
العيـد فرصـــة للتجديد
العيد فرصة نادرة لتجديد علاقة المسلم بخالقه من جهة، وتجديد علاقته بالخلق من جهة أخرى؛ تحقيقاً لعبودية الله -جل وعلا- على الوجه الأكمل.
العيد فرصة لتجديد الإيمان حتى لا يَخْلَق ويبلى، وزيادته حتى لا ينقص وينفد؛ لأنه يخلق كما يخلق الثوب، كما أنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. وفي الحديث: «إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ فَاسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ» صححه الألباني في صحيح الجامع.
العيد فرصة لتجديد التوبة؛ لأن الله تعالى يحب التوابين، قال جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} (البقرة: 222)؛ ولأن المعاصي تحجب العبد عن ربه وتحرمه، التوفيق إلى فعل الخيرات، وتجلب عليه غضب الرب سبحانه.
العيد فرصة لتجديد علاقة المسلم بوالديه، ببرهما ووصلهما إن كانا على قيد الحياة، وبالدعاء لهما ووصل أحبابهما إن كانا في عداد الأموات، فقد روى أبو داود في سننه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله: هل بقي عليَّ من بر أبويَّ شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: «نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا تُوصل إلا بهما، وإكرام صديقهم».
العيد فرصة لتجديد العلاقة مع الزوجة والإحسان إليها وإكرامها وإزالة الجفوة والخصومة؛ امتثالاً للقرآن الكريم الذي أمر بالمعاشرة بالمعروف والسنة النبوية التي وصت بالنساء خيراً، قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: 256)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (استوصوا بالنساء خيراً) رواه البخاري (3331)، ومسلم (1468)، واللفظ له.
العيد فرصة لتجديد العلاقة مع الأهل بصلة الأرحام وبذل الخير والمعروف إليهم، فخير الناس خيرهم لأهله، وأولو القربى أولى بالمعروف والإحسان؛ قال تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الروم: 38)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه التِّرْمِذِيُّ (3895).
العيد فرصة لتجديد العلاقة مع الجيران وتفقد أحوالهم، ومساعدة المحتاج منهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكد حقَّ الجار، ووصى به في غير مرة، كما في الحديث: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» رواه البخاري (5669) ومسلم (6854).
والعيد فرصة لتجديد العلاقة مع جميع المسلمين، بإزالة الخصومات وإصلاح ذات البين وإقالة العثرات وإغاثة اللهفان، والدعاء لسائر المسلمين بالنصرة والخير، والتعامل بخلق حسن، فالمسلم أخو المسلم، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام. وفي الحديث: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» رواه البخاري (6011) ومسلم (2586)، وفي الحديث: «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» (1987).
لاتوجد تعليقات