رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. فهد بن صبح 20 مايو، 2025 0 تعليق

محاضرات منتدى تراث الرمضاني الخامس … أعلا م وقدوات أثروا في تاريخ الأمة .. الشيخ: عبدالعزيز الرشيد

ألقاها: د. فهد بن صبح الرشيدي

تحت شعار: (أعلام وقدوات أثروا في تاريخ الأمة)، أطلق «قطاع العلاقات الإعلام والتدريب» بجمعية إحياء التراث الإسلامي (منتدى تراث الرمضاني الخامس) الذي بدأت فعالياته يوم الاثنين 3 رمضان 1446هـ، الموافق 3 مارس 2025م، واشتمل المنتدى لهذا العام على العديد من المحاضرات التي يلقيها مشايخ من داخل الكويت وخارجها، وذلك عبر البث المباشر (زووم), ويأتي منتدى هذا العام ليسلط الضوء على جهود العلماء والأئمة الأعلام في حفظ الدين ونشره، مع بيان أثرهم في توجيه الأمة نحو الصراط المستقيم، هؤلاء الأعلام الذين وقفوا سدًّا منيعًا في وجه التحريف والبدع، فبيّنوا للناس أصول الدين، ودعوا إلى التمسك بالكتاب والسنة، مجتهدين في تعليم الأحكام، وبيان الحلال والحرام، ونشر قيم الإسلام السمحة.

محاضرات منتدى تراث الرمضاني الخامس ... أعلام وقدوات أثروا في تاريخ الأمة ... الشيخ: عبدالعزيز الرشيد -رحمه الله-

المحاضرة   8

  •  أصل الشيخ عبدالعزيز الرشيد من الزلفي من نجد وقد انتقل والده إلى الكويت وولد فيها عام 1305هـ الموافق 1887م
  •  أنشأ الرشيد مجلة الكويت عام 1927م وجريدة التوحيد في مارس 1933م وواصل مسيرته الصحافية فكان له دور إيجابي في رفع الثقافة للشعوب العربية
  •  كان الرشيد علامة بارزة ومميزة ورافدا مهما من روافد الحركة الثقافية الكويتية والخليجية وهذا يتضح معناه من خلال إسهاماته المتعددة في العديد من المجالات
  •  لما بلغ الرشيد 15 عامًا سافر إلى الزبير وهي بمثابة أكبر الجامعات في وقتها وتلقب بالشام الصغرى
  •  أول الإصلاح الذي اعتنى به الرشيد هو الإصلاح الديني من حيث تطهير الدين من الشوائب والخرافات التي شوهت جماله وابتعدت به عن الطريق القويم
  •  في عام 1921م سعى الرشيد لتنفيذ فكرة رائدة لإنشاء مدرسة الأحمدية وهذه ثاني مدرسة في الكويت وسميت الأحمدية تيمنا باسم حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح رحمه الله
  •  يعد الرشيد من المصلحين الكبار على المستوى الديني والدعوي ويتضح ذلك من خلال آثاره والثناء العاطر عليه من معاصريه

اليوم نتكلم عن شخصية قد تكون غير معروفة لدى بعض الناس، وبفضل الله -عز وجل- فقد درست هذه الشخصية وأجريت حولها بحوثا بحكم التخصص؛ لأن له مساسا قويا في تخصصي وهو الشيخ عبدالعزيز بن أحمد الرشيد البداح المؤرخ الكويتي الشهير.

مولده ونشأته

        أصل الشيخ عبدالعزيز الرشيد من الزلفي من نجد، وقد انتقل والده إلى الكويت، وولد فيها عام 1305هـ الموافق 1887م، عندما بلغ السادسة من العمر أخذه والده إلى الشيخ زكريا الأنصاري الذي كانت له حينذاك كتاتيب لتعليم مبادي القراءة وقراءة القرآن والكتابة والحساب، وبعد سنتين أتم الرشيد حفظ القرآن الكريم كاملا، ومن الملاحظ على الفتى أنه كان كثير الاطلاع والقراءة في الصغر، ثم انضم الرشيد بعدما شب إلى مدرسة العلامة عبدالله الخلف الدحيان، وتعد هذه المدرسة من أشهر المدارس آنذاك في الكويت إن لم تكن أشهرها؛ حيث كان رائدها العلامة عبدالله خلف الدحيان على جانب كبير من التقوى والعدل وهو مشهور عمن يشتغلون بالفقه الحنبلي.

رحيله إلى الزبير

       لما بلغ الرشيد 15 عامًا سافر إلى الزبير، وهي بمثابة أكبر الجامعات في وقتها، وتلقب بالشام الصغرى، والتحق بمدرسة الزهير في الزبير عام 1902م وكان الأستاذ المربي عبدالله العوجان أحد كبار العلماء يدرس فيها العلوم مع مادة الفقه الحنبلي، ثم عاد الرشيد الكويت عام 1903م وتزوج.

رحيله إلى الأحساء

        وبعد أشهر من زواجه، كرر الرحلة مرة أخرى لمواصلة الدراسة؛ فيمَّمَ شطره إلى الأحساء؛ حيث العالم عبدالله بن عبدالقادر المشهور بعلمه وكرمة ونبل أخلاقه، وهناك جالس العلماء والأدباء والشعراء، واطلع على البيئة العلمية وأحوال الأحساء، ثم عاد أدراجه إلى الكويت مرة أخرى، وتذكر بعض المصادر رجوع الشيخ عبدالعزيز الرشيد مرة أخرى بعد مدة قصيرة إلى الأحساء ليستكمل الدراسة ثم عاد إلى الكويت، وفي عام 1911م حاول أن يرحل الشيخ إلى بغداد وكان والده قد عارض سفره هذه المرة رغبة منه أن يساعده في تكاليف الحياة؛ فتدخل الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان وقال للوالد: إن هذا الولد قد خلق للعلم فقنع الوالد وترك الشيخ عبدالعزيز وشأنه.

رحيله إلى بغداد ومصر

       ارتحل الشيخ عبدالعزيز إلى بغداد والتحق بالمدرسة الداودية؛ حيث كان أحد أساتذتها العلامة الشهير علامة العراق السيد محمود شكري الألوسي الذي كان موسوعة علمية كبيرة، وفي بغداد ألف الشيخ رسالته المشهورة (تحذير المسلمين من اتباع غير سبيل المؤمنين)، وحصل له نوع شهرة في الأوساط العلمية، وتشير بعض المصادر إلى أنه رحل من بغداد إلى الأستانة ثم إلى مصر في عام 1913م، ثم أدى مناسك الحج وحصل له من هذا الترحال التعرف على الأوضاع العلمية والاطلاع على معالم الحياة الثقافية وأحوال التيارات الفكرية والعلمية في تلك العواصم، وحصل له أيضًا التعرف على شخصيات وقامات ثقافية كبيرة مثل السيد محمد رشيد رضا، والزعيم التونسي عبدالعزيز الثعالبي، وعبدالقادر المغربي، وعالم الأزهر السيد محمد الخضر حسين، والعلامة شكيب أرسلان، وفي أثناء طريق العودة إلى الكويت مكث عاما في المدينة المنورة، ورغب أهلها فيه لحسن خلقه وسعة علمه، وكان يواصل التعليم الذاتي عن طريق المراسلة والقراءة ومراسلة العلماء، مثل مراسلة العلامة عبدالقادر البدران في الشام، والعلامة جمال الدين القاسمي، والعلامة ابن عزوز التونسي، والعلامة محمد بن بهجة البيطار وهم أشهر علماء العصر في ذلك الزمان، وشملت مراسلاته بعض الأدباء والشعراء الذين كان لهم شهرة كبيرة في ذاك الزمن، هذه النشأة للشيخ عبدالعزيز الرشيد والعوامل البيئية التي مر بها وتلك الاتجاهات الإصلاحية التي قام بها، تعطي دلالة واضحة للباحثين على أنه علامة بارزة ومميزة ورافد مهم من روافد الحركة الثقافية الكويتية والخليجية، وهذا يتضح معناه من خلال الإسهامات العلمية، نحن طبعا مررنا مرورا سريعا على حياة الشيخ والبيئة التي نشأ فيها والأحوال السياسية التي كانت في زمنه.

أهم إسهامات الرشيد

        يمكن القول بأن شخصية الرشيد الثقافية اكتسبت أهميتها من الحراك الفكري الذي أحدثه في قلب الثقافة الكويتية، فليس غريبًا أن تكونَ له اليدُ الطولى وقصبُ السَّبق في قيادة الحركة الثقافية على مستوى الخليج العربي؛ فآثاره تدل عليه، وما شهد به معاصروه ومن جاء بعدهم يدلُّ على أن الشيخ عبدالعزيز أصبح وسماً على أديم الزمان، والآن نذكر أهم إسهامات الرشيد التي صنعت منه هذا الاسم:

حفظ التاريخ

        ألف الرشيد كتاب (تاريخ الكويت) وهو كتاب معروف، وقد اتبع أسلوبا في الكتابة لم يكن معهودًا في زمنه، وكان في غاية الجهد من التحري وجمع الروايات الشفوية، ومهما يكن فله السبق وكل من جاء بعده عيال عليه في التاريخ.

إسهاماته في الصحافة

       كانت الصحافة بعيدة عن الخليج العربي؛ حيث كانت في الشام ومصر لكن في دول الخليج كان هذا الأمر ضعيفا، ومع ذلك عزم الشيخ على إصدار مجلة في الكويت، وسعى إلى ذلك بالطرق الرسمية وتمت الموافقة من تلك الجهات على إصدار مجلة تصدر من الكويت تحمل اسم بلد المنشأ بلد الكويت/ مجلة الكويت، صدرت في 10 نوفمبر عام 1927م، فكان عنده فكر صحفي مبكر، وتطبع في المطبعة العربية في مصر وتصل بالبريد البحري إلى الكويت، واستمر صدورها إلى مارس 1930م، وقد تعثرت أيضا محاولات في إصدار مجلة جديدة اسمها الصباح، لكن لم يكتب لها الولادة، وبذلك يكون الشيخ عبدالعزيز الرشيد رائد الصحافة في الكويت والخليج العربي.

        ويدل على شرف الرشيد في الصحافة أنه لم يقتصر نشاطه على هذا، بل أعاد إصدار مجلة الكويت في الخارج حينما استقر في إندونيسيا، وأصدرها تحت مجلة الكويت والعراقي في سبتمبر1931م؛ لأنه قد شاركه التحرير شخصية عراقية في المهجر وهو الساحر العراقي المشهور يونس بحري؛ ولذلك سماها (الكويت والعراقي) نسبة إلى هذا الرجل، واستمرت حتى يونيو 1932م، ثم أنشأ جريدة اسمها التوحيد في مارس 1933م وواصل مسيرته الصحافية فكان له دور إيجابي في رفع الثقافة للشعوب العربية حتى سبتمبر 1933م، استمرت تقريبا 10 أو 11 عددا، وبذلك توقف نشاط الشيخ عبدالعزيز الصحفي.

إسهاماته في مجال التعليم

        ونشاط الشيخ عبدالعزيز الصحفي أيضًا تبعه ووازاه نشاطه في التعليم، فالرحلات العلمية التي طاف بها الشيخ عبدالعزيز الرشيد كثيرا من العواصم التي تعد حاضرة العالم العربي والإسلامي، والاطلاع الواسع على المجلات والجرائد التي كانت تصدر لتلك العواصم (العراق/ دمشق/ الأستانة/ مصر/ الحجاز) فهذه تعد في ذلك الزمن حواضر العلم وجامعاته، وطبعا في هذه العواصم هناك تطورات علمية في تلك البلدان التي زارها واجتماعه بالعديد من زعماء الإصلاح في العالم العربي والإسلامي التي ذكرنا أسماءهم؛ فكل ذلك أثر في تكوينه الشخصي؛ فصار نتيجة حتمية لهذا التطور الفكري الذي عاشه الشيخ وأراد منه واقعا ملموسا ينهض بالتعليم.

تأثره بالمدرسة السلفية

        ولا شك أن الشيخ تأثر جدا بمحمد رشيد رضا فكلهم ينتمون للمدرسة السلفية وأرسلان وابن عزوز وغيرهم من العلماء، كالقاسمي وابن بدر والألوسي فكلهم في هذا الزمن تواكبوا مع بداية تأسيس عبدالعزيز للدولة السعودية، فكانوا خير عون خارجي له، بدؤوا يكتبون له الصحافة، فمنهم من يكتب من إندونيسيا ويناصر الملك عبدالعزيز كالغالب بن بدران، وأيضا محمد رشيد رضا، ولا ننسى مصر والشام أيضا وأهل الهند، فكلهم كانوا متحمسين لقيام مثل هذه الدولة التي تقوم على أساس سلفي؛ فنهضوا فعلا في ذلك الوقت، وكانوا دعاية قوية للملك عبدالعزيز وحموا الدين.

إدارته لمدرسة المباركية

         أصبح الرشيد مدرسًا ثم مديرا لمدرسة المباركية عام 1917م إلى عام 1919م، وهذه المدرسة المباركية بالمناسبة احتفلوا بها قبل مدة بمرور 100 عام على إنشائها، فهي أنشئت 1911م، وتعد من المدارس النظامية على النظام الحديث في الوقت المبكر هذا، وقد أنشئت بالتعاون مع المحسنين وتجار الكويت والتعاون من أفراد السلطة الحاكمة، وأنشئت مدرسة جديدة مع الكويتيين في الخارج؛ فأرادوا أن ينشئوا مدارس على النمط الحديث مع وجود الكتاتيب، لكن هذه فكرة مبكرة جدا، ثم انضم الشيخ إلى المدرسة العامرية وقد أقامها عبدالملك بن صالح وهو معروف وشخصية مشهورة أقاموها عام 1919م، نفذ الشيخ عبدالعزيز المنهجية وتطوير المنهج الدراسي من لغة أجنبية وغيرها، والشيخ في ذلك الوقت كان طالب علم حنبلي سلفي، يأتي بأفكار زائدة على المجتمع؛ لذلك حصل نوع من المقاومة، لكن كان علّامة الكويت عبدالله خلف الدحيان يناصر الشيخ الرشيد في هذا التطور.

فكرة المدرسة الأحمدية

        وفي عام 1921م كان الشيخ عبدالعزيز صاحب الفكرة الرائدة للمدرسة الجديدة الأحمدية، وهذه ثاني مدرسة، وسميت الأحمدية تيمنا باسم حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح -رحمه الله-، وأيضًا المباركية سميت كذلك تيمنا باسم الشيخ مبارك الكبير، هذه الأحمدية التي يطمح من خلالها الشيخ رشيد تنفيذ خطته الإصلاحية للتعليم وإدخال منهاج دراسي جديد وفق المعايير الحديثة تشتمل على تعليم اللغات وتعليم الجغرافيا والهندسة.

علاقته بالملك عبدالعزيز -رحمه الله-

وعندما انتدبه الملك عبدالعزيز، صارت علاقة بينه وبين الملك عبدالعزيز، وأُعجب كل منهما بالآخر؛ فالشيخ رأى فيه السلفي صاحب المعتقد الذي عنده تطور، ولديه اطلاع اكتسبه من خلال تلك الرحلات، وبالفعل الرحلات صارت تشكل ظاهرة حتى أن د.فتوح الخترش كتب بحثا منشورا اسمه (ظاهرة التنقل في حياة الشيخ عبدالعزيز الرشيد) وبالفعل الملك عبدالعزيز رأى فيه الشخصية السلفية التي تصلح أن تكون بالخارج فانتدبه الملك عبدالعزيز إلى إندونيسيا داعيةً إلى التوحيد، وانتقل الشيخ عبدالعزيز إلى مهجره، وعُين مديرًا لمركز الإرشاد في أندونيسيا فتحقق للشيخ ما كان يرجوه من إدخال إصلاحات على التعليم لرفع مستوى الأمة، وخلد التاريخ إسهامات الشيخ الرشيد في تطوير التعليم النظامي بالكويت ولله الحمد، وهذا باختصار شديد جدا من حيث الجانب التاريخي والتعليمي، وإلا فقد نشرت بحثا عن شخصيته اسمه (الفكر التربوي عند الشيخ عبدالعزيز الرشيد) وهناك أيضًا بحث (الأمن الفكري عند الشيخ عبدالعزيز الرشيد وتطبيقاته التربوية) ولعل الله أن ييسر وينشر عن قريب.

إسهاماته الدعوية

        إسهامات الشيخ عبدالعزيز الرشيد في الدعوة وهذا مهم جدا؛ حتى نسلط الضوء عليه، ونفهم من تلك الشخصية الدعوية السلفية؟ فهو دائمًا يكتب في مؤلفاته «الشيخ عبدالعزيز الرشيد الحنبلي الكويتي السلفي، حتى قبره في إندونيسيا ذُكر أنه مكتوب عليه ذلك ليؤكد هذا المعنى، فالرشيد لم يتسور المحراب في العلوم الدينية، بل هو نتاج المدرسة الحنبلية السلفية الكويتية وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.

من المصلحين الكبار

         يعد الشيخ عبدالعزيز الرشيد من المصلحين الكبار على المستوى الديني والدعوي، ويتضح ذلك من خلال آثاره ومن خلال الثناء العاطر عليه من معاصريه، قال الملك عبدالعزيز آل سعود: «نحن نقدر لكم إخلاصكم وسعيكم في سبيل الإسلام والذود عن حياض المسلمين»، وقال عنه الشيخ أحمد الجبالي وهو أحد علماء الأزهر قال عن الشيخ رشيد: «هو علم من أعلام الفضل وهو عالمٌ جليل يجمع بين الذكاء والإنصاف»، وقد ذكر هذا في مجلة (نور الإسلام)، وأيضًا أثنى عليه رئيس القضاة في الحجاز العلامة عبدالله بن حسن آل الشيخ وقال: «لا عجب أن من كان مثل حضرتكم في حسن المعتقد وصدق الغيرة الدينية وسعة الاطلاع وبراعة التحرير وسلامة الذوق وحسن الاختيار، لا يستغرب منه إصدار مثل هذه المجلة «يقصد مجلة الكويت والعراقي»، وقال عنه زميله في المدرسة المباركية أحد المشايخ المشهورين اسمه صالح العثيمين قال: «وحيد عصره وفريد دهره في كثرة العلوم وسعة الاطلاع».

الإصلاح الديني

          وأول الإصلاح الذي اعتنى به الشيخ عبدالعزيز هو الإصلاح الديني من؛ حيث تطهير الدين من الشوائب والخرافات التي شوهت جماله وابتعدت به عن الطريق القويم، سواء على المستوى التعبدي من البدع والخرافات أم على المستوى الأخلاقي أم على المستوى الفكري، مؤكدا أنه ليس بوسع الخلق أن يعيشوا بلا دينٍ في دارٍ ملؤها الأطماع والشهوات، وتظهر مرجعية رشيد السلفية الواسعة في تدوين تاريخ الكويت، فنجد في تدوين تاريخ الكويت تظهر شخصية الشيخ عبدالعزيز الرشيد؛ فقد سلط الضوء على النشاط الديني في الكويت مثلا، وقام بعملية إحصاء لمساجد الكويت وجوامعها، وسعى جاهدًا في تحديد تاريخ البناء والأقدمية، ووصف هذه المساجد وعمارها من المحسنين وذكر مكوناتها وأوقافها وذكر أن في المساجد بئرًا يعتقد فيها العامة الشفاء.

مجلة التوحيد ووضوح منهجه

           وقد ظهر الاتجاه السلفي عند الشيخ في بداية حياته العلمية، وصار أكثر وضوحًا مع تقدم العمر، وقد كرس حياته في نشر هذا المنهج في مؤلفاته ومقالاته وخطبه، وقد ظهر هذا الاتجاه جليا عندما التقى بالملك عبدالعزيز آل سعود وكلفه بالسفر إلى إندونيسيا داعيةً للمنهج السلفي، وقد أشار -رحمه الله- في مقدمة العدد الأول لمجلة التوحيد في الصفحة الأولى؛ حيث قال: «هذه صحيفة التوحيد، أقدمها للقراء وستعنى بالرد على هجمات الملحدين ممن يدعي الإسلام وليس هو منه في شيء، كالقاديانية ونحوها ممن شوهو محاسن الدين بعقائدهم وبدعهم، وسنحاكم الكل إلى كتاب الله -عزوجل- وسنة رسوله -[- وما درج عليه السلف الصالح» وفي هذا الإعلان بيان هذا التوجه السلفي الصافي كما ذكره أيضا في مجلة الكويتي والعراقي: «ستعتني هذه المجلة -بحول الله وقوته- بشرح الدين الإسلامي الذي جهله أهله ولبسوا ثوب عقائده مقلوب، وتنفي عنه كل ما ألصق به من بدعٍ ما أنزل الله بها من سلطان، وخرافات شوهت منه محاسن المعتقد، وفيما ستقوم به على كتاب الله العزيز وسنة النبي -[- وأقوال السلف والرعيل الأول» ومما يزيد الأمر وضوحا في هذا الاتجاه انتصاره للدعوة السلفية النجدية وثناؤه على جهود الشيخ محمد بن عبدالوهاب في نشر العقيدة السلفية، وما قام به من عملية تطهير الدين الإسلامي في الجزيرة العربية من البدع والخرافات» وعندما تعرضت الدعوة السلفية كما أشرنا لهجوم شديد من بعض الخصوم والمناوئين بين الشيخ فضل هذه الدعوة على الجزيرة العربية، وأنه بسببها عم الخير فيها وعم الأمن والأمان، وقد تعقب الشيخ عبدالعزيز الرشيد الشيخ يوسف الدجوي وهو أحد علماء الأزهر في مسألة التوسل والاستغاثة بالأموات التي نشرها الدجوي في مجلة التوحيد، وقد أصاب الشيخ الرشيد في هذا الجانب.

مواصلة نشاطه الدعوي في المهجر

         كما أن الرشيد واصل نشاطه الدعوي في مهجره بإندونيسيا، ونشر في مجلة التوحيد محاضرة له ألقاها في مركز الإرشاد ببقور، وشرح فيها بدع القبور وما يعمله الجهلاء عند القبور، وشرح أنواع العبادة التي يجب تصرف لله -عز وجل- وحده مع التنبيه على أنواع من الشرك التي انغمس فيها الجاهلون مؤكدا حكم الإسلام في حرمة البناء على القبور وزخرفتها والذبح لها ولأربابها، وكان يستعين الشيخ بأقلام السلفيين في العالم الإسلامي، مثل بهجة البيطار، وينشر مقالا له في الدفاع على العقيدة السلفية والرد على شيخ الأزهر يوسف الدجوي.

وفاته -رحمه لله-

         وفي ثلاثة من ذي الحجة عام 1356هـ الموافق ثلاثة فبراير لعام 1938 م توقف قلب الشيخ عبدالعزيز الرشيد عن النبض، وأسلم نفسه إلى بارئها عن عمر ناهز الواحد والخمسين عاما، ودفن في مقبرة العرب في جاكرتا العاصمة الإندونيسية، ولم يصل نبأ وفاته إلى الكويت إلا بعد شهر من الوفاة، مات الداعية إلى الله -عزوجل- الشيخ عبدالعزيز الرشيد وحيدًا غريبًا عن الوطن؛ فارتاحت تلك النفس التي لم تذق طعم الراحة في أيام حياتها، ونلاحظ أن الشيخ توفي عن عمر الواحد وخمسين عاما أي في ريعان شبابه، لكن هم الدعوة وما أنجزه في هذا العمر البسيط لا شك أنه ينم عن نفسٍ تواقة تسعى إلى المعالي.

الإنتاج العلمي المطبوع للرشيد

الإنتاج العلمي للشيخ الرشيد المطبوع الذي بين أيدينا هو ثلاث رسائل وثلاث مجلات وكتاب التاريخ المشهور، والرسائل الثلاث هي:

  •  تحرير المسلمين من اتباع غير سبيل المؤمنين.
  •  المحاورة الإصلاحية.
  •  الدلائل البينات لتعلم اللغات.
  •  المجلات هي: (مجلة الكويت، ومجلة الكويت والعراقي، ومجلة التوحيد).

الإنتاج العلمي غير المطبوع للرشيد

  •  الهيئة والإسلام، وهو مفقود.
  •  الصواعق الهاوية على النصائح الكافية
  • تحقيق الطلب في الرد على تحفة العرب
  •  الرد على منهاج الشريعة
  •  له العديد من المقالات في العديد من المجلات مثل: مجلة العراق ومجلة الهلال المصرية وجريدة الشورى والفتح والأخبار المصرية والهدي والمجد العربي في سنغافورة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك