رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 13 يوليو، 2010 0 تعليق

صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية (10)

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله وصحبه والتابعين،،،

ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم، وصدق سبحانه في كل ما قال عنهم من صفاتهم في كتابه:

 

كنا  قد ذكرنا في الحلقة السابقة شيئا من جدال اليهود بالباطل :

ومن جدالهم: جدالهم فيما حرم عليهم من الأطعمة، وإنكارهم لذلك، فقال الله تعالى: {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} (آل عمران:93) .

أي: أن إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام كان قد حرم أشياء على نفسه من قبل أن تنزل التوراة، مثل لحوم الإبل وألبانها، ثم إن التوراة نزلت بتحريم أشياء على بني إسرائيل كانت  حلالا  لهم ، بسبب ظلمهم وعدوانهم، عقوبة لهم، كما قال تعالى  {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا} (النساء:  160) .

وقال سبحانه أيضا: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم} ثم قال {ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} (الأنعام:146 ) .

وأمر الله تعالى رسوله [ إن أنكر اليهود  ذلك وعاندوا ، وامتعضوا مما نطق به القرآن من تحريم بعض الطيبات عليهم، أن  يأتوا بالتوراة فيقرؤها ليروا ذلك بأعينهم، وتقوم به عليهم حجة الله عز وجل .

فلهذا قال ههنا: {فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون}.

وهذا من أعظم الدلائل على صدق نبوة نبينا محمد [ بما أقام عليهم من الأدلة من كتابهم نفسه، وإخبارهم عما فيه .

ولذلك أتبعه بقوله: {قل صدق الله} أي: فيما أخبر وحكم ، {فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين} وهذا دليل على أن اليهود لم يكونوا على ملة إبراهيم عليه السلام .

ثم قال سبحانه: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين} وهذا رد على زعمهم وجدالهم أن بيت المقدس أفضل من الكعبة المشرفة، والبيت الحرام الذي بمكة، بأنه أول مسجد وضع في الأرض، فهو أسبق بناء من بيت المقدس، وأجمع منه للديانات السماوية .

 

-  ومن ذلك: كثرة أسئلتهم وجدالهم للنبي [ وتعنتهم في ذلك، بقصد إحراجه .

1-  فمن ذلك فقد جاء في الصحيحين: عن عبد الله بن مسعود قال: " بينا أنا مع النبي [ في حرث وهو متكئ على عسيب – أي جريدة نخل –  إذ مر اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح. فقال  ما رابكم إليه؟ أي ما دعاكم إلى سؤال تخشون سوء عقباه – وقال بعضهم: لا يستقبلكم بشيء تكرهونه، فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبي [  فلم  يرد عليهم شيئا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي فلما نزل الوحي قال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} (الإسراء) .

2- وفي صحيح مسلم في كتاب الحيض(315): عن ثوبان رضي الله عنه أنه قال: " كنت قائما عند رسول الله [ فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك يا محمد! فدفعته دفعة كاد يصرع منها، فقال: لم تدفعني؟  فقلت: ألا تقول يا رسول الله! فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله، فقال رسول الله [: " إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي  "  فقال اليهودي: جئت أسألك، فقال له رسول الله [: " أينفعك شيء إن حدثتك؟! " قال: أسمع بأذني، فنكت رسول الله [ بعود معه، فقال: " سل " فقال اليهودي: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟  فقال رسول الله [: " هم في الظلمة دون الجسر – أي الصراط –  . فقال اليهودي: فمن أول الناس إجازة – أي عبورا- على الصراط؟ قال: " فقراء المهاجرين "، فقال اليهودي: فما تحفتهم – أي هديتهم – حين يدخلون الجنة؟ فقال رسول الله [: " زيادة كبد الحوت", فقال اليهودي فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها "، فقال: فما شرابهم عليه؟ قال: " من عين تسمى سلسبيلا " فقال اليهودي: صدقت .

قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض، إلا نبي أو رجل أو رجلان . قال: " ينفعك إن حدثتك " فقال اليهودي: أسمع بأذني، ثم قال: جئت أسألك عن الولد؟ فقال النبي [: " ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله – أي كان الولد ذكرا – وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنثا  بإذن الله - أي كان الولد أنثى – فقال اليهودي: لقد صدقت وإنك لنبي، ثم انصرف فذهب!!".

فظاهر الحديث أن هذا اليهودي وهو صاحب علم بالتوراة كما يظهر من أسئلته، لم يسلم ولم يستفد من أسئلته شيئا، بل لعله سأل وأكثر من السؤال والاستفصال  من أجل زلزلة الإيمان في قلوب المسلمين، أو إظهار عجز النبي  [ عن الجواب، أو لبث الشكوك والشبهات حول دعوته ودينه، والله تعالى أعلم

13 -  نبذهم لكتاب الله تعالى  واتباعهم  للسحر والشياطين:

وهذه من صفاتهم التي ذكرها الله سبحانه عنهم  في كتابه الكريم، وهي من استبدالهم الذي هو أدني بالذي هو خير، وهي من صفاتهم المشهورة،  ولا يقع فيها إلا أصحاب القلوب المريضة، والنفوس الخبيثة، والعقول الطائشة، فيبيع الغالي النفيس، بالتافه الرخيص؟!

وفي ذلك يقول الله تعالى: {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أتوا الكتاب  كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون * واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت...}  الآيات (البقرة:102).

أي: حين جاء اليهود وأحبارهم رسول الله محمد [ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل باسمه وصفته، نبذوا ذلك وطرحوه وأعرضوا عنه!! كأنهم لا يعلمون ما فيها، وأقبلوا على السحر وتعلمه واتباعه، وما تختلقه الشياطين وتكذبه على نبي الله سليمان عليه السلام، حيث أخرجت الشياطين للناس السحر، وزعمت زورا وإفكا أن  سليمان عليه السلام كان يستعمله، وبه حصل له الملك العظيم؟! وهم كذبة في ذلك، فلم يكن يستعمله أبدا، وقد نزهه المولى سبحانه فقال: {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } أي: يغونهم به ويضلونهم.

وكذلك اتبع اليهود وعلمائهم  ما أنزل على الملكين هاروت وماروت  ببابل من أرض العراق، وكان قد أنزل عليهما السحر امتحانا للناس، واختبارا من الله لعباده.

قال تعالى: {ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم} أي: ما يضرهم في دينهم ودنياهم، {ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق} أي: ماله في الآخرة من نصيب، لاستبدالهم بالسحر عن متابعة الرسول [، وهم يعلمون ذلك .

وقوله تعالى: {ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون} أي: ولبئس البديل الذي ارتضوه لأنفسهم لو أنهم عقلوا تصرفاتهم.

ثم قال تعالى: {ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون} أي: لو أنهم آمنوا بالله ورسوله [، واتقوا محارم الله تعالى، لكان خيرا لهم وآجر .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك