
شباب تحت العشرين 1253
قيمة الوقت وتحقيق الذات
غرس الإسلام قيمة كبرى عند المؤمنين، تجلت من خلال تقسيم اليوم والليلة تقسيمًا صارمًا، بين متطلبات الحياة وبين ما يوجبه المؤمنون على أنفسهم من التزامات بالطاعات، وتفرد الإسلام بمسألة الصلوات الخمس، وتوزيعها على أوقات اليوم والليلة.
للوقت في ديننا الإسلامي قيمة كبرى محورية لا تسامح مع إهدارها؛ من أجل ذلك حث الإسلام الشباب على اغتنام الفرص واستغلال أوقاتهم فيما ينفعهم دينًا ودنيا، لبناء شخصيتهم روحيا وعقليا وجسميا ونفسيا وخلقيا، ولا يُحترم الوقت إلا في سياق العمل الذي هو مدار الوجود الإسلامي كله {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، ولا يمكن لشاب مسلم متمسك بدينه ويكره العمل، كما لا يستقيم أبدًا أن ينفصل الالتزام العبادي عن الالتزام الدنيوي، فالفصل الذي أحدثته بعض الثقافات الغربية بين المادة والروح، أدى إلى اغتراب كبير للإنسان، وتسبب في تكلفة باهظة، وتفكك أسري، وفقدان المعنى من الوجود، ويتجلى معنى القيم للعمل في أوضح أشكاله من خلال متن الحديث الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك».القرآن الكريم هو رأس كل خير
القرآن الكريم هو رأس كل خير، وهو ينبوع السعادة؛ فينبغي للشباب أن يُعنوا بكتاب الله، وأن يكون لهم نصيب من تلاوته، وتدبر معانيه، وحفظه، حتى يستنبط منه ما أراد الله من العباد من أحكام وشرائع، من أوامر ونواهٍ، وأخبار وقصص، حتى يكون على بينة فيما مضى وفيما يأتي، وعلى بينة في أحكام الله وشرائعه.الشباب وطلب العلم النافع
الشاب المسلم مدعو بالأمر القرآني والهدي النبوي لحب العلم وبذل الغالي والنفيس لتحصيله، فقد جعل الإسلام أجر من يسعى لطلب العلم كأجر المجاهد في سبيل الله: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة».قيمة الحب والوفاء للأهل والوطن
حثَّ الإسلام أتباعه من الشباب وغيرهم على حب الأوطان والوفاء لها، فالوطن، في ظله يأتلف الناس، وعلى أرضه يعيشون، وفي حِماه تتجمع أسباب الحياة، وموقف النبي - صلى الله عليه وسلم - معبر عن ذلك أوضح تعبير؛ حيث قال مخاطبًا مكة ليلة الهجرة: «واللَّهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إليَّ! ولولا أن أَهْلَكِ أخرَجوني منكِ ما خَرجتُ»، من هنا لا يمكن للشباب المحبين لدينهم أن يكرهوا أوطانهم، فلا يجتمع حب الدين وبغض الوطن في قلب سليم أبدًا.حاجة الشباب لدراسة السيرة النبوية
تتميز السيرة النبوية بشموليتها واستيعابها لتفاصيل الحياة، وحاجة المسلمين اليوم والشباب خصوصا لدراسة تعاليم السيرة النبوية وقواعدها وأخلاقها حاجة ماسّة كبيرة؛ نظرًا لما تتعرَّض له الأمَّة من محاولاتٍ لطمس هويتها وحضارتها وقيمها؛ ولذلك كان لابد من الاهتمام بدراسة السيرة النبوية والاعتناء بها باعتبارها تطبيقًا منهجيا لتعاليم القرآن الكريم؛ ولأنَّها تمثل النموذج النبوي الفريد للتغيير والإصلاح المنشودَين، فالسيرة النبوية تجسيدٌ وترجمةٌ عمليةٌ وواقعيةٌ مأثورة لحياة النبي - صلى الله عليه وسلم-، وتطبيقٌ واقعيٌ لكل ما جاء في القرآن الكريم، فقد وصف الله -تعالى- نبيه الكريم بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، وسُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالت: «فإن خُلُق نبي الله - صلى الله عليه وسلم- كان القرآن»، وسيرته - صلى الله عليه وسلم- تشمل كل تفاصيل حياته بما في ذلك صفاته الخَلقية والخُلُقية، وغزواته وسراياه، ومعجزاته، وكل ما عاشه ووقع في أثناء وجوده - صلى الله عليه وسلم - في هذه الحياة، فهي شاملة لكل جوانب الحياة الإنسانية.مظاهر غياب الهوية الإسلامية لدى الشباب
أفرز غياب الهوية عن حياة كثير من الشّباب جملة من المظاهر السلبيّة، التي باتت تهدد كيان الأُمّة ووجودها ومنها على سبيل المثال:- الجهل بالعقيدة الصحيحة وهي مدار سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة؛ حيث بدأ بعض الشّباب في البحث عن انتماءات وولاءات بديلة تتميز بالسطحية.
- انجرار بعض الشّباب خلف الأفكار الوافدة بلا تبصُّر أو نظرٍ إلى عواقبها.
- غياب بعض مظاهر الالتزام الديني والقيمي، الذي يميّز شباب الإِسلام من غيرهم.
- كثر عند بعض الشباب غياب الانتماء للأُسرة، وعقوق الآباء والأمهات، وتقطّع الأرحام.
- غياب الأهداف عند بعض الشباب وضعف الطموحات لديهم.
- غياب المعاني القويمة عند بعض الشباب كالمروءة والنجدة والحياء ومكارم الأخلاق.
- انعدام ثقافة القراءة والمطالعة الهادفة عند بعض الشباب، وإنشغال بعضهم على قراءة الروايات والنصوص والآداب الرديئة أخلاقيا، وقيميا، وفكريا، ولغويا، والاكتفاء بمطالعة الرائج على وسائل التواصل.
- انتشار ظاهرة هدر الأوقات، بالأجهزة الذكية وتضييع الأوقات والأعمار بها.
أثر الصديق الصالح
إن مجالسة الأصدقاء الصالحين ومرافقتَهم هي خيرُ وسيلةٍ للاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم؛ فللأصدقاء تأثيرٌ كبير على أقرانهم؛ فالصديق الصالح له أثر طيب على صاحبه؛ من أجل ذلك حثنا نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - على حسن اختيار الصديق ؛فقال - صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله؛ فلينظُرْ أحدكم مَن يُخالِل».بناء الهويّة الغائبة لدى الشباب
هذه إضاءات للشباب تنير طريقهم وتعيدهم إلى هويتهم الحقيقية الغائبة:- على الشباب توثيق ارتباطهم بماضي الأمة المجيد؛ ليتحقق لهم الصلاح، فلا يُصلح آخرَ هذه الأُمّة إلا ما أصلح أولها.
- ارتباط الشباب بكتاب ربهم، فيه صلاحهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة.
- دراسة الشّباب لسيرة السلف الصالح من أهم الأمور التي ترسخ الهوية الإسلامية في نفوسهم، بدءًا بسيرة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام ومن سار على خطاهم.
- على الشباب أن يعززوا علاقتهم بالمسجد، فهو المنارة الأولى للتربية على قيم الإسلام وثوابته.
- الاعتزاز باللغة العربية والافتخار بها، مِن: شعرها ونثرها، وما كتب فيها من ثقافتها.
الكلمة الطيبة عمل صالح
اعلموا يا شباب أن الكلمة الطيبة من الأعمال الصالحة، ولها آثار حميدة على الفرد والمجتمع، وأول آثار الكلمة الطيبة تكون على المتكلم نفسه؛ إذ يحصل بها الأجر والرضوان من الله -تعالى-، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً، يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم»، وهي سبب لقبول الأعمال قال -تعالى-: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (فاطر: ١٠)، وهي من أعمال البر والصدقة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والكَلمةُ الطَّيبة صدقة».
لاتوجد تعليقات