رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمود طراد 20 أكتوبر، 2020 0 تعليق

ست معجـزات علمية فـي القــرآن الكــريـم

 


حينما نزل القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم عن أمور لم يكن العرب على علم بها، ولم تكن لديهم إمكانات التحقق منها، مع إشارتها إلى معنى يفهمه العرب منها، والله -عز وجل- قدر ربط الكتاب المسطور بالكون المنظور، فقال -سبحانه-: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (فصلت: 53)، ورغم أنهم طلبوا معجزة من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن القرآن أجابهم: {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} (الإسراء:59) وكان ذلك رحمة من الله -تعالى- بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لو أراهم آية أمام أعينهم فكذبوا، لأصابهم ما أصاب الأمم قبلهم حين كذبوا، قال -تعالى-: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} (فصلت: 59)، فمع أنه رحمهم بعدم إجابة طلبهم، لكنه -سبحانه- ذكر في القرآن ما يعجزهم وما يثبت صدق الرسالة التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذه السطور نلقي الضوء على ست معجزات علمية كشفها القرآن تثبيتاً لعقيدة المسلمين ودعوة لغيرهم إلى الهدى والدين.

1-   ماء السماء أصل مياه الأرض

     أنزل الله من السماء ماء، وسلكه ينابيع في الأرض، وربط الحياة كلها بوجوده، وهذه حقيقة علمية تقول: إن تلك الينابيع على الأرض إنما يتم تغذيتها من المياه التي يرسلها الله -تعالى- إلى الأرض، قال -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} (الزمر: 21)، ثم يأتي إعجاز آخر في قوله -تعالى-: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}، فهذه الكائنات الحية التي خلقها الله -عز وجل-، خلقها من المكونات نفسها، والماء من أعظم تلك المكونات، ويبلغ أعلى مكون في جسد تلك الدواب، حتى إنه يبلغ نسبة 93% في جسم الجنين في الأشهر الأولى، ثم اكتشف العلم الحديث أهمية ذرتي الأكسوجين والهيدروجين في حياة هذه الدواب التي تدب على الأرض كلها.

2-   هل كان بحوزة النبي - صلى الله عليه وسلم - أجهزة سونار؟

     لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم  بطبيعة الحال- طبيباً، ولو كان طبيباً لما استطاع -بحسب معطيات بيئته- أن يدرك أن الجنين يتطور خلقه في بطن الأم بهذا الوصف الذي جاء به القرآن الكريم، ذلك أن القرآن في أكثر من موضع فيه تكلم باستفاضة عن مراحل يمر بها الجنين حتى يكتمل جسمه، قال -تعالى-: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون 12- 14)، وصرح أن الله -تعالى- قد خلقه أطواراً في قوله -تعالى-: {وقد خلقكم أطواراً} (نوح: 14). بل ولم يكن العلم يظن أن خلق الإنسان كان بسبب اختلاط ماء الرجل بماء المرأة، قبل عام 1775م ثم اكتشفوا ذلك، مع أن القرآن الكريم قد صرح بهذا في قول الله -تعالى-: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (الإنسان: 2)، فهذه الأمور كلها لا يستطيع إنسان في بيئة كبيئة العرب في ذلك الوقت أن يدركها بهذا التفصيل، وهو يصفه بالعلقة والمضغة!

3-    الجبال أوتاد الأرض

     من مواصفات الوتد أن أسفله أطول مما يظهر منه على الأرض، وكان من العجيب أن يثبت القرآن الكريم أن طول الجبال الشامخات تحت الأرض أكبر وأكبر مما يظهر لنا، فقال -تعالى-: {والجبال أوتاداً} (النبأ: 7)، وهذا ما اكتشفه العلماء في القرن الثامن عشر، أي بعد نزول القرآن على رسول - صلى الله عليه وسلم -، ولقد كان السر الذي لم يكتشفه الجيولوجيون أيضا مذكوراً في القرآن وهو الأهمية التي لأجلها خلق الله الجبال، وهذا في قوله -تعالى-: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}؛ فالهدف منها كما في الآية وهو ما توصل إليه العلم الحديث بعد هذا الزمن: تثبيت الأرض وحمايتها من الاهتزازات التي كانت تحدث لها فيتم بذلك التوازن بسبب وجودها.

4-   متى ينتهي وجود الأكسوجين؟

     لم يكن الناس على علم بأن الإنسان إذا تسلق أو ارتقى مكاناً يزيد على ثمانية آلاف متر فإنه يعرض حياته للخطر؛ إذ ينعدم الأكسجين بعد ذلك، وتبدأ الغازات الموجودة في أنسجة الجسم وتجاويفه بالتمدد؛ فيصعب التنفس ويضيق الصدر، وتؤدي هذه العملية إلى الوفاة خلال ساعات، وهذا ما صرح به القرآن الكرم في قوله -تعالى-: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} (الأنعام 125). فهذه حقيقة علمية يؤكدها القرآن ويكشفها: أنه كلما ارتفع الإنسان إلى أعلى قلّ الضغط الجوي، وقلت كمية الأكسجين، وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس. وقوله -تعالى-: (يصعّد) فيه إعجاز آخر وهو أنه كلما زاد هذا الفعل زاد أثره.

5-    البحر الميت أخفض منطقة على الأرض

     عند البحر الميت حدثت نبوءة أخبر عنها القرآن، رغم أن نزول الآية كان قبل هذه الحادثة بسبع سنوات، قال -تعالى- {غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} (الروم: 2 - 4)، وبالفعل بعد نزول الآية ببضع سنين انتصر الروم على الفرس، لكن العجيب في الآية أيضاً هو وصف تلك المنطقة التي حدثت عليها المعركة بأنها (أدنى الأرض)، وقد اكتشف العلم الحديث بأن غور الأردن الذي يشمل البحر الميت أيضاً وهي المنطقة التي حدثت فيها المعركة أكثر مناطق الأرض انخفاضاً، ويصل منسوب سطح الماء في البحر الميت إلى حوالي 400 متر تحت متوسط منسوب المياه في البحرين المجاورين (البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط)، مما يدل على أن هذا هو أخفض منسوب أرضي على سطح اليابسة؛ فصدق الله -تعالى- حين أخبر عن انتصار الروم وما أعظمها من معجزة علمية تظهر في كلمتين (أدنى الأرض) لتكون دلالة بعد تلك القرون على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم .

6-    سر الإبل والذباب

     يخبرنا علم الأحياء اليوم أن طبيعة خلق الإبل كانت ملفتة للعلم والعلماء؛ حيث خلق الله -تعالى- للإبل ما يساعدها على تحمل طبيعة الصحراء، برمالها ودرجة حرارتها وقلة الطعام فيها، بل إن ارتفاع حرارة جسمها يساعدها في عملية نقص الأكسجين وهو الشيء نفسه (ارتفاع درجة حرارة الجسم) الذي يؤدي إلى نفوق حيوانات أخرى، لهذا كان لذكر الإبل في سورة الغاشية حكمة، قال -تعالى-: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} (الغاشية: 17)؛ حيث اختصها دون غيرها، مما يدل على أن هناك أسراراً اختصت بها تلك الفئة من الحيوانات، وهو ما أثبته العلم بعد ذلك. أما الذباب وهو ذلك المخلوق الصغير الذي جاء ذكره في سورة الحج في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (الحج: 73) لم تكن الإشارة إليه مجرد ضرب للمثل، بل اكتشف العلم بعد ذلك أن هذا الذباب يستحق أن يكون معجزاً للعالم، لما وضع الله -عز وجل- فيه من خصائص ووظائف لم يكن يتوقعها أهل التخصص، فرغم أن هذه الحشرة تحمل جراثيم كثيرة، ووجودها في مكان ما إشارة إلى أهمية التنظيف والعناية به، لكنها أيضا بقدر الله -تعالى- تعمل على تنقية الهواء من خلال القضاء على النباتات أو العضويات المتفسخة، كما أن هذا الذباب الذي يحمل الأمراض يحمل أيضاً المضادات الحيوية التي تعالج هذه الأمراض، وهذا أمر بدهي، فوجود هذه البكتريا على جسدها يتطلب وجود مضادات معها تقي الذبابة نفسها من هذه البكتريا؛ لهذا فإن إشارة القرآن في هذه الآية وذكر الذباب فيها تصريح بهذه الاكتشافات العلمية التي أثبتها العلم الحديث فيما يخص الذباب.

الخلاصة

     والخلاصة: أن هذا الكون الذي خلقه الله -تعالى- ونعيش فيه، وهذا القرآن الذي هو كلام الله ونعبده به، يصدقان بعضهما بعضا، والكون كله دليل على صدق الرسالة، ولا شك أن هناك عشرات الاكتشافات العلمية التي ورد ذكرها في القرآن، وما جاء في هذا المقال إلا تنبيه بوجودها وتذكير بأهميتها في تثبيت العقيدة وفي الدعوة إلى الله -تعالى.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك