رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. مصطفى أبو سعد 25 مارس، 2014 0 تعليق

كيف تكتسب عادة التشجيع للمراهق؟


قلة التشجيع وكثرة العتاب تولّد تراكمات نفسية، والتراكمات تفرز العداوة والخصومة

 الأهل المشجعون يساعدون أطفالهم على تقبل الخطأ والتعلم منه

 المبادرة جزء من الفطرة فلا تقتلها بتجاهلك وإهمالك

 جويس ديفيني: الإطراء محفز قوي

   

التشجيع من الوسائل البسيطة والسهلة التي يمكننا بها مساعدة أبنائنا على النجاح في حياتهم، لكن كيف يمكن للآباء والمربين اكتساب عادة التشجيع ورفع معنويات المراهق؟

اكتب رسالة

اقرأ معي هذه الرسالة:

ابنتي العزيزة..

أعرف أنك محبطة بسبب الدرجة المتدنية في مادة (....).. أرجوك لا تقلقي، فلديك درجات عالية في كل المواد التي أعتقد أنا وأبوك أنها مهمة.. أنت شريفة ومستقيمة ومستقلة.. أنت فعلا إنسانة رائعة..».

أمك التي تحبك

هذه الرسالة قد جاءت في لحظة مهمة هي لحظة شعور بالإحباط، ومثل هذه اللحظات يحتاج فيها المراهق إلى رسالة مليئة بالتشجيع، لا كما يفعل بعض الآباء والأمهات، عندما يبدأ يلوم أو يستهزئ أو يتشفى بابنه المراهق أو ابنته المراهقة.

هذه الرسالة من أجمل ما تحتفظ به هذه الفتاة من رسائل؛ لأنها جاءت في لحظة احتياج كبير لرفع المعنويات.

قصة

ابني جيد جدا فقط!

كنت في دورة حول التربية الإيجابية بدبي سنة 2005، وطلب استشارتي أحد المدرسين وقد حضر معي الدورة قائلا: لدي مشكلة مع ابنتي، واليوم اصطدمت معها ولا أدري كيف أعالج مشكلتها؟ قلت له: ما المشكلة بالضبط؟

قال: ابنتي حصلت على امتياز ودرجة كاملة في ست مواد فقط وجيد جدا في مادة واحدة وهذا أزعجني. سألته ما الذي أزعجك بالتحديد؟

     قال: ألا تحصل على امتياز في كل المواد؟ سألته وماذا فعلت؟ قال: طلبت استفسارا منها عن الأسباب التي منعتها من الحصول على درجة كاملة. وماذا قالت؟ قالت: لقد حصلت على امتياز في 6 مواد، قال الأب لابنته: دعي هذه المواد الـ6 جانبا، أريد معرفة لماذا حصلت على تقدير جيد جدا فقط في المادة (....)؟!

قلت له مستغربا: يا سلام لقد مارست التشجيع بالمقلوب وهذا إبداع مدمر.. الأولى أن تفرح بابنتك وتقول لها: إنك فخور بها وبنتائجها في المواد كلها، ولاسيما الـ6 مواد وأنك على ثقة كاملة بإذن الله تعالى أنها ستحصل على الامتياز في المادة الأخرى في الامتحانات المقبلة.

قصة

أسوأ لحظة في حياة معلم

كنت في دورة مع مدرسة الرؤية ثنائية اللغة في دولة الكويت، وتكلمت عن هذه المفاهيم التربوية في تشجيع الطلبة، وأهمية التشجيع والمدح، وتدخل أحد المدرسين مؤكدا على مفاهيمي حاكيا أسوأ لحظة مرت به.

قال المعلم: حصلت في الثانوية العام على معدل 97.8٪ وكنت الأول على صعيد الدولة، ورجعت فرحا مسرعا لأبشر الوالدة وأنا في قمة السعادة وأخبرت أمي عن النتيجة.

وكانت المفاجأة الصادمة المحبطة من الوالدة حين ردت علي بكل برود، السنة الماضية الأول حصل على نسبة 98.2٪!

فن كتابة الرسالة التشجيعية

اكتب الرسالة بخط يدك، فإنها أعمق تأثيرا من الطباعة.

اكتب عبارات ترفع من معنويات المراهق (أنت إنسانة رائعة).

في لحظات الضعف والإحباط تركز الرسالة على نقاط القوة والإيجابية، (لا تقلقي، فلديك درجات عالية في كل المواد التي أعتقد أنا وأبوك أنها مهمة).

استبدل بلغة الذم والتأنيب، لغة المدح والثناء: (أنت شريفة، ومستقيمة، ومستقلة).

اختر الوقت المناسب لكتابة الرسالة، مثلا عند شعور المراهق بالإحباط، أو عند قيامه بأفعال إيجابية، أو إذا أردنا التعبير عن مشاعرنا تجاهه: (إني أحبك يا ولدي).

عبّر عن إعجابك

لاحظ أشياء بسيطة في ابنك، مثل سلوك إيجابي أو كلام مميز، أو ناحية جمالية، ثم عبّر بإعجابك عن هذه الأشياء ولو كانت بسيطة.

ضع برنامجا يوميا للتعبير عن الإعجاب بالمراهق. يتكون هذا البرنامج من خطوتين:

- الأولى: كل يوم سألاحظ ثلاثة أشياء رائعة في ابني المراهق (صلاة، تعاون، حياء...).

- الثانية: ومن خلال الإعجاب نستطيع تعزيز أي سلوك إيجابي وتثبيته في شخصية المراهق.

سأعبر عن إعجابي بهذه الأشياء مهما كانت بسيطة.

قاعدة تربوية

أي فعل إيجابي إذا لم يلق تعزيزا فإنه سيندثر، وأفضل أسلوب في التعزيز هو المدح وإبداء الإعجاب.

امدح الإنجازات

     إن الطفل إذا أتم من عمره ثلاث عشرة سنة، يبدأ بالبحث عن الاستقلالية في ذاته وأشيائه وقراراته، والمطلوب من الأهل والمربين ليس الحجر على المراهق، إنما مساعدته على الاستقلالية، وأبرز مظاهر الاستقلالية محاولة الاعتماد على نفسه، واتخاذ القرارات في شؤونه الخاصة، هنا يأتي دور الأهل في مساعدة المراهق على الاستقلالية، ومن ثم مدح الإنجازات والقرارات التي هي ثمار هذه الاستقلالية.

مجالات الإنجاز:

1- الإنجاز مع النفس: صلاة، تخط لسلوك سلبي، ممارسة هواية، حفظ قرآن، اكتساب مهارة جديدة.

2- الإنجاز مع الأسرة: تعاون، تنظيم غرفة، ترتيب فوضى، قضاء حاجيات المنزل.

3- الإنجاز في المدرسة: إنجاز الواجبات المدرسية، إذاعات مدرسية، تجربة علمية، مشروع تخرج.

4- الإنجاز مع الآخرين: زيارة صديق، الخروج في رحلة، الفوز في مباراة جماعية، تنظيف غرفة.

شجِّع المبادرة

هناك نمطان من الناس:

المبادر الذي يصنع الفرص ويتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية حياته، والمستجيب الذي تصنعه الفرص وغالبا ما يوجه اللوم للآخرين.

المراهق بحكم نموه وطبيعته لديه مبادرات مختلفة، تتناسب مع مرحلته العمرية، ومعادلة المبادرة تقول:

المراهق يفكر في شيء ما.

المراهق يقرر فعل شيء ماء.

المراهق يبادر إلى فعل ذاك الشيء.

وتأخذ مبادرة المراهق طرائق بسيطة كالمبادرة في تجهيز الطعام، أو أكثر جرأة مثل القيام بتصليح شيء في البيت، أو الاهتمام بحديقة المنزل، أو محاولة تعلم مهارة جديدة، أو الاشتراك في دورة تدريبية معينة.

     هذه المبادرة قد تكون طبيعية، إلا أن أهميتها تكمن في كونها تشكل جزءا مهما من شخصية المراهق في المستقبل، ومتى وجدت من يتبناها ويشجعها انعكس ذلك إيجابا على شخصية المراهق وسلوكه، وإن وجدت المبادرات إهمالا وعدم اهتمام اندثرت وأصبحت من ذكريات المراهق.

المطلوب من الأهل والمربين تشجيع المبادرات التي يقوم بها المراهق، ورعايتها وتوجيهها بما يعود بالنفع على شخصية المراهق في المستقبل؛ لأنها ستشكل شخصيته، ولأنها ستصنع منه شخصية مبادرة، أو شخصية انهزامية مستجيبة للواقع، ولا تتقن إلا فن لوم الآخرين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك