
المرأة والأسرة – 1265
من سمات البيت المسلم وخصائصه
من أهم سمات البيت المسلم وخصائصه، صلاح الزوجين؛ فقد جعل الإسلام أول الأسس التي يقوم عليها البيت المسلم، صلاح أعمدته، فكان في مقدمة ذلك اختيارُ الزوجة ذاتِ الصلاحِ والدينِ؛ لأنها أهمُّ عوامل الإصلاح للبيت بعد الرجل، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك».
وأرشدَ أولياءَ المرأة إلى اختيار الزوج الصالح، ذي الخُلقِ القويم، والدين المستقيم؛ فقال -صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ؛ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»، وباجتماع الزوج الصالح، والزوجة الصالحة، يُبنى البيتُ الصالح بإذن الله -تعالى-: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} (الأعراف: 58).
ومن سمات البيت المسلم قيامه على الإيمان والعمل الصالح، فهو بيت قائم على الدين والتقى، تربط أفراده رابطة الإيمان: {والَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (الطور:21)، وهو متميز في إسلامه، يوالي ويحب في الله، ويعادي ويبغض في الله، أهله محافظون على الصلوات، ورجاله يسارعون لتأديتها في المساجد، {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}(البقرة:43)، وتقيم نساؤه الصلاة ويحافظن عليها في أوقاتها فهي عماد الدين.
وهو بيت قائم على ذكر الله -جلَّ وعلا-، فالذكر حصن للبيت من شياطين الجن ومن كل سوء، ولهذا شرع للمسلم أن يذكر الله عند دخول منزله، وعند خروجه، وعند الطعام، وعند الشراب، وعند النوم وعند الاستيقاظ، وعند البدء في الأعمال، وعند دخول الخلاء وعند الخروج منه، وعند ارتداء الملابس أو خلعها، ذكر في كل حال.
البيت المسلم قائم على العلم والعمل
فأفراده يعلّم بعضهم بعضا، وينصح بعضهم بعضا، وينبغي للأب أن يكون ذا علم وتقى؛ ليوجه الأبناء والبنات، ويحثهم على الآداب الشرعية، من آداب الطهارة، وأحكام الصلاة، وآداب الاستئذان، والحلال والحرام؛ حتى يكون البيت قائمًا على معرفة الحق والعمل به.
أثر المحبة على البيوت
قال الشيخ العلامة عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: مما لا شك فيه أن البيت الذي تسوده المودة والمحبة والرأفة والتربية الإسلامية، يؤثر على الرجل فيكون بإذن الله موفقًا في أمره، ناجحًا في أي عمل يسعي إليه، من طلب علم أو كسب تجارة أو زراعة أو غير ذلك من أعمال.
خطورة التسرع في طلب الطلاق
ينبغي للزوجة عدم التسرُّع في طلب الطلاق؛ فقد تندم حين لا ينفع الندم: قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: النصيحة للزوجة ألا تتسرَّع في طلب الطلاق من الزوج، بل عليها أن تصبرَ وتتحمَّلَ المرة تِلْوَ الأخرى حتى إذا أيِسَتْ من الصلاح والإصلاح فلا بأس؛ لأن الله -تعالى- قد جعل لكل ضِيْقٍ فَرَجًا، أما كونها تتسرَّع وتريد من الزوج أن يكون على هواها في كل شيء، فلا ينبغي منها ذلك، وأكثر ما يقع هذا فيما إذا تزوَّج الزوج بزوجةٍ أخرى، فإنها حينئذٍ تُسارع إلى طلب الطلاق والإلحاح عليه، وتندم حين لا ينفع الندَمُ، فنصيحتي لها أن تصبر وتحتسب الأجْرَ من الله -عزوجل-.
الزوجان والتعاون على البر والتقوى
البيت المسلم بيت يتعاون أهله على البر والتقوى، وعلى طاعة الله، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فأي ضعف في المرأة أو قصور في سلوكها، فإن الرجل الصالح يصحح الأوضاع، ويقوِّم ما اعوج من السلوك، ويبذل جهده لتوجيه المرأة، وإصلاح شأنها وإبعادها عن كل ما يخالف الشرع، وكذلك المرأة المسلمة، فهي متعاونة مع زوجها، عندما ترى نقصًا أو خللا فهي ذات نصح وتوجيه، وصبر وتحمل، ونصيحة للزوج وسعيًا في إنقاذه من عذاب الله، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ فَإِذَا أَوْتَرَ قَالَ: «قُومِي فَأَوْتِرِي يَا عَائِشَة»، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ».
القراءة في البيوت والصلاة فيها
قال الشيخ العلامة ابن باز -رحمه الله-: القراءة في البيوت والصلاة فيها، من القربات، ومما يحبُّه الله -عزوجل-، وهي سبب من أسباب وجود البركة في البيت، ومن أسباب قلَّة الشياطين فيها؛ لأنها تنفر من سماع ذِكر الله، فهي تكره سماع الخير وتحبُّ سماع الشر، فكلما كان أهل البيت أكثر قراءةً للقرآن وأكثر مذاكرةً للأحاديث وأكثر ذكراً لله وتسبيحاً وتهليلاً، كانوا أسلم من الشياطين وأبعد عنها، وكلما كان البيت مملوءًا بالغفلة، وأسبابها من الأغاني والملاهي والقيل والقال، كان أقرب إلى وجود الشياطين المشجعة على الباطل.
تصدُّق المرأة من طعام بيتها
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئًا»، قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: هذه المسألة لها خمس أحوال:
الحال الأولى: أن يأذن لها بالصدقة، فهنا تتصدق.
الحال الثانية: أن يمنعها من الصدقة، فإن منعها، فإنه لا يحل لها أن تتصدق، حتى ولو كان بقية طعامهم.
الحال الثالثة: أن يغلب على ظنها إذنه بذلك وفرحه، فهنا تتصدق وإن لم تستأذنه، ولها أجر.
الحال الرابعة: أن يغلب على ظنها أنه يكره ذلك ويمنع منه، فلا تتصدق.
الحال الخامسة: أن تشك وتتردد في رضاه، فإنها لا تتصدق، لكن إذا كان يغلب على ظنها أنه يمنعها أو شكت، فلتستأذنه.
فوائد أداء النوافل في البيوت
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: النوافل: الأفضل أن تكون في البيت، وذلك فيه فوائد:
- أولاً: أن يعمر البيت بذكر الله، ولا يخلو البيت من ذكر الله.
- ثانياً: أنه متى عمّر البيت بالذكر فإنه يكون مطردة للشياطين ومأوى للملائكة والخير.
- ثالثاً: أنه يكون قدوة حسنة للزوجة، والصغار، ولأهله إذا رأوه يكثر من النوافل، اقتدوا به فأكثروا منها.
- رابعاً تعليم الأهل كيفية الصلاة فقد يكون بعض الأولاد أو بعض النساء لا يحسنون الصلاة، فإذا صلى ولي أمرهم أمامهم في البيت اقتدوا به وتعلموا صفة الصلاة.
- خامسًا: أن يكون أقرب إلى الإخلاص، وأبعد من الرياء.
خدمة الإنسان لأهله في بيته
عن الأسود بن يزيد قال: «سئلت عائشة -رضي الله عنها-: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - يعني: خدمة أهله - فإذا حضرتِ الصلاة، خرج إلى الصلاة»، قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: «هذا من تواضع النبي -عليه الصلاة والسلام-، أنه يكون في البيت في خدمة أهله أي: يساعد أهله فيما ينوب البيت من تغسيل وتنظيف وغير ذلك، وهذا مع كونه هديَ النبي - صلى الله عليه وسلم - هو أقوى ما يكون جلبًا للمودة والمحبة بين الرجل وأهله، فإذا شعرت الزوجة بأن زوجها يساعدها في شؤون البيت، ويكون معها، فإنها تحبه أكثر بلا شكٍّ؛ لأن عادة الرجال في الغالب أن يترفعوا عن هذا الأمر، فإذا تواضع وصار يساعد زوجته، صار في هذا جلبٌ للمودة والمحبة».
لاتوجد تعليقات