رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 10 فبراير، 2025 0 تعليق

ما أطيبك من وطن!

  • المواطنة انتماء الفرد لمكان ما، وهي علاقة متبادلة بين الأفراد والدولة التي ينتمون إليها، ويحصلون فيها على مجموعة من الحقوق العامة، ولا تعارض بين القيام بحقوق الأوطان والقيام بحق الرحمن؛ لأن حب الأوطان مغروس في النفوس؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -  صلى الله عليه وسلم - لمكة: «ما أطيبك من بلد وأحبَّكِ إليَّ! ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك».
  • ولما كانت المواطنة تعني الانتماء للوطن والالتزام بحقوقه وواجباته، فإن الإسلام يعزز هذا المفهوم من خلال:
  • مبدأ العدالة والمساواة والوفاء بالعهود والتعايش السلمي بين الناس أمر حثت عليه الشريعة؛ حيث يُعامل المواطنون بعدل دون تمييز، وقد أسس النبي - صلى الله عليه وسلم - أول مجتمع إسلامي في المدينة النبوية على هذا المبدأ من خلال وثيقة المدينة، التي ضمنت حقوق المسلمين وغير المسلمين في إطار الدولة الإسلامية، وذلك مصداقا لقوله -تعالى-: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة: 8).
  •  كما دعا الإسلام إلى التعاون والتكافل الاجتماعي، قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: 2)، فالتكافل صفة شاملة لصور كثيرة من التعاون والتآزر والمشاركة في سد الثغرات، تتمثل بتقديم العون والحماية والنصرة والمواساة، إلى أن تُقضى حاجة المضطر، ويزول هم الحزين، ويندمل جرح المصاب، وقد شرَّع الإسلام -لترسيخ هذا المبدأ- عددًا من التشريعات، من أهمها: الزكاة والصدقات، والحث على كفالة اليتيم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وشَبَّكَ أصَابِعَهُ».
  • كما أكد الإسلام توثيق الروابط الاجتماعية الأسرية والقبلية، في إطار الشريعة بعيدًا عن العصبية، ولم يلغِ الروابط القبلية، ولكنه وجّهها لخدمة الوحدة والمصلحة العامة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية»، كما جعل الإسلام صلة الرحم من الواجبات الشرعية، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»، كما أمر الإسلام بالإحسان إلى الجار؛ حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه».
  • وقد وحد الإسلام الروابط الأسرية والاجتماعية والقبلية وحب الوطن، وجعلها جزءًا منه؛ حيث دعا إلى المحافظة على كيان الأسرة وأمن الوطن، كما فرض الدفاع عن الوطن في حال الاعتداء، قال -تعالى-: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد»
  • إنَّ المواطنة في الإسلام ليست مجرد علاقة قانونية بين الفرد والدولة، بل هي ميثاق أخلاقي وولاء صادق، لبناء مجتمعٍ قويّ ومتماسك، يعيش المسلم فيه ويمارس عبادته ويدير شؤونه آمنًا مطمئنًا.

م 10/02/2025 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك