحترام، فهو الرضا النفسي بالآخر، ويعد من أهم مقومات النجاح في الحياة الزوجية؛ لأنه ينشأ من فهم كل طرف لطبيعة الآخر فينتج عنه ترابط متين في الأسرة، فعنصر القبول مهم جدًا لنجاح أي زواج، وعامل مساعد للاستمرار والانسجام بين الرجل والمرأة؛ ذلك لأنه ينشأ عنه انسجام ومحبة وثقة واحترام وإخلاص، وهذه الركائز مهمة جدًا لسير الحياة الزوجية ونشوء السكينة والاستقرار اللذين هما أسباب النجاح في الحياة الزوجية واستمرارها حتى النهاية، كما أن القبول يخلق أسرة قوية متماسكة أساسها قبول كل طرف لشريكه كما هو، ولولاه لن تكون هناك أُسرة ولن يكون هناك زواج ناجح .

تقبل الطرف الآخر كما هو

من المبادئ الأساسية في العلاج النفسي أن نتقبل المريض كما هو، وفي حياتنا هناك بعض الأشخاص علينا أن نتقبلهم كما هم، ثم نفكر بعد ذلك كيف سنتعامل معهم ومن هؤلاء: الأبناء والأزواج والآباء والأمهات.

     فأنا مثلاً بوصفي أما لابد أن أتقبل ابني كما هو ثم أتعامل بعد ذلك مع الأخطاء والتصرفات التي تزعجني منه، وأنا بوصفي زوجة عليَّ أن أتقبل زوجي كما هو ما دمت قد وافقت على الزواج منه، وقررت الاستمرار في هذا الزواج، ثم بعد ذلك أفكر كيف أتعامل معه ومع التصرفات التي تزعجني منه، ثم نلتقي على أرضية مشتركة، ونتفق على مجموعة من الاتفاقات التي نتوصل إليها سويًا لتستمر الحياة في استقرار.

الفرق بين القبول والموافقة:

     القبول يعني التعامل مع الشخص كما هو عليه دون معاقبته أو موافقته على سلوكه؛ أي احترام إنسانية الإنسان وكرامته عندما أتعامل معه وهذا جزء من القبول؛ فقبول الإنسان في حد ذاته يعكس الشعور بالحب والرعاية، ولكن القبول لا يعني الموافقة، فالقبول يحمل معنى تقبل الآخر وليس شرطًا أن أكون موافقة على سلوكه وتصرفاته.

كيف ينشأ عدم القبول

 عدم القبول بين الزوجين حالة نفسية، يشعر بها أحد الزوجين أو كلاهما بمشاعر سلبية تجاه الطرف الآخر؛ بما يؤدي إلى عدم إمكانية التواصل العقلي والنفسي والجسمي بينهما، وينفرد كل منهما بحياة عقلية ونفسية خاصة، فيستمر الزواج شكلا، وينتهي مضموناً.

مظاهر عدم القبول

و لعدم القبول بين الزوجين مظاهر تدل عليه، وبعضها قد يكون أسبق في الظهور من بعض، كما أن بعضها قد يكون أكثر ضررًا من البعض الآخر، وتلك السمات هي:

- شيوع الصمت في جلسات الزوجين معًا.

- صعوبة التفاهم بين الزوجين في الصغيرة والكبيرة، وعدم الترحيب بالحوار مع الطرف الآخر.

- الشعور بغربة كل طرف عن الطرف الآخر.

- تباعد المسافات النفسية والعقلية والسلوكية بين الزوجين تدريجيًا.

- عدم الرضا عن أفكار الطرف الآخر وتصرفاته تماما.

- الشعور بعدم تقبل الطرف الآخر نفسيًا، وصعوبة تخيل تقبله زوجا.

- رفض محاولات التودد والتقرب من الطرف الآخر.

- شيوع روح النقد الشديد للطرف الآخر.

- الشعور بصدود وعزوف غير معروف السبب عن التعامل مع الآخر.

- إذا ما تعامل مع زوجه ، يكون عبوسًا، أو مكفهر الوجه، أو جامد الملامح، أو زائغ النظرات، أو خجولا، أما إذا تعامل مع الآخرين أصبح خفيف الدم، حلو الحديث.

- ندرة التعبير عن المشاعر الطيبة، وندرة التلامس الجسدي بينهما.

أسباب عدم القبول بين الزوجين

- سوء الاختيار من البداية، فقد يتم الاختيار منذ البداية بناء على بعض المقومات الخطأ التي تفي بمتطلبات الحياة الزوجية، ولا تؤدي إلى التفاهم الصحيح بين الزوجين، أو قد يتم الاختيار بناء على أحد المقومات التي لا تكفي وحدها لاستمرار العلاقة الزوجية.

- تسرب الملل والفتور إلى العلاقة الزوجية دون اهتمام الزوجين بالقضاء عليهما منذ ظهورهما في حياتهما الزوجية.

- عدم اعتماد الزوجين مبدأ المصارحة بينهما ، وتجنب المناقشات التي تتناول تحليل المشكلات التي يتعرض لها الزوجان، وتجنب فتح الموضوعات التي تحتاج إلى الصراحة في معالجتها، وتعتمد على الوضوح في طرحها، مما يؤدي إلى إقامة حاجز بينهما ، ويظل ذلك الحاجز يزداد سمكه بزيادة عدم الصراحة في التعامل .

- اختلاف الميول والاهتمامات المشتركة بين الزوجين، وقد يرجع ذلك إلى اختلاف المستوى الثقافي الذي يؤدي بدوره إلى اختلاف طرائق التفكير وأساليبه؛ مما يجعل التفاهم بين الزوجين عملية صعبة ومعقدة ، وبالتالي يصير الاختلاف بينهما على كل صغير وكبير فينشأ عدم القبول بينهما .

- العنف المتبادل بين الزوجين :  فالعنف سواء كان من قبل الزوج تجاه زوجته، أم كان موجهًا من الزوجة لزوجها، فإنه يثير مشاعر في غاية السوء بين الزوجين، أهمها النفور القوي وعدم القبول بين الزوجين، الذي يقوم بدوره بتدمير العلاقة بينهما.

آثار عدم القبول على استقرار الأسرة

 تتلخص المضار التي تصيب الأسرة والأبناء نتيجة وجود عدم القبول فيما يلي:

- عدم القبول إن استمر بين الزوجين يتسبب في التفكك الأسري ، فتجد كلا من الزوجين مشغول بنفسه ، ومهموم بمعاناته من زوجه ، وبالتالي فهو مشغول باستمرار عن الأبناء.

- قد يتسبب عدم القبول بين الزوجين إلى وضع الأطفال في ظروف اجتماعية ونفسية وتربوية غاية في الصعوبة ، فيظل الأطفال يعانون الإحباط والصراع ، مما يعوق نموهم الاجتماعي والانفعالي والخلقي ، وقد يصيرون عرضة للاضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية المختلفة.

- يدفع عدم القبول بين الزوجين إلى شعور كل من الزوجين بالإحباط والاكتئاب نتيجة عدم إمكانية التفاهم، وعدم قبول شريكه ، وصعوبة إدارة المنزل ، والشعور أيضا بالدونية نتيجة المقارنة بينهم وبين من هم أقل منهم في الإمكانات الشخصية والمادية وحتى الجسدية.

الحلول المقترحة

- اعتماد مبدأ الصراحة والمكاشفة والشفافية وكل المعاني والأساليب والطرائق التي تؤدي إلى الوضوح بين الزوجين في أثناء التفاهم بينهما، فإنه لا يلجأ إلى المداراة والمناورة إلا المخطئ الذي ينوي التغطية على الأخطاء التي يقوم بها.

- التوقف بحسم عند أول مشكلة أراد الزوجان حلها معًا ثم لم يجد كل منهما نفسه مستعدًا للتنازل عن رأيه أو التنازل عن بعض ما يحب، فالتعامل بمرونة مع المشكلات، وتبادل الآراء الجادة، مع تقديم كل ما يستطيعه أحدهما من تنازلات، هو الطريق الأفضل والأولى لقبول كل طرف لشريكه .

- التجديد والتغيير للحياة الزوجية، ودفع رتابتها، وعدم السماح للصمت بسيادة الموقف، هو الإجراء الأول الذي يتم اتخاذه درءا للمخاطر المترتبة على عدم قبول الطرفين كل منهما للآخر.

ومن الأمور المهمة بين الزوجين التي يجب أن يضعاها في الاعتبار:

- أن يتقبل كل طرف شريك حياته كما هو .

- عدم انتقاد الطرف الآخر باستمرار.

- عدم البحث عن نقاط الضعف والتعيير بالأخطاء .

- لابد من التفريق بين الذات والسلوك أي بين الفعل والفاعل .

- التغاضي عن أخطاء الطرف الآخر والتركيز على الإيجابيات دون السلبيات.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك