رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 25 مارس، 2014 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 81 ) باب : صلاة الضُحى ركعتان

 

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

 

367.عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى».

 

الشرح:

 قال المنذري: باب: صلاة الضحى ركعتان.

وأخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/498) في الباب نفسه.

     قوله: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى «السُلامى هي العظام، أو مفاصل العظام، يعني: أنه يُصبح كل يومٍ على كل واحد منا صدقة، والبدن فيه ثلاثمائة وستون مفصلاً، ما بين صغيرٍ وكبير، كما في الحديث عند مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خُلق الإنسانُ على ستين وثلاثمائة مفصل، على كل مفصل صدقة».

فعلى هذا يصبح على كل إنسان كل يوم ثلاثمائة وستون صدقة.

     قوله: «فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ..» أي: هذه الصدقات ليست صدقات مالية، بل هي أعم من ذلك، في كل أبواب الخير، فكل تهليلةٍ صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة.

     وفي الرواية الأخرى: عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كلُّ سُلامى من الناس عليه صدقة كلَّ يوم تطلع فيه الشمس، تَعدلُ بين اثنين صدقة، وتعين الرَّجل في دابَّته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعَه صدقة ، والكلمةُ الطيِّبة صدقة، وبكلِّ خطوة تَمشيها إلى الصلاة صدقة، وتُميط الأذى عن الطريق صدقة». رواه البخاري ومسلم.

فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أمثلة مِمَّا تحصل به الصدقة، وهي فعلية وقولية، قاصرة ومتعدِّية، فكلُّ قُربة يأتي بها الإنسانُ، سواء كانت قولية أو فعلية، فهي صدقة.

     وعلى هذا: فقراءة القرآن صدقة، إفشاء السلام صدقة، والدعاء صدقة، طلب العلم صدقة، القراءة والتعليم صدقة، بر الوالدين صدقة، صلة الرحم صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق من شوك أو حجر صدقة؛ وحينئذ تكثر الصدقات، ويمكن أن يأتي الإنسان بما عليه من الصدقات  بأي وجه منها.

وقوله في الرواية الأخرى: «الكلمة الطيِّبة صدقة»، يدخل تحته كلُّ كلام طيِّب من الذكر والدعاء.

     ثم قال: «ويُجزئ من ذلك». أي: يُغني عن ذلك، أي الصدقات الكثيرة، «ركعتان يركعهما من الضحى» أي: أنك إذا صليت من الضحى ركعتين؛ أجزأتك عن كل الصدقات التي عليك، وهذا من تيسير الله عز وجل على العباد، وذلك أنَّ صلاةَ هاتين الركعيتن، يحصل بهما تحرك المفاصل في هذه العبادة -وهي الصلاة- فتكون مجزئة عن الصدقات في هذا اليوم.

 

وممَّا يُستفاد من الحديث:

1- أن الصدقة تُطلق على ما ليس بمال.

2- وفيه: على أنّ ركعتي الضحى سُنة مؤكدة، وكل يوم؛ لأنه إذا كان كل يوم عليك صدقة على كل عضوٍ من أعضائك، وكانت الركعتان تجزي؛ فهذا يقضي أنّ صلاة الضحى سنة كل يوم، من أجل أن تقضي الصدقات التي عليك.

ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه: «أَوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهرٍ، وركعتي الضُحى، وأنْ أوترَ قبل أنْ أرقد». متفق عليه؛ وكذا قال أبو ذر رضي الله عنه.

وعنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَال: أَوْصَانِى حَبِيبِى صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثٍ، لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْر، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لاَ أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ. رواه  البخاري (1178، 1981) ومسلم (721).

 

وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تصلى الضحى ثمان ركعات، ثم تقول: لو نُشر لى أبواي ما تركتُه. رواه مالك في «الموطأ» (1/153/30) وصحح إسناده الألباني في» مشكاة المصابيح» (1319).

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «لا يُحَافِظُ عَلَى صَلاةِ الضُّحَى إِلا أَوَّابٌ».

وهو حديثٌ حسن،  رواه الحاكم في المستدرك (1182) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وصححه ابن خزيمة (1224)، والحديث حسنه الألباني في الجامع ( 7628).

 3 ــ  وفيه أيضاً: الحثُّ على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

4 ــ وفيه: الترغيب في كلِّ كلام طيِّب، من ذكر وقراءة وتعليم ودعوة وغير ذلك.

 

164- باب: صلاة الضحى أربع ركعات

 368.عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ.

 

 الشرح:

قال المنذري: باب: صلاة الضحى أربع ركعات، وأخرجه مسلم في الموضع السابق.

 قولها: «كَان رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَربَعًا، ويَزِيدُ مَا شَاء اللَّهُ». فيه: أنّ صلاة الضحى تُصلى أربعا، وهو أوسطها، فأقلها ركعتان، وأوسطها أربع، أما أكثرها فلا حدّ لها على الصحيح؛ لأنها نفلٌ من النوافل كصلاة الليل.

يدل عليه قولها: «ويَزِيدُ مَا شَاء اللَّهُ».

     قال الطبري في التوفيق بين الأحاديث: وليس منها حديث يدفع صاحبه، وذلك أنه منْ صلى الضحى أربعًا، جائز أن يكون رآه فى حال فعله ذلك، ورآه غيره في حال أخرى صلى ركعتين، ورآه آخر في حال أخرى صلاها ثمانيًا، وسمعه آخر يحث على أنْ تصلى ستا، وآخر يحث على ركعتين، وآخر على عشر، وآخر على اثنتي عشرة، فأخبر كل واحد منهم عما رأى أو سمع.

وقال مجاهد: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا الضحى ركعتين، ثم يوما أربعا، ثم يوماً ستا، ثم يوما ثمانياً، ثم ترك.

فأبان بهذا الخبر عن صحة ما قلناه، من احتمال خبر كل مخبر ممن تقدم قوله، أنْ يكون إخباره بما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى، كان على قدر ما شاهده وعاينه.

فالصواب: إذا كان الأمر كذلك، أن يصليها من أراد على ما شاء من العدد، وقد روى هذا عن قوم من السلف، ثم روى عن إبراهيم قال: سأل رجل الأسود قال : كم أصلى الضحى؟ قال: كما شئت. شرح صحيح البخاري لابن بطال(7/163) .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك