كوسوفا: تحديات ما بعد الانتخابات
تواجه كوسوفا العديد من التحديات بعد الانتخابات التي جرت يوم الأحد 12 ديسمبر 2010 م، واتسمت بالتنافسية النزيهة، في اختبار حقيقي لوزن الأحزاب السياسية في الساحة الشعبية؛ إذ إن أفضل اختبار للحقيقة هو أن يتم قبولها وسط منافسة شريفة وشفافة . وقد شهدت مراكز الاقتراح في جميع أنحاء كوسوفا حضورا جماهيريا منذ ساعات الصباح الباكر؛ حيث فتحت مراكز وأماكن الاقتراع أبوابها منذ الساعة السابعة صباحا، ولم يتأخر عن الموعد سوى عدد قليل من أماكن التصويت . وفي مقدمة التحديات التي تواجه كوسوفا، عودة اللحمة الوطنية بعد الحملة الانتخابية التي نال فيها الكل من الكل بطريقة غير مباشرة، ومباشرة أحيانا.
ثانيا: مواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها السكان منذ سنوات عدة؛ حيث تبلغ نسبة البطالة 47٪.
وثالثا: الدفع باتجاه الحصول على المزيد من الاعتراف الدولي باستقلال كوسوفا، الذي تعترف به حتى الآن 72 دولة ، وكذلك الحصول على العضوية في المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.
رابعا: حل القضايا العالقة بين بريشتينا وبلغراد، ولا سيما القضايا الفنية؛ إذ إن استقلال كوسوفا غير قابل للمفاوضات.
خامسا: تجاوز عقبة الاتهامات التي وجهت لرئيس الوزراء هاشم تاتشي بالضلوع في تجارة الأعضاء، وهو ما يعني أن جهات دولية ما غير مرتاحة لفوز تاتشي، أو تريد معاقبته على إجراء ما قام به دون استشارتها أو على غير ما ترغب فيه .
- انتخابات نزيهة وفوز مستحق :
لقد أثبتت الجهات المعنية في كوسوفا، سواء كانت سياسية، أم اللجنة المستقلة للانتخابات، أم السلطات الأمنية أنها في مستوى المسؤولية، والمهام الملقاة على عاتقهم داخل المراكز التي يقومون عليها، من ناحية النزاهة والشفافية، وقد تمخضت الانتخابات ، كما أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات في كوسوفا، عن حصول الحزب الديمقراطي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته هاشم تاتشي على أعلى الأصوات، حيث حصد 33،5٪، وذلك بعد فرز 99٪ من الأصوات أي نتائج نهائية تقريبا. وكان الحزب قد حصل على 34،3٪ في انتخابات 2007 م، مما يعني حصول تراجع طفيف في شعبيته ، بيد أنها لن تؤثر على صدارته لنتائج الانتخابات، باعتباره الحزب المركزي الذي سيشكل الائتلاف القادم في كوسوفا. وحصلت الرابطة الديمقراطية على المرتبة الثانية بنسبة 23،6٪ من الأصوات، وجاءت منظمة تقرير المصير بزعامة (أربين كورتي) في المرتبة الثالثة بنسبة 12،2٪، وهو ما يؤهلها لأداء دور مستقبلي في كوسوفا؛، حيث تعد من القوى الواعدة المنافسة بقوة مستقبلا للحزب الديمقراطي. وفي المرتبة الرابعة، التحالف من أجل مستقبل كوسوفا بنسبة 10،8٪. وفي المرتبة الرابعة، تحالف كوسوفا الجديدة، بنسبة 7،1٪ وتقاسم بقية النسب أحزاب صغيرة. بينما حصل الحزب الليبرالي المستقل من الجانب الصربي على مرتبة متقدمة على صعيد الأقليات.
- إشادة دولية بالانتخابات :
الجهات الدولية أعربت عن تثمينها لمقدرة السلطات المعنية في كوسوفا على تنظيم الانتخابات في أجواء بعيدة عن التوتر، واستخدام العنف المنظم، كما يجري في بعض الأقطار المتخلفة. وقال قائد قوات (كيه فور) التابعة لحلف شمال الأطلسي، (أرهارد بيلر) (ألماني): إن «الانتخابات كانت ناجحة من الناحية الأمنية والاستقرار في كوسوفا» وتابع: «الأوضاع كانت وعلى جميع المستويات هادئة ومستقرة، ولم تسجل حوادث عنف تذكر، ولم تسجل حالات خرق للنظام أو الهدوء» وأردف بأن: «الوضع الأمني كان تحت إشراف قوات الأمن الكوسوفية المحلية، وبدعم من شرطة البعثة الأوروبية إلى كوسوفا (يوليكس).
وفي (بروكسل) أبلغت الممثلة الأعلى للشؤون الأمنية والعلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كاترين آشتون، وزاء خارجية دول الاتحاد بالاستعدادات والتحضيرات الجارية للحوار بين بلغراد وبريشتينا بعد الانتخابات البرلمانية في كوسوفا. ويتوقع أن يبدأ الحوار في العام المقبل 2011 م. وكان رئيس وزراء كوسوفا هاشم تاتشي قد أشار في وقت سابق إلى أن بدء المحادثات لن يكون قبل حلول شهر فبراير القادم .
تجدر الإشارة إلى أن الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في كوسوفا، قد جاءت على أثر استقالة الرئيس السابق (فاطمير سيديو) في أكتوبر الماضي، بعد اتهامات له بخرق الدستور؛ مما أدى لانهيارالحكومة الائتلافية التي يرأسها هاشم تاتشي، والإعلان عن انتخابات جديدة مبكرة .
- اتهامات أوروبية لرئيس الوزراء :
ربما كان أكبر منغصات الانتخابات، بالنسبة للحزب الديمقراطي في كوسوفا، وقادته وأنصاره، الاتهامات الأوروبية بضلوع رئيس الحزب في جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية، والمخدرات، وهو ما يعكس على ما يبدو توجها أوروبيا للقضاء على المستقبل السياسي لهاشم تاتشي، الذي يصنف على كونه من أحزاب اليمين الألبانية التي تدعو لوحدة الألبان في المنطقة، وليست لديه مشاعر عدائية لدين شعبه.
لاتوجد تعليقات