رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 15 يوليو، 2010 0 تعليق

الوطن العربي ينظر إليها لتوفير رغيف الخبز -هل تكون الســــــــــــــودان ســــــــلة غـــــــــذاء الوطن العربي؟

 السودان سلة الغذاء في الوطن العربي، هكذا يطلق عليها الخبراء في مجال الزراعة والاقتصاد، وهذا ليس من فراغ، بل إن المساحة الصالحة للزراعة في السودان تقدر بـ 84 مليون هكتار، ويستغل منها 23٪ فقط.

ومع الأزمة العالمية للغذاء بدأت أنظار العالم العربي تتجه إلى السودان من جديد؛ حيث تم الاتفاق في السنوات القليلة الماضية بين السودان ومصر على زراعة آلاف الأفدنة في محاولة من مصر لتوفير رغيف الخبز للمواطنين، بينما طالبت السعودية بالزراعة في السودان، أما الإمارات وقطر فهناك مشاريع قائمة بالفعل على أرض السودان في مجال الزراعة.

وفي القمة الاقتصادية التي انعقدت في الكويت قدمت السودان دراسة مهمة للغاية حول مشروع الأمن الغذائي العربي لإنتاج القمح.. فما المشروع؟ وما أهدافه؟ وما فرص نجاحه؟ وما التسهيلات التي تقدمها السودان لنجاح المشروع؟ وهل يحقق هذا المشروع بالفعل حلم الأمن الغذائي العربي في مجال زراعة القمح؟ هذه الدراسة توضح ذلك.

زراعة القمح في السودان:

 

السودان من الدول القليلة في العالم التي حققت نجاحاً في زراعة القمح في البيئات الحاره جداً، وذلك نتيجة للجهود البحثية المركزة والمتواصلة في الربع الأخير من القرن الماضي التي تمت عن طريق شراكات فعالة مع مراكز بحوث عالمية في  المكسيك وسورية، وبعون مقدم من دول مانحة (هولندا)، وبتفاعل تام من المنتجين في القطاع العام والخاص. هذا النجاح أدى إلى عقد مؤتمر عالمي للقمح للبيئات الحارة في واد مدني عام 1992م.

وكان من نتاج هذه البحوث أصناف متميزة تتحمل درجات الحرارة العالمية، ومعرفة فسيولوجيا المحصول في البيئات الحارة أدت إلى إنتاج تقانات عظمت من إنتاج المحصول تمثلت في وسائل التأسيس الجيد والمتوازن، ومعرفة الاحتياجات المائية التي تلبي احتياجات المحصول وتمكنه من خفض حرارته بمعدل 3-4 درجات من حرارة الغلاف الهوائي الجاف المحيط به.

هذا التفهم المتكامل للمحصول أدى إلى تحقيق إنتاجية ممتازة في حقول بعض المزارعين في مناطق السودان المختلفة نذكر منها على سبيل المثال 4.1 أطنان للهكتار في مشروع الجزيرة، و6.5 أطنان للهكتار في معتمدية أبو أحمد في ولاية نهر النيل، و8.6 أطنان للهكتار في معتمدية حلفا في الولاية الشمالية.

كما أن النجاحات الكبيرة التي حققها مشروع القمح بوزارة الزراعة الاتحادية أدت إلى إعادة توطين القمح شمال الخرطوم في ولايتي نهر النيل والشمالية بوصفهما من ناحية المناخ أكثر ملاءمة لإنتاج القمح في السودان. كما أن المشروع بإعداده للدراسات الاقتصادية التي توضح أنه من الممكن إنتاج القمح بصورة اقتصادية في السودان ساعد في تغيير بعض السياسات الاقتصادية المتعلقة بالمحصول من دعم للمدخلات، وتحديد سعر أدنى اقتصادي يمكن الدولة من التدخل لشراء المحصول مما أدى إلى تحفيز المنتجين في التوسع في زراعته.

إن الوضع العالمي للمحصول من تدن كبير في مخرونه، والكوارث المناخية التي تعرضت لها بعض الدول الكبيرة المنتجة، وظهور استخدامات أخرى في إنتاج الطاقة الحيوية في كثير من المحصولات، أدى إلى ارتفاع جنوني للأسعار فاق الـ 700 دولار للطن؛ مما شكل ضغطا اقتصاديا عظيما على الدول المستوردة للقمح من دول العالم الثالث، والسودان أحد هذه الدول؛ حيث يستورد أكثر من 70٪ من احتياجاته التي ارتفعت إلى أكثر من 2 مليون طن في العام.

هذه الأوضاع العالمية والداخلية أدت إلى حراك كثيف داخلي واهتمام متعاظم من الدولة ومن مستثمرين محليين ومن الدول الشقيقة؛ باعتبار أن السوادن يمتلك موارد زراعية ضخمة يمكن تسخيرها لإنتاج القمح، الذي يعد من أهم مكونات الغذاء في العالم المحيط بنا. وقد شهدت البلاد في هذا الموسم مبادرات ناجحة في إنتاج القمح بالتقانات المطلوبة وبوسائل ري حديثة غير تقليدية (الري بالرش) في ولايتي نهر النيل والشمالية. 

فرص متاحة

الفرص المتاحة لتطوير إنتاج القمح بالسوادن:

-الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الخبراء السودانيين الذين كانوا يديرون مثل هذا العمل الزراعي في السعودية ودول الخليج، الذين رجعوا للسودان نتيجة لتراجع مساحات القمح في السعودية، وإتاحة الفرص للشركات العربية الكبيرة مثل التي كانت تدير إنتاج القمح شمال السعودية في منطقة حائل وتبوك وغيرهما؛ لخبراتها الضخمة والمتراكمة في إنتاج القمح في بيئات مماثلة لولايتي نهر النيل والشمالية.

 جودة حبوب

 

 

القمح السوداني:

     عرف السودان القمح منذ أكثر من 2000 عام عندما كان يزرع في شماله في مساحات محدودة لسد الطلب المحلي، قبل أن تتوسع زراعته في أماكن أخرى نسبة للطلب المتنامي له. ولقد أدت البحوث والدراسات التي أجريت في هذا المحصول الهام دوراً أساسياً في هذا التوسع الكبير، وأجيز العديد من أصناف القمح في السودان التي تتباين في كثير من صفات الإنتاجية والنوعية، وعند إجازة أي صنف جديد تتم مقارنة إنتاجيته ونوعيته بالأصناف السابقة، ولا تتم الإجازة إلا إذا كان الصنف الجديد يتفوق أو على الأقل يتساوى مع ما سبقه من الأصناف.

     وأوضحت الدراسات أن هنالك اختلافات واضحة بين أصناف القمح السودانية في كثير من الصفات التي تحدد جودة القمح، بعض الأصناف السودانية تحمل في تراكيبها الجينية وحدات جزيئية مرغوبة من البروتين القلوتيني ذات أوزان جزيئية كبيرة والتي تحدد إلى درجة كبيرة (بالإضافة إلى صلابة الحبوب) جودة دقيق القمح واستعمالاته.

     وعند اختبار عينات قمح أخذت من حقول مزارعين لوحظ أن هنالك تدن في نسبة البروتين والقلوتين الرطب بالمقارنة مع عينات أخذت من محطة بحوث الجزيرة، وربما يرجع ذلك لعدة عوامل أبرزها عدم استعمال تقاوي نقية من الصنف المعين وعدم الالتزام بالعمليات الفلاحية وخاصة التسميد بالأزوت.

لذا فإن زراعة الصنف المناسب في التاريخ المناسب مع تطبيق كل الحزم التقنية ستؤدي إلى إنتاج نوعية جيدة من حبوب القمح.

     والجدير بالذكر أن بعض الأصناف السودانية تمت إجازتها في كثير من البلدان كالصنف (إمام) الذي أجيز تحت مسميات مختلفة، ويزرع في كل من إثيوبيا، وإيران، وتركيا وغيرها.

     وهنالك جهود كبيرة تبذل الآن لاستنباط أصناف جديدة ذات نوعية جيدة من الحبوب، وفي هذا الخصوص يقوم برنامج بحوث القمح بإجراء تهجينات مستهدفة واستجلاب واختبار أعداد كبيرة من سلالات المربى (أكثر من 2000 سلالة سنوياً) بغرض انتخاب أصناف ذات جودة عالية وإجازاتها.

 المشروع المقترح

 

 

المشروع المقترح يقع في ولايتي: الشمالية ونهر النيل:

تقع الولاية الشمالية بين خطي عرض 16،22 شمالا وخطي طول 30،32 شرقا، وتحد شرقاً بولاية نهر النيل وشمالاً بجمهورية مصر العربية وجنوباً بولاية الخرطوم.

وتقع الولاية في نطاق المناخ شبه الصحراوي؛ حيث يصل معدل الأمطار إلى أقل من 100 ملم في العام ودرجة الحرارة بين 5 درجات شتاءً و 45 درجة مئوية صيفاً، ويوجد مناخ موضعي في الجزء الشمالي في منطقة وادي حلفا؛ حيث بحيرة النوبة التي تزخر بالثروة السمكية وهطول الأمطار أحياناً في فصل الشتاء.

يعد نهر النيل المصدر الرئيس لمياه الري بالولاية فضلاً عن المياه الجوفية؛ حيث تقع  الولاية في نطاق الحوض الجوفي النوبي الذي يتميز بقرب عمق المياه الدائمة فيه، كما تمتاز التربة بالخصوبة العالية.

ويتيح المناخ وضعا متميزا للولاية في إنتاج القمح؛ حيث طول فصل الشتاء البارد الجاف وارتفاع إنتاجية الفدان.

 المساحة الكلية

 

 

للمشروع المقترح:

تبلغ جملة المساحة 420 ألف هكتار (1 مليون فدان) (294 ألف هكتار بالولاية الشمالية و126 ألف هكتار بولاية نهر النيل).

الأهداف العامة:

الهدف الرئيس للمشروع هو المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي وسد الفجوة للسوقين المحلي والعربي من سلعة القمح الذي يعد من  المحاصيل الاستراتيجية المهمة.

 الأهداف الخاصة:

- زيادة كفاءة القطاع الزراعي بالتوسع في الرقعة الزراعية وإدخال تقانات حديثة للري والزراعة من خلال الشراكات الاستراتيجية.

- الاستثمار في إنتاج القمح بإدخال التقنيات الحديثة (الري المحوري) لتحقيق ربحية عالية ومضمونة للمستثمر والمساهمين.

- الاستغلال الأمثل للموارد الزراعية المتاحة (الأراضي الخصبة، ووفرة المياه) فضلاً عن جودة المناخ والميزة النسبية لموقع المشروع لإنتاج القمح.

- المساهمة في توفير فرص عمالة، والحد من الهجرة، وخلق نوع من الاستقرار الاجتماعي للسكان المحليين بمنطقة المشروع.

- زراعة محاصيل الحبوب الزيتية بجانب القمح من خلال دورة زراعية تراعي الاستخدام الأمثل للموارد لزيادة أرباح المستثمر والمساهمة في توفير احتياجات السوقين المحلي والعربي.

- تشجيع بعض الصناعات التحويلة والغذائية بمنطقة المشروع بتوفير المادة الخام.

- الإسهام في تقليل واردات القمح.

 العوامل المساعدة على نجاح المشروع:

- توافر الموارد الطبيعية من أراض خصبة ووفرة مصادر الري والمناخ الملائم لزراعة القمح في الولايات المذكورة.

- الفجوة العالمية في إنتاج الحبوب الغذائية ولاسيما محصول القمح.

- الارتفاع المستمر في أسعار القمح نتيجة للتغيرات المناخية التي أدت إلى قلة العرض العالمي منه.

- الطلب على محصول القمح في المنطقة العربية وإمكانية تحقيق الأمن الغذائي منه.

- توافر البنيات التحتية والخدمات المساندة.

 تشجيع الاستثمار الزراعي:

ركز برنامج النهضة الزراعية على الآتي:

- تطوير الإجراءات المشجعة للاستثمار في المجال الزراعي.

- تطوير البنى التحتية الزراعية والخدمات المساعدة.

- تفعيل دور القطاع الخاص في عملية التنمية.

- انتهاج سياسة الشراكات الاستراتيجية في الاستثمار مع الدول الصديقة والشقيقة على مستوى القطاع العام والخاص.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك