رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 20 أغسطس، 2023 0 تعليق

طحن الطحين.. وجسر أوريسند

  • من الألغاز المضحكة أن سؤالا مفاده: ما الدولة التي لا يطحن فيها الطحين؟ طبعا الجواب: أن كل الدول لا يطحن فيها الطحين؛ لأنه أصلا مطحون!
  • ولكن مع الأسف نجد أن بعض الدول ينطبق عليها هذه اللغز الهزلي، وأنها فعلا تطحن الطحين -ليس مرة واحدة- بل مرات عدة، وتقع في الأخطاء نفسها مرارا وتكرارا، ولا تتعلم أبدا، وتضيع أوقاتا وجهودا كبيرة، بل وتتكبد خسائر جسيمة، تنهك البلد، وتجعله لا يرى النور؛ بسبب انقطاع الكهرباء المستمر.
  • ومن جهة أخرى نرى دولا أخرى أدركت أن الحبوب هي التي تطحن فقط، وأنها يجب أن تتجاوز هذه المرحلة، وهي مرحلة طحن الحبوب إلى صناعة الخبز، ومن ثم خلق تنمية، وإيجاد صناعة، وخلق فرص عمل وتقدم شعوب.
  • هذه الممارسة نجدها عند بعض الدول التي أدركت فداحة الحروب من فترة طويلة، وسعت إلى بناء جسور مع أعداء الأمس، ليصبحوا أصدقاء اليوم في البناء والمصير والتقدم، فمثلا ارتبطت العلاقات الدنماركية السويدية بتاريخ طويل من الحروب (11 حربا) وقعت بين عامي 1521 و1814، فالسويد (العظيمة) أكبر مساحة من الدنمارك (القزمة) بعشر مرات، وسكانها ضعف سكان الدنمارك، ولكن مع هذا رُسمت الحدود بينهما قبل 365 عاما، ولم تعد بينهما حروب تذكر بعدها، وآخرها هذه الحروب قبل 214 عاما.
  • أما في عام 1991، فقد وقّعت الحكومتان الدنماركية والسويدية اتفاقية لإنشاء طريق ثابت عبر أوريسند، بطول 16.4؛ ليربط بين (كوبنهاغن) العاصمة الدنماركية، و(مالمو) من كبرى مدن السويد، مؤلّف من نفق وجسر وجزيرة (بيبيرهولم Peberholm) الاصطناعية، ويستخدم طريقا للسيارات، وسكة حديد لتوثيق العلاقة بين البلدين، وأيضا بين أوروبا كلها والمناطق الإسكندنافية (الدنمارك، والنرويج، والسويد، وفنلندا)، وبدأ الإنشاء عام 1995، و افتُتح للمرور في 2000، وسمي بـ(جسر أوريسند Oresund Bridge)، لكن واجه المشروع عقبات عدة، منها اختلاف اللغة لكلا البلدين، واختلاف وحدات القياس، وجهد التيار الكهربي، ومعايير خراطيم الإطفاء.
  • أما في الأمة الإسلامية فبرغم الروابط القوية بينها (الدين، واللغة، والجوار)، إلا أن بعض الدول لا زالت تطحن الطحين، وتدور حول نفسها، وتختلق المشكلات، وتصر على استمرار النزاعات المسلحة، وافتعال الحروب، واستعداء الأخوة الإسلامية، والاستهانة بالدماء البريئة المحرمة، والنتيجة المؤلمة تخلف هذه الدول، وانتشار الفساد فيها، وتعثر التنمية وتراجعها الواضح والبين عن كثير من الدول حولها.
 

14/8/2023م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك