
المشاركون في ندوة النائب الحمدان: المساس بجيب المواطن خط أحمر ويجـب أن يكـون آخر الحـلــول
الحمدان: الحكومة قدمت قوانين وخططاً لتنويع مصادر الدخل لكنها حبر على ورق، ولم تُفَعَّل على أرض الواقع، ولم ترَ النور إلى الآن
الشطي: عودة النفط الإيراني الذي يتراوح بين 500 ألف برميل إلى مليون برميل يوميًا سيؤدي إلى الاستمرار في اختلال ميزان السوق النفطية
النصف: ما يحصل من هبوط في أسعار النفط أمر جلل ومخيف، ويجب على الحكومة طمأنة المواطنين، متسائلا أين الوزراء والمسؤولون من هذه الأزمة؟
باقر: يجب التفكير في مستقبل أبنائنا وعدم الاعتماد على النفط بوصفه مصدراً وحيداً للدخل، ويجب أن نفكر جديًا كيف نكون شعبًا منتجًا كما كان آباؤنا وأجدادنا؟
الحميضي: الحل الوحيد لتنويع الدخل الحكومي وزيادته هو خصخصة جزء كبير من القطاع العام بعد تفشي الفساد والهدر الهائل فيه
وجه المشاركون في ندوة: (هبوط أسعار النفط وأثره على الاقتصاد الكويتي) التي دعا إليها النائب حمود الحمدان، أصابع الاتهام إلى الحكومة متهمين إياها بالعجز عن إدارة أزمة هبوط أسعار النفط، وأنها فشلت حتى في إدارة الأزمة من الناحية الإعلامية؛ حيث لم تكن لديها الشفافية الكاملة لإطلاع الرأي العام على آلية مواجهتها لتلك الأزمة التي تهدد مستقبل الكويت ومستقبل الأجيال القادمة، معتبرين أن الأوضاع ستكون مأساوية- على حد تعبيرهم- مع استمرار اعتماد الكويت على مورد واحد وهو النفط لسد الميزانية العامة.
إهدار المال العام
وقد افتتح الندوة النائب حمود الحمدان مؤكدًا في بداية كلمته على أهمية الجانب الاقتصادي في تحديد مصير الدول ومستقبلها، إلا أنه أكد على أهمية التعلق بالله -تبارك وتعالى- الذي بيده كل شيء، وأنه هو الذي امتن على أهل الكويت بالرزق الوفير بعد أن كانوا في فاقة يعيشون على الغوص والتجارة، قال تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين}(هود : 6).
، قال تعالى: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون}(يونس: 31)
وقال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي أنّ نَفْساً لنْ تَمُوتَ حَتّى تَسْتَكْمِلَ أجَلَها وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَها، فاتّقُوا الله وأجْمِلُوا في الطَّلبِ، ولا يَحْمِلنَّ أحَدَكُمُ اسْتِبْطاءُ الرِّزْقِ أنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةِ الله، فإنّ الله -تعالى- لا يُنالُ ما عِنْدَهُ إلاّ بِطاعَتِهِ».
وأكد على أنه يجب أن نستشعر أن الرزق من الله -سبحانه وتعالى- وله أسباب ومن هذه الأسباب شكر النعم لقوله تعالى{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}(إبراهيم: 7)؛ فشكر الله تدوم به النعم، والعكس صحيح، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(الأنفال: 53).
حبر على ورق
ثم أشار الحمدان إلى أن مجلس الأمة اجتمع مع الحكومة وطلب تنويع مصادر الدخل بدلاً من الاعتماد على النفط، وقدموا لنا قوانين وخططا؛ لكنها حبر على ورق، ولم تفعّل على أرض الواقع، ولم تر النور إلى الآن.
وانتقد الحمدان التخبط الحكومي، وغياب مسؤولية الحفاظ على المال العام، مؤكدًا أن الندوة جاءت لتضع النقاط على الحروف، ولتبين إلى أين نتجه بعد هبوط أسعار النفط؟
الواقع النفطي
من ناحيته أكد المحلل والخبير الاقتصادي محمد خضر الشطي ممثل الكويت في منظمة الأوبك على أن أسعار النفط موضوع يهم الجميع؛ لأنه يمس حياة المواطن الكويتي اليومية، كما أنها تؤثر في مستقبل الأجيال القادمة، وأخيرًا فهي تمس- ولا شك- الموازنة العامة للدولة.
ثم أشار الشطي إلى ضرورة الابتعاد عن التهويل وتضخيم الأمور فوق ما تستحق، مشيرًا إلى أن انخفاض الأسعار يجب ألا ينظر إليه نظرة جزئية ليوم واحد فقط، وإنما ينظر إليه ضمن الموازنة العامة انخفاضًا وارتفاعًا؛ لأن الأسعار التي تهم الدولة هي الأسعار السنوية والإجمالية.
موضحًا أن النفط الخام الكويتي يباع في الأسواق الواعدة وهي الأسواق الأسيوية بنسبة 85 %؛ حيث تتحصل الكويت على أفضل الأسعار، ويباع منه في أمريكا بنسبة 10 % ، وفي أوربا يباع منه بنسبة 5 %.
- كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه؟
- ثم أكد الشطي على أن وصول أسعار النفط إلى هذا التدني نتيجة الاختلال في ميزان الطلب والعرض؛ حيث ارتفع الطلب في 2014 إلى مليون برميل يوميًا، بينما ارتفعت الإمدادات النفطية بمقدار مليونين و400 برميل يوميًا، كلها أتت من طرف خارجي وهو النفط الصخري الأمريكي الذي استفاد من ارتفاع الأسعار خلال الفترة من 2010 إلى 2014، عند مستويات تفوق 110 دولار للبرميل، التي شجعت كل أنواع الاستثمارات النفطية ومنها تطوير النفط الصخري الأمريكي الذي ليس ضمن نطاق سيطرة أوبك، وبالتالي زادت إمدادات النفط العالمية دون أن يكون لأوبك سيطرة على هذه الزيادة وانتهى عام 2014 بوجود فارق نفطي واختلال في الميزان يقدر بمليون و400 برميل خام يوميًا.
وفي عام 2015 كان هناك اختلال في الميزان توزعت أسبابه ما بين أوبك وبين النفط الصخري، أما في عام 2016 فقد أصبح الوضع معقدًا أكثر؛ حيث حدث تباطؤ في الاقتصاد العالمي سببه شكوك في أداء الصين والاقتصاد الصيني، ومعروف أهمية الصين في الاقتصاد العالمي، وحدث تخوف من حدوث ركود اقتصادي مشابه لما حدث في 2008، فحدث تأثير سلبي في الطلب على النفط، بينما استمرت الإمدادات النفطية في تزايدها.
ثم أشار الشطي إلى دخول عامل جديد آخر وهو عودة إيران إلى السوق النفطية في 16/1/2016؛ فحدث اختلال في الميزان للمرة الثالثة، هذا الاختلال صاحبته زيادة في المخزون العالمي لمستويات لم يشهدها من قبل وصلت إلى 500 ألف برميل يوميًا، ومتوقع أن يستمر هذا الاختلال إلى نهاية هذا العام.
- هل يتوقف الهبوط؟
- ثم استطرد الشطي قائلاً: بعد عرض هذا الواقع هل يمكن أن يتوقف هذا الهبوط في الأسعار؟ والإجابة نعم يمكن ذلك من خلال منظمة الأوبك إذا قامت بسحب الفائض من السوق وبالتالي تعيد التوازن إلى ميزان السوق.
ثم أشار إلى أن الجهود الحالية سواء بقيادة روسيا أوبقيادة فنزويلا وجهود الوزير الفنزويلي وزياراته إلى لمنطقة التي أعطت مؤشراً إيجابياً فتعافت الأسعار بمقدار 10 دولارات للبرميل خلال الفترة الماضية، ولكن هل ستستمر هذه الجهود وهل سيكتب لها النجاح؟
والإجابة بالطبع لا؛ لأسباب عدة أهمها، أن توقيت هذه الجهود خطأ؛ حيث إنه لو استجابت تلك الدول لخفض الإنتاج فإن كميات هائلة من النفط الإيراني قادمة على السوق تقدر من 500 ألف برميل إلى مليون برميل يوميًا والذي بلا شك سيؤدي إلى الاختلال في السوق النفطي.
- هل هناك مؤشرات إيجابية ؟
- نعم هناك مؤشرات إيجابية منها:
- إعلان خمس شركات عالمية خفض الإنفاق؛ لأنها مهددة بالإفلاس بسبب انخفاض الأسعار وتدنيها.
- استمرارا الخفض في منصات الحفر.
- تعثر المشاريع الجديدة وتأجيل كثير من المشاريع لإنتاج نفط جديد.
وهذه المؤشرات أعطت المراقبين الأمل في تعافي الأسعار في نهاية 2016 وبداية 2017.
- هل أنتم تنتحرون؟
- بهذه العبارة بدأ الوزير الأسبق بدر الحميضي كلمته قائلا: هل أنتم تنتحرون؟؛ حيث قال: إنه أثناء حواره مع أحد الخبراء العالميين سأله هذا السؤال: هل أنتم تنتحرون؟ موضحًا أن ميزانية الكويت الحالية لا تغطي رواتب الموظفين، وأنها تتضخم بنسب خطيرة.
ثم طرح الحميضي مجموعة من الحلول منها تخفيض ميزانية العلاج بالخارج، وفرض رسوم على التجار، وإعادة الحسابات في ميزانية الـ600 مليون دينار التي تذهب لدعم العمالة الوطنية، وأيضًا النظر في مكافآت الطلبة في الجامعة والتطبيقي والمعاهد؛ فلا يعقل أن يتساوى أولاد ذوي الدخل المحدود الذين لا تتجاوز رواتب آبائهم 1500 دينار مع أبناء رجال الأعمال التي تتجاوز دخولهم ملايين الدنانير.
تنويع مصادر الدخل
وأضاف الحميضي أن تنويع مصادر الدخل لتعزيز الميزانية العامة يجب ألا يمس ذوي الدخل المحدود، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الحكومة لا تملك العصا السحرية، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في فرض رسوم على دخل أملاك الدولة؛ التي أعطيت للقطاع الخاص، وأن يكون تحصيلها مناسبًا لهذه الخدمات الحكومية التي يستفيد منها القطاع الخاص.
وبين الحميضي أن الحل الوحيد لتنويع الدخل الحكومي وزيادته هو خصخصة جزء كبير من القطاع العام بعد تفشي الفساد فيه، ومع الأسف الحكومة راعية لكل الخدمات حتى الخدم والعمالة المنزلية تدخلت فيها، ونحن إلى الآن لم نتخذ أي خطوات، ولم نصل إلى حلول سواء كانت للمجلس أم للحكومة وهذه مسؤولية كبيرة.
حلول عملية وواقعية
من جهته دعا الوزير السابق أحمد باقر إلى التفكير في مستقبل أبنائنا وتساءل: هل يجوز الاعتماد على النفط بوصفه مصدراً وحيداً للدخل؟! مجيبًا: علينا أن نفكر جديًا وسريعًا كيف نكون شعبًا منتجًا كما كان آباؤنا وأجدادنا؟
وتابع قائلاً: نحن أخطأنا في موجة الزيادات للموظفين في القطاع النفطي، وزيادة رواتب الهيئة التدريسية في الجامعة 120%، مشيرًا إلى أن الموظف في القطاع النفطي يتقاضي 4800 دينار، بينما نظيره الحكومي العادي بالشهادة نفسها يتقاضي 1000 دينار؛ فهذه الاختلالات لم تحسب الحكومة حسابها عندما توجهت بطريقة خطأ لزيادة الكوادر دون مراعاة للعدالة ولمستقبل الأجيال.
معالجة الفساد والخلل في الميزانية
ثم أكد باقر على أن الحكومة إن أرادت فرض الضرائب فعليها أولا معالجة الفساد والخلل في الميزانية العامة، وأن تبدأ بالكبير قبل الصغير، متسائلا: أيعقل أن يحصل مواطن على قسيمة من الدولة بقيمة 300 دينار ويؤجرها لوزارات الدولة بـ750 ألف دينار؟!
كما طالب باقر الحكومة بإدراج الشركات الكبيرة التي تحظى بالمناقصات العامة من الدولة في البورصة بدلا من جعلها مقفلة، وختم كلمته بقوله: علينا إصلاح الاقتصاد ومعالجة الخلل قبل الذهاب إلى جيب المواطنين، وعلينا الحفاظ على مستقبل أبنائنا من الفساد والتبذير وتخطي المشكلات والأزمات المالية من أجل مستقبل الأجيال القادمة من أبنائنا.
أمر جلل ومخيف
من ناحيته عَدَّ الوزير السابق سامي النصف ما يحصل من هبوط في الأسعار أمر جلل ومخيف، وأن على الحكومة مسؤولية طمأنة المواطنين، متسائلا أين الوزراء والمسؤولون من هذه الأزمة؟ لم نر أحداً منهم لا هنا ولا في وسائل الإعلام، يجب أن يكونوا موجودين؛ لأن المعلومات الحقيقية عندهم ويملكون الأرقام الحقيقية؛ لأننا مهما تكلمنا في غياب هؤلاء المسؤولين فكلامنا مجرد تحليلات وتخمينات؛ لأننا لسنا في مطبخ القرار.
مؤكدًا على أنه لابد من معرفة حقيقة العجز وطبيعة الأزمة، مشيرًا إلى أنه يؤيد عدم المساس بجيب المواطن، وأن يكون هذا آخر الحلول، في ظل حالة الهدر المستمرة التي لا تتوقف في مؤسسات الدولة.
الرجل المناسب
ثم أكد النصف على أن الحل يكمن في وجود الرجل المناسب في المكان المناسب، راجياً أن يرى أفضل العقول الكويتية هي من تتسلم المسؤوليات دون تمييز، ثم تساءل كيف تكون الحكومة على علم بالهدر الموجود في وزارات الدولة ثم لا تحرك ساكنًا من أجل وقفه والقضاء عليه؟
مستنكرًا أنه في ظل حالة الهدر هذه يذهب بعضهم للمواطن ليقول له: ادفع من جيبك! يجب أن تكون تضحية المواطن هي آخر الحلول التي نلجأ إليها.
تحدٍ لم تشهده الكويت من قبل
وختم النصف كلمته مؤكدًا على أن التحدي الذي تواجهه الكويت في الوقت الحالي لم تشهده من قبل؛ حيث يتمثل هذا التحدي في ثلاث محاور رئيسة، أولها تحد اقتصادي، والثاني تحد سياسي، وأخيرًا تحد أمني وإقليمي نتيجة لما يحدث من حولنا في المنطقة، مؤكدًا على أن الكويت ليست بعيده ولا معصومه عما يحدث من حولها؛ فهناك شعوب آمنة تغير حالها من حال إلى حال، فلابد من وجود حلول عملية ونظرة مستقبلية لتلك التحديات حتى لانفاجأ بما هو أسوأ.
لاتوجد تعليقات