رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وليد دويدار 4 فبراير، 2014 0 تعليق

إضاءات سلفية (10) العمل الصالح


العمل الصّالح: هو العمل المراعى من الخلل، وأصله الإخلاص في النّيّة وبلوغ الوسع في المجادلة بحسب علم العامل وإحكامه

 


قال تعالى: {فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَوابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ} (آل عمران: 195).

وعن البراء-رضي الله عنه - قال: أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجل مقنّع بالحديد. فقال: يا رسول الله، أقاتل أو أسلم؟. قال: «أسلم ثمّ قاتل»، فأسلم ثمّ قاتل فقتل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «عمل قليلا وأجر كثيرا». البخاري.

والعمل الصّالح: هو العمل المراعى من الخلل، وأصله الإخلاص في النّيّة وبلوغ الوسع في المجادلة بحسب علم العامل وإحكامه، وقال بعضهم: العمل الصّالح ما دبّر بالعلم.

عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا أحسن أحدكم إسلامه فكلّ حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكلّ سيّئة يعملها تكتب له بمثلها» متفق عليه.

وعن أبي هريرة- رضي الله عنه - أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلّا من ثلاثة، إلّا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم.

وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» رواه مسلم.

وقال عليّ بن أبي طالب-رضي الله عنه - «ارتحلت الدّنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكلّ واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدّنيا، فإنّ اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل».

(37) الحسد

قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة: 109).

وقال سبحانه: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (الفلق: 1 - 5)

قال الجرجانيّ: الحسد تمنّي زوال نعمة المحسود إلى الحاسد.

وقال الجاحظ: الحسد: هو التألّم بما يراه الإنسان لغيره وما يجده فيه من الفضائل، والاجتهاد في إعدام ذلك الغير ما هو له، وهو خلق مكروه وقبيح بكلّ أحد.

وعن ضمرة بن ثعلبة- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلي الله عنه : «لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا» صححه الألباني.

وقال معاوية-رضي الله عنه -: ليس في خصال الشرّ أعدل من الحسد، يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود.

وقال أبو الدرداء: ما أكثر عبد ذكر الموت إلّا قلّ فرحه وقلّ حسده.

وقال الحسن: يا بن آدم لم تحسد أخاك؟

فإن كان الّذي أعطاه لكرامته عليه، فلم تحسد من أكرمه الله؟ وإن كان غير ذلك فلم تحسد من مصيره إلى النار.

قال ابن المعتزّ: الحسد داء الجسد.

قال عبد الله بن المعتزّ- رحمه الله-:

اصبر على كيد الحسو

                         د فإنّ صبرك قاتله

فالنّار تأكل بعضها

                        إن لم تجد ما تأكله

وقال بعض السلف: الحسد أوّل ذنب عصي الله به في السماء، يعني حسد إبليس لآدم- عليه السلام- وأوّل ذنب عصي الله به في الأرض، يعني حسد ابن آدم لأخيه حتّى قتله.

(38) سوء المعاملة

سوء المعاملة هي أن يفعل الإنسان ما من شأنه أن يغمّ أو يؤذي غيره في المعاملات الشّرعيّة من بيع وإجارة ونحوهما، أو المعاملات السّلوكيّة والأخلاقيّة المتعلّقة بالنّفس أو الغير في إطار الأسرة والمجتمع والبيئة.

وعن عبد الرّحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنهما- أنّ رجلا قال: يا رسول الله، أيّ النّاس خير؟ قال: «من طال عمره وحسن عمله» قال: فأيّ النّاس شرّ؟ قال: «من طال عمره وساء عمله» رواه الترمذي وصححه الألباني.

وعن سهل بن الحنظليّة- رضي الله عنه - قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال: «اتّقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة».

وفي الحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك- رضي الله عنه - قال: كنت أمشي مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجرانيّ غليظ الحاشية- فأدركه أعرابيّ فجبذه جبذة شديدة حتّى نظرت إلى صفحة عاتق النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد أثّرت به حاشية الرّداء من شدّة جبذته، ثمّ قال: مر لي من مال الله الّذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثمّ أمر له بعطاء». فانظر إلى سوء معاملة الأعرابي وانظر إلى حسن ردة فعل النبي الأمي صلى الله عليه وسلم .

قيل: إن داود- عليه السّلام- قال: «المرأة السّوء على بعلها كالحمل الثّقيل على الشّيخ الكبير، والمرأة الصّالحة كالتّاج المرصّع بالذّهب كلّما رآها قرّت عينه برؤيتها».

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقّه مائل» أبو داود والترمذي وصححه الألباني.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مطل الغنيّ ظلم» رواه البخاري.

(39) اللين

      يُطلق اللين ويراد به: الكلام الرّقيق السّهل، وقال ابن كثير: الحاصل من أقوالهم في هذه الآية: أنّ دعوة موسى وهارون لفرعون تكون بكلام رقيق ليّن سهل رفيق ليكون ذلك أوقع في النّفوس وأبلغ وأنجع، أمّا لين الجلود والقلوب في قوله عزّ وجلّ: {ثُمَّ تَلِيْنُ جُلُوْدُهُمْ وَقُلُوْبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ} (الزمر: 23)، ففيه إشارة إلى إذعانهم للحقّ وقبولهم له بعد تأبّيهم منه وإنكارهم إيّاه، وقال ابن كثير: هذه صفة الأبرار عندما يسمعون كلام الجبّار.

قال الله لموسى عليه السلام: {اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَـتِى وَلاَتَنِيَا فِى ذِكْرِى (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولاَ لَهُ قَوْلا لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } (طه: 42 - 44).

وورد في شعر منسوب لزيد بن عمرو بن نفيل، وقيل لأميّة بن أبي الصّلت ما يشبه أن يكون من القول اللّيّن:

فقلت له: فاذهب وهارون فادعوا

                                       إلى الله فرعون الّذي كان باغيا

فقولا له: هل أنت سوّيت هذه

                                       بلا وتد، حتّى استقلّت كما هيا

وقولا له: آأنت رفّعت هذه

                                       بلا عمد، أرفق إذن بك بانيا

قولا له: من يخرج الشّمس بكرة

                                       فيصبح ما مسّت من الأرض ضاحيا

وقولا له: من ينبت الحبّ في الثّرى

                                       فيصبح منه البقل يهتزّ رابيا

ويخرج منه حبّه في رءوسه

                                       ففي ذاك آيات لمن كان واعيا

وقال الله عز وجل: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيْثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُوْدُ الَّذِيْنَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِيْنُ جُلُوْدُهُمْ وَقُلُوْبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِيْ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ.} (الزمر: 23).

(40) كتمان السر

كتمان السّرّ، قال الجاحظ: وهذا الخلق مركّب من الوقار وأداء الأمانة، فإنّ إخراج السّرّ من فضول الكلام وليس بوقور من تكلّم بالفضول.

والكتمان نوعان:

- الأوّل: الكتمان المحمود، وهو ضرب من الأمانة ونوع من الوفاء، وعلامة على الوقار، وهو كتمان سرّ الغير أو النّفس وهو مناط هذه الصّفة ومعقدها.

- الآخر: الكتمان المذموم وهو على ضربين أيضا:

أ- كتمان الشّهادة: وقد ذمّه المولى عزّ وجلّ في قوله: {وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ  } (البقرة: 283) .

ب- كتمان ما أنزل الله: وقد أخذ المولى عز وجلّ العهد على الأنبياء والمرسلين بألّا يكتموا ممّا أوحي إليهم شيئا، وتوعّد من يفعل ذلك بذلّ الدّنيا وعذاب الآخرة فقال عزّ من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ} (البقرة: 174).

عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ من أشرّ النّاس عند الله منزلة يوم القيامة، الرّجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثمّ ينشر سرّها» رواه مسلم.

وعن ثابت عن أنس- رضي الله عنهما- قال: أتى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم - وأنا ألعب مع الغلمان- قال: فسلّم علينا، فبعثني إلى حاجة، فأبطأت على أمّي، فلمّا جئت قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله[ لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنّها سرّ. قالت: لا تحدّثنّ بسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا. قال أنس: والله لو حدّثت به أحدا لحدّثتك يا ثابت. رواه مسلم.

وقال الشّاعر:

إذا المرء أفشى سرّه بلسانه

                                     ولام عليه غيره فهو أحمق

إذا ضاق صدر المرء عن سرّ نفسه

                                     فصدر الّذي يستودع السّرّ أضيق

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك