
المرأة والأسرة – 1250
المرأة الصالحة في عبادة دائمة
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة»، فعلى المرأة أن تكون صالحة سواء كانت بنتًا، أو زوجًة، أو أمًا، متمثلة معنى العبودية لله، وعليها أن تكون واعيةً هدي دينها تؤمن إيمانًا عميقا بأنها خلقت في هذه الحياة الدنيا لهدف كبير، حدده رب العزة بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
الحياة في نظر المرأة المسلمة الراشدة ليست في قضاء الوقت بالأعمال اليومية المألوفة، والاستمتاع بطيبات الحياة وزينتها فحسب؛ وإنما الحياة رسالة، على كل مؤمنة أن تنهض بها على الوجه الذي تتحقق فيه عبادتها لله عزوجل، وهكذا تستطيع المرأة المسلمة أن تكون في عبادة دائمة، وهي تقوم بأعمالها كلها، ما دامت تستحضر في نيتها أنها تقوم بأداء رسالتها في الحياة، كما أراد الله لها أن تكون، إنها لفي عبادة وهي تبر والديها، وتحسن تبعّل زوجها، وتعتني بتربية أولادها، وتقوم بأعبائها المنزلية، وتصل أرحامها.. الخ، مادامت تفعل ذلك كله امتثالا لأمر الله، وبنية عبادتها إياه -سبحانه وتعالى-.
المرأة المسلمة قد تخطئ وقد تقصر
المرأة المسلمة التقية الصادقة، قد تخطئ وقد تقصر، وقد تزل بها القدم، ولكنها سرعان ما تنخلع من زلتها، وتستغفر الله من خطئها، وتتبرأ من تقصيرها، وتتوب من ذنبها، وهذا شأن المسلمات التقيات الصالحات: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}، فالمرأة المسلمة التقية تستعين دوما على تقوية روحها وتزكية نفسها بدوام العبادة والذكر والمحاسبة واستحضار خشية الله ومراقبته في أعمالها كلها، فما أرضاه فعلته، وما أسخطه أقلعت عنه، وبذلك تبقى مستقيمة على الجادة، لا تجور، ولا تظلم، ولا تبتعد عن سواء السبيل.
صيانة الإسلام للمرأة
إنَّ نعمة الله على المرأة المسلمة عظيمة، ومنَّته عليها كبيرة جسيمة، حيث هيأ لها في الإسلام أسباب سعادتها وصيانة فضيلتها وحراسة عفتها وتثبيت كرامتها ودرء المفاسد والشرور عنها؛ لتبقى زكية النفس طاهرة الخلق منيعة الجانب مصونة عن موارد التهتك والابتذال محميةً عن أسباب الزيغ والانحراف والانحلال.
من دعائم بناء الأسرة المسلمة
من أهم دعائم بناء الأسرة المسلمة الإيمان بالله واليوم الآخر، ولزوم التقوى والمراقبة، ويقوي هذا الإيمان الاجتهاد في الطاعة والعبادة والحرص عليها والتواصي بها بين الزوجين، تأملوا قوله-[-: «رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلّت، فإن أبت نضح في وجهها- يعني رش عليها الماء رشاً رفيقا- ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلّت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)، فإن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة دنيوية مادية فحسب؛ بل هي علاقة روحية كريمة، وحينما تصح هذه العلاقة وتصدق هذه الصلة فإنها تمتد إلى الحياة الآخرة بعد الممات: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} (الرعد: 23).
الحجاب صيانة للمرأة
الإسلام لم يفرض على المرأة الحجاب ولم يمنعها من التبرج إلاَّ ليصونها عن الابتذال، وليحميها من التعرّض للرِّيبة والفحش، وليمنعها من الوقوع في الجريمة والفساد، وليكسوها بذلك حلَّة التّقوى والطّهارة والعفاف، وتسدَّ بذلك كلَّ ذريعة تفضي إلى الفاحشة، قال الله -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب:33)، وقال -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب:53)، وقال -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النور:31)، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (الأحزاب:59)، إلى غير ذلك من النصوص العظيمة التي تهدف إلى صيانة المرأة المسلمة وتحقيق عفتها وحفظ كرامتها وإبعادها عن أسباب الشر وبذور الفتن.
المرأة الإيجابية
المرأة الإيجابية طالبة للعلم حريصة عليه، ذلك لأنها تعلم أنه حياة القلوب، ونور البصائر وشفاء الصدور، ورياض العقول، وهو الميزان الذي توزن به الأقوالُ والأعمالُ والأحوال، وهو الحاكم المفرّق بين الغيّ والرشاد، والهدى والضلال به يُعرف الله ويُعبد، ويُذكر ويوحّد، ويحمد ويمجد، به تعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال عن الحرام، مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد، وطلبه قربه، وبذله صدقه، فالمرأة الإيجابية حريصةٌ على طلب العلم مجاهدةٌ في الحصول عليه والزيادة منه تدعو بما أمر الله به رسوله -صلى الله عليه وسلم -: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، تقتدي بأسلافها من الصالحات المؤمنات اللاتي قلن: «يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك» فوعدهن يومًا، فلَقِيَهُنَّ فيه ووعظهن وأمرهن»، فلم يكتفين بالمجالس العامة التي كن يشتركن فيها مع الرجال كحضور الصلوات والجمع والجماعات في الأعياد ونحوها بل أردن أن يخصص لهن مجلسًا.
كتب تهم الأسرة المسلمة
من الكتب المهمة التي يجب أن تكون في بيت كل أسرة مسلمة كتاب: «مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة» للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-، يتناول هذا الكتاب مجموعة فتاوى مقدمة لأفراد الأسرة لما يعن أمامها من تساؤلات واستفسارات في علاقة أفرادها ببعضهم وحدود تلك العلاقة وضوابطها، ومن فتاوى الكتاب: حكم زينة المرأة، وحكم حديث المرأة مع الرجال، وحكم مصافحة المرأة الأجنبية، وأسئلة خاصة بلعب الأطفال، وهل يجوز للأب أو الأم معاقبة الطفل بالضرب أو وضع شيء مر أو حار في فمه كالفلفل إذا ارتكب خطأ؟ وغير ذلك من الأسئلة المهمة التي لا تستغني عنها أي أسرة. من أخطاء الأمهات في تربية الأبناء
كثير من الأمهات تكون عاطفة الأمومة لديها قوية، وتكاد لا تستطيع أن تتحكم بمشاعرها أمام طفلها وخاصة إذا كان الطفل الأول، فتراها تتصرف بعاطفتها فقط فتهتم به اهتمامًا أكثر من حاجته، حتى أننا نرى كثير منهن ما إن يقع ابنها في بداية تعلمه المشي تركض وترفعه عن الأرض وتقبله، وتكرر هذا الفعل في كل مرة، وهنا الطفل يصبح اتكاليًا حتى أنه بعد عدة مرات إن وقع لا يحاول القيام ولكن ينتظر أمه لتساعده، ومواقف أخرى كثيرة كأن تطعمه إلى سن يجب أن يعتمد على نفسه فيها ولكنها من شدة قلقها تعطيه كل هذه العناية، وهي هنا لا تعلم أن هذا التدليل والخوف الزائد يولد عنده الخوف من مواجهة الحياة وتُضعِف ثقته بنفسه.
المرأة والشعور بالمسؤولية
لابد للمرأة المسلمة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهل في توجيههم كسلاً أو تسويفاً أو لا مبالاة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم: 6)، فلنجنب أنفسنا وأهلينا ما يستوجب النار، ولن ينجي المرأة أنها ربت ابنها لكونها طاهية طعامه وغاسلة ثيابه؛ إذ لابد من إحسان التنشئة، ولابد من تربية أبنائها على عقيدة سليمة وتوحيد صافٍ وعبادة مستقيمة وأخلاق سوية وعلم نافع.
لاتوجد تعليقات