رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 23 أبريل، 2025 0 تعليق

تجميع القطع الصغيرة

  • يحتاج الإنسان إلى أن يقف لحظات مع نفسه.. ويراجع مسيرة حياته.. ماذا أنجزتْ؟ وماذا تجاوزتْ؟ ماذا بنتْ؟ وماذا هدمتْ؟ من أفرحتْ؟ ومن أغضبتْ؟ وما العمل الذي عملته بصدق وإخلاص ابتغاء مرضاة الله؟ وما العمل الذي كان بخلاف ذلك؟
  • يمر الإنسان بمرحلة ضعف، ولا سيما في مرحلة الطفولة والنشأة، {وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا} (النساء:28)، وهو حينئذ بحاجة إلى مساعدة الآخرين وعطفهم، وقد تتكون في تلك المرحلة كثير من سماته وانفعالاته التي تنعكس على شخصيته، وحتى يُهيَّأ للتكيف مع الحياة، جعله الله في أحسن تقويم {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (التين:4 ).
  • ثم يدخل الإنسان في مرحلة الكَبَد {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد:4) أي في شدة ومشقة، فهو يكابد أمور الدنيا، وأمور الآخرة، فيدخل في بناء شخصيته بالتعليم والعمل وبناء الذات، وفي كل هذا يبحث عن الاستقرار والأمان والسعادة.
  • وقد يحتاج الإنسان إلى القبول من الآخرين، فهو في نطاق أخوة واحدة {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات:10)، وفي مجتمع واحد يشد بعضه بعضا: «إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»؛ لذا فإن على الإنسان أن يستشعر هذه الأخوة: فــ«المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ».
  • وينبغي أن يتغلب جانب الخير على الشر في حياة الإنسان، حتى تستقر نفسه، وينعم بحياته، ويلقى ربه راضيا عنه؛ وقد بين الله -تعالى- لهذا الإنسان الطريقين {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (البلد:10)، ثم هداه هداية الدلالة، وترك له حرية الاختيار: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (الإنسان:3)، والإنسان محط ابتلاء: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرً} (الإنسان:2)، فالله -سبحانه وتعالى- منحه السمع والبصر ليختبره، وليحقق هدفه الأسمى من الحياة في عبادة الله -سبحانه وتعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط والغضب من الله.
  • وفي نهاية عمره يجمع الإنسان شتاته، ويلملم قطعه الصغيرة، ويصفها الواحدة بجانب الأخرى؛ عله يُكوِّن منها صورة واضحة، وشكلا جميلا، وعملا يُرتجى.. وإلا تصبح هذه القطع متناثرة هنا وهناك، لا فائدة منها، وهنا يدرك أنه ضيع عمره!

21/4/2025 م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك