رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 20 أغسطس، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1230

حقيقة العبادة وتعريفها

العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله، والعبادة تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له، فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء.

وصية نوح عليه السلام لابنه

        عَنْ عبداللهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى لله عليه وسلم -: «إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنِّي مُوصِيكَ، فَقَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ، آمُرُكَ باثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ وُضِعْنَ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، لقَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأُوصِيكَ بِسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلاَةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّركِ وَالْكِبْرِ». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ الشِّرك قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: «أَنْ تُسَفِّهَ الْحَقَّ، وَتَغْمَصَ النَّاسَ»، هذه الوصية مهمة؛ لأنها وصية نبي ورسول من أولي العزم، والرسل هم أنصح الناس للناس وأحرصهم على نجاة الخلق، وأبصرهم بما يرضي الحق -جل جلاله-؛ ولأنها وصية والد شفيق لولده؛ وحرص الوالد على ولده مركوز في الفِطر والنفوس، ولأنها جمعت بين أعظم الأوامر وهو توحيد الله وتنزيهه، وبين أعظم النواهي وهو الشرك وقرينُة الكبْر؛ لذلك كان حقيقا على الشباب أن يقفوا مع هذه الوصية وقفة تدبر وعبرة.

الوصية الأولى: الوصية بلا إله إلا الله

        وذلك في قوله -عليه السلام-: «آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»، يعني آمرك بالتمسك بلا إله إلا الله، وذلك يقتضي معرفة معناها والعمل بمقتضاها إلى أن تلقى الله -تعالى- عليها، فكلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، هي حق الله على جميع العباد، فهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام، وعنها يسأل الأولون والآخرون، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ فجواب الأولى بتحقيق «لا إله إلا الله» معرفة وإقرارا وعملا، وجواب الثانية بتحقيق «أن محمدا رسول الله» معرفة وإقرارا وانقيادا وطاعة، وقال سفيان بن عيينةَ: ما أنعمَ اللَّهُ على عبدٍ من العبادِ نعمةً أعظمُ من أن عرَّفهم «لا إلهَ إلا اللَّهُ.  

أخطاء يقع فيها الشباب: لبس حظَّاظة اليد

        من الأخطاء التي يقع نفيها الشباب وضع حَلْقةً مصنوعة من الجلد أو غيره في يده، تُسمَّى (الحظاظة)، ويعتقد أنها تجلِبُ الحظ، وهذا اعتقادٌ فاسد، ويجب على الشباب أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الله -تعالى- هو الذي يتصرَّف في هذا الكون، ولا يحدث شيء فيه إلا بإرادته -سبحانه-، قال -سبحانه-: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 51)، وقال الله -تعالى-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر: 49)، قال الشيخ أبو بكر الجزائري -رحمه الله-: أي إنا خلقنا كل شيء بتقدير سابقٍ لخَلْقِنا له، وذلك بكتابته في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض، فهو يقع كما كتب، كميةً وصورةً، وزمانًا ومكانًا، لا يتخلَّف في شيء من ذلك.

خصال التائبين

        قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: {‌التَّائِبُونَ ‌الْعَابِدُونَ}، فلابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس همامة متحركة، إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه.

من علامات السعادة

قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه للمسلمين، ومراعاته لأوقاته.

أريد أن أصلح نفسي.. ولكن!

        كثير من الشباب يرغب في صلاح نفسه لكنه يعجز عن ذلك ويجد كثيرا من المعوقات، ولا شك أنَّ إصلاح النفس البشريَّة مهمَّة صعبة تَحتاج إلى مثابرة ومجاهدة وصدق وإخلاص، ومعونة من الله -تعالى-، ولا سيما في زمانَنا المليء بالفتَن، وهناك أمور تعين الشباب على سلوك طريق الصَّلاح، من أهمها: الصحبة الصالحة، والاستفادة من الوقت، وشغله بالأمور النافعة، ثم لابد لمن يرغب في صلاح نفسه أن يسعى في طلب العلم، فلقد حذَّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم  - من الجهْل وأهله، وأخبر أنَّ الجهل داءٌ وأنَّ العلم شفاء، ومن المعِينات على الإصْلاح أن يَجعل الإنسان لنفسه وِردًا من الطَّاعة؛ فإنَّ القلب إذا امتلأ بالطَّاعة نفرَ من المعصِية، وإذا امتلأ بالذِّكْر نفَرَ من الكلام الخبيث، جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ -  صلى الله عليه وسلم  - وقال: ادْعُ الله أن أكون معك في الجنَّة فقال: «أعنِّي على نفسِك بكثرة السجود»، فمنَّ أراد الصَّلاح والاستِقامة، فليقبل على الله، والله -تعالى- في معيَّته، وليحذَرِ التَّسويف، ولقد صدق القائل: تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ طَرِيقَتَهَا إِنَّ السَّفِينَةَ لا تَمْشِي عَلَى اليَبَسِ

كف بصرك والزم طاعة ربك

        قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي: الشاب الذي يقول لك: والله هناك فتن، وأحس بالفتن، نعم، كف بصرك، واخرج وأنت لا تنظر إلى حرمات الله، وادخل وأنت لا تنظر إلى حرمات الله -عزوجل-، واسمع ما يرضي الله، واقرأ ما يرضي الله، واشغل وقتك بما يرضي الله، لن ترى فتنة أبدًا، ولن تشعر بفتنة لا في نفسك، ولا أهلك؛ لأن الله يتولى جميع أمرك.

نصائح ثمينة

من نصائح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

1- احرص على أن تكون دائماً مع الله -عزوجل- مستحضرًا عظمته متفكرًا في آياته الكونية وما أودع فيها من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته.  

شروط صحة العبادة

لصحة العبادة شرطان:
  • الشرط الأول: وهو الإخلاص، ومعناه أن يقصد العبد بعبادته وجه الله -سبحانه-، قال -تعالى-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}(البينة:5)، وقال - صلى الله عليه وسلم - قال الله -تبارك وتعالى-: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه».
  • الشرط الثاني: موافقة هذه العبادة للشرع، بمعنى أن يعبد الله بما أمر وشرع لا بغير ذلك من الأهواء والبدع، قال -تعالى-: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}(الشورى: 21)، وقال -تعالى-: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(الكهف:110) وقال - صلى الله عليه وسلم-: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك