رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 25 نوفمبر، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1244

أهمية الاستقامة في حياة الشباب

        أمَر الله -سبحانه وتعالى- نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه من المؤمِنين بالاستِقامة على الدين، كما قال -تعالى-: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (هود: 112)، وقد قال عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «شيَّبتني هودٌ وأخواتها»، كما بيَّن -سبحانه وتعالى- عاقِبةَ أهلِ الاستقامة بقوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (فصلت:30). كما قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأحقاف: 13-14)، والاستقامة في حياة الإنسان على درجات:
  • أولها: الثَّبَات على التوحيد، والبراءة من الشرْك وأهله، فقد سُئِل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - عن الاستقامة قال: «ألَّا تُشْركَ بالله شيئًا»، أي: لزوم التوحيد الخالص.
  • ثانيًا: لُزُوم الأَوامِر والنواهي بفعل الأمر وترك النهي، وهي إتيان الطاعات واجتِناب المعاصي، كما قال بذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أن تستَقِيم على الأمر والنهي، ولا تَرُوغ روغان الثعلب»، وذلك بِلُزُوم الطاعات في كلِّ الأحوال حتى ينشَغِل الإنسانُ بما فيه النفْع والخيْر، ويترُك المَعاصِي والمحرَّمات، لتَحقِيق الثَّبات على طاعة الله -عز وجل-؛ لأنَّ التذبذب وعدم الثَّبات من صِفات المنافقين، كما قال -تعالى-: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (النساء: 143)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَد أخلف، وإذا اؤتُمِن خان»، فجِماع الاستقامة هي إخلاص التوحيد لله -عز وجل-، وترْك النواهي والثَّبات على ذلك، فهي بجَمِيع أحوال الإنسان مِن أقوال وأعمال وثَبات.
 

الأسباب المُعِينة على الاستقامة

  • تقوى اللهِ ومُراقَبته.
  • دعاء الله -سبحانه وتعالى- بالهداية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الفاتحة: 6).
  • الاستِعانة بالله -عزَّ وجلَّ، والتوكُّل عليه، «احفَظِ اللهَ يَحفظْك».
  • لزوم المساجد وطلَب العِلم الشرعي.
  • لزوم الرفقة الصالحة (الجليس الصالح).
  • الأعمال الصالحة مِن برِّ الوالدين، وصِلة الرَّحِم وغيرها، وكثرة النوافل.
  • التوبة النَّصُوح.
  • قراءة القرآن الكريم وتدبُّره.
  • كثْرة الذِّكْر، قال -تعالى-: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} (الأحزاب: 41).
  • محاسبة النفس وتذكُّر الموت والآخرة.
  • النظر في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح.
 

حقيقة الاستقامة

       الاستِقامة هي لُزُوم طاعة الله -عز وجل-، وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن جوامِع كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -: قولُه للصحابي سفيان بن عبدالله - رضي الله عنه - حين سألَه قائلًا: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرَك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قُلْ: آمنتُ بالله، ثم استقِمْ» رواه مسلم. أي: استَقِم بعد الإيمان بالله، وهو لُزُوم طاعة الله؛ فلا يجدك حيث نَهاك، ولا يفقدك حيث أمرك.  

أيها الشباب: احذروا الكِبر!

        بعضُ الشباب يُعجَب بنفسه، فيتكبَّر على الناس إما بعائلته، أو بعلمه، أو بماله، أو بجماله، أو بقوَّته، أو بغير ذلك، هذا أمر خطير؛ لأنه ينشر الحقد والحسد والكراهية بين الناس، وليَعلَمِ الشابُّ أن المال والجمال والعلم وغير ذلك - هبةٌ مِن عند الله -تعالى-، فيجب عليه أن يشكر الله -تعالى- على فضله، ولا يستخدم نعمة الله في التكبُّر على غيره من الناس، ولقد حذَّرنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - من التكبر على الناس فقال: «لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْرٍ»، قال رجلٌ: إن الرجل يحبُّ أن يكونَ ثوبُه حسنًا ونعله حسنةً، قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ الناس».  

احذروا ذنوب الخلوات!

       قال الشيخ صالح بن حميد: مِنْ أخطرِ مسالكِ المهالكِ ذنوبُ الخلوات، وقد كثرَتْ وسائلُها، يقول ابن القيم -رحمه الله-: «ذنوب الخلوات سبب الانتكاسات، وعبادة الخلوات سبب الثبات، وكلَّما طيَّب العبدُ خَلوَتَه بينَه وبينَ ربِّه طيَّب اللهُ خلوتَه في قبره»، فليأخُذِ الشباب حذرَهم من ذنوب الخلوات، ولا سيما مع وسائل التواصل، واعلموا أن عبادة السرِّ تَقِي نوازع الشهوات، والمراقَبة في الخلوات تُرسِّخ قدمَ الثبات، فمَنْ أكثَر العبادةَ في الخلوات ثبَّتَه اللهُ عند الشدائد والمدلَهِمَّات.  

فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

        قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: «{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن» الله أكبر ما أعظم هذا الفضل وأجزله! فإنَّ حروف القرآن عددها: 361180 حرفا، وقيل: 323015 حرفا، وقيل 340740 حرفا، كما ذكر ذلك ابن كثير، وإذا كان من قرأ حرفا من القرآن فله به عشرُ حسنات كما في حديث ابن مسعود فكم له من الأجر إذا قرأ القرآن كله؟! وقراءة قل هو الله أحد ثلاث مرات وهي سطر واحد تعدل ذلك كله، فلله ما أعظمه من أجر! هذا فضلها لا أنها يكتفي بتلاوتها ثلاث مرات عن تلاوة القرآن.  

احذروا هذه الألفاظ الثلاثة!

         قال ابن القيم -رحمه الله-: «وليحذر كل الحذر من طغيان «أنا»، «ولي»، «وعندي»؛ فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس، وفرعون، وقارون، فإبليس قال: {أنَا خَيْرٌ مِنْهُ}، وفرعون قال: {لِى مُلْكُ مِصْرَ}، وقارون قال: {إنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِى}، وأحسنُ ما وضعت فيه هذه الألفاظ: «أنا» في قول العبد: أنا العبد المذنب، المخطئ، المستغفر، المعترف ونحوه، «ولي»، في قوله: لي الذنب، ولي الجرم، ولي المسكنة، ولي الفقرُ والذل: «وعندي» في قوله: «اغفر لي جدي، وهزلي، وخطئي، وعمدي، وكل ذلك عندي».  

أسباب الانحِراف عن الاستقامة

  • رفقة السوء.
  • ضعْف الإيمان، والبُعد عن الله، وترْك الصلاةِ ومجالسِ الذكْر.
  • الغلوُّ والتشديد على النفس حتى يملَّ فيترُكها وينحرف قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تكُن كالمُنْبَتِّ لا أرضًا قطَع، ولا ظهرًا أبقَى».
  • الفَراغ كما قال الشاعر:

إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَهْ

                                مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيَّ مَفْسَدَهْ

  • وسائل الإعلام المضلِّلة (إنترنت، وقنوات فضائية، وإذاعة، ومجلَّات وصحف).
  • عدم وضوح الهدف في الحياة، وعدم تحديد الوجهة والغاية.
 

نور اليقين في سيرة خير المرسلين

        إنّ شخصية الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - تعد نبراسا لكل من أحبّ أن يهتدي إلى الطريق السوي {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، قال سيدنا سعد بن أبي وقّاص: «كنا نعلّم أولادنا سيرة الرسول ومغازيه كما كنا نعلّمهم القرآن»؛  ولا يوجد كتاب مختصر وسهل يلم بهذا الموضوع ككتاب (نور اليقين) للشيخ محمد الخضري؛ فإنه من أكثر الكتب المتداولة في السيرة النبوية في العالم الإسلامي؛ لذا ننصح الشباب بقراءته واقتنائه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك