رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ذياب أبو سارة 20 فبراير، 2025 0 تعليق

شعبان.. شهر الاستعداد لرمضان

قال -تعالى-: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}، وتشير هذه الآية الكريمة إلى تفضيل الله -عز وجل- لبعض الشهور على بعض ، كما هو حال بعض الأماكن على بعض؛ كونها أوقاتا وأماكن ذات صلة وثيقة بتحقيق التقوى والعبادة ومضاعفة الأجور. ومن ذلك بلا شك شهر شعبان، وهو أحد الأشهر المباركة التي تسبق شهر رمضان، وله فضائل عظيمة وردت في الكتاب والسنة، وهو الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله، كما أنه من الأشهر التي كان يكثر فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصيام والعبادة.

من فضائل شهر شعبان :

شهر شعبان هو الشهر الثامن من التقويم الهجري، ويأتي بين رجب ورمضان، وعلى الرغم من أنه قد لا يحظى بالاهتمام نفسه الذي يحظى به شهر رمضان، إلا أن له فضائل عدة وردت في الكتاب والسنة، ومن ذلك ما يلي : 1- رفع الأعمال إلى الله: عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، لم أرك تصومُ شهرًا من الشهور ما تصومُ من شعبان؟ قال: «ذلِكَ شهرٌ يغفُلُ النَّاسُ عنه بينَ رجبَ ورمضانَ، وَهوَ شهرٌ تُرفعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ» (رواه النسائي وأحمد، وصححه الألباني). 2- غفران الذنوب ليلة النصف من شعبان: عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَطَّلِعُ اللَّهُ إلى جَمِيعِ خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

من العبادات المستحبة في شعبان

  • الإكثار من الصيام:
من أفضل الأعمال في شهر شعبان، وهو سنة مؤكدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا سيما في النصف الأول من الشهر،عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»؛ لذلك يُستحب للمسلم أن يكثر من الصيام في هذا الشهر، ولا سيما في الأيام البيض.
  • كثرة الاستغفار والتوبة:
ذلك؛ نظراً لأن الأعمال ترفع إلى الله في هذا الشهر، والاستغفار والتوبة من الذنوب أمر مستحب فيه.
  • قراءة القرآن:
وهذه من الطاعات التي درج السلف الصالح عليها في شهر شعبان؛ فقد كانوا يجِدّون في شعبان، ويتهيئون فيه لرمضان بكثرة قراءة القرآن، قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «كان المسلمون إذا دخل شعبان أكبُّوا على المصاحف فقرؤوها، وأخرجوا زكاة أموالهم تقويةً لضعيفهم على الصوم».
  • الإكثار من الصلاة النافلة والدعاء:
كقيام الليل وصلاة الضحى، مع الإكثار من الدعاء: ولا سيما في ليلة النصف من شعبان، وذلك امتثالا لقوله -تعالى- : {وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.

أحكام ومحاذير في شهر شعبان

  • حكم صيام النصف الثاني من شعبان:
ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا»، وذهب جمهور العلماء إلى أن هذا النهي خاص بمن لم يكن له عادة في الصيام.
  • حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان:
لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة الاحتفال بهذه الليلة، ولذلك ذهب جمهور العلماء إلى عدم تخصيصها بعبادات معينة، وإنما يستحب اغتنامها بالعبادة مثل سائر الليالي المباركة.
  • قضاء الصيام :
يجدر التذكير إلى وجوب قضاء الصوم لمن كان قد أفطر في رمضان الماضي؛ فلا يجوز له التأخير إلى ما بعد رمضان القادم إلا لضرورة، وليذكِّر كل منا أهل بيته بذلك، ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعل، فهو آثِم.

الخلاصة :

        يعدّ شهر شعبان من المواسم العظيمة التي ينبغي للمسلم أن يغتنمها بالطاعات، لما ورد فيه من نصوص صحيحة تدل على فضله وأهمية العبادة فيه.. وإننا في كل عام يأتينا رمضان وغالبا ما نكون عنه غافلون، فنبدأ في الطاعة والعبادة، ولا نكاد نجد حلاوة الطاعة فيه إلا وقد انقضى رمضان، وانطوت صحائفه فنندم! والمسلم الحكيم لا يغيب عنه الاستعداد لرمضان بدءا من شهر شعبان، فاستغلوا أيامكم وبادروا بالعمل الصالح؛ فإن من صام يومًا في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا كما في الصحيحين، وحثُّوا أبناءكم ودرِّبوهم على ذلك.. نسأل الله أن يجعلنا من المقبولين، وأن يبلغنا رمضان ونحن في صحة وعافية أجمعين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك