
الشباب المسلم – 1251
من ثمرات الإيمان بأسماء الله وصفاته
الإيمان بأسماء الله وصفاته تعني إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم -، من الأسماء والصفات على الوجه الذي يليق بكمال الله وجلاله، مع الإيمان بمعانيها التي دلت عليها.
ومن منهج أهل السنة والجماعة مع أسماء الله وصفاته: الإيمان بها ومعرفتها، والحرص على حفظها، ودعاء الله بها، والعمل بمقتضاها، قال الله -تعالى-: {وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(الأعراف:180)، ومن تأمل أسماء الله -تعالى- وصفاته، وتعلق قلبه به -سبحانه-، امتلأ قلبه بمحبته؛ فمحبة الله -تعالى- ثمرة عظيمة من ثمرات معرفة أسماء الله وصفاته، لأن العبد إذا عرف عِظم أسماء الله -تعالى- وجمال صفاته، تعلق بربه، فيتلذذ بكلام الله (القرآن الكريم)، ويأنس بدعائه، ويكثر من ذكره، ويرجوه ويخافه، ويحب ما يحبه، ويبغض ما يبغضه؛ لأن محبة الله -عز وجل- التي ملأت قلبه وملكته دافعة له لذلك، ومن تأمل في أسماء الله وصفاته، ورأى نعم الله عليه، كان حب الله -تعالى- أعظم شيء لديه، قال الله -تعالى-: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}(النحل:18).
الإيمان الذي جاء به رسولنا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - يقوم على ثلاثة أركان، هي:
1- اعتقاد القلب.
2- وقول اللسان.
3- وعمل الجوارح.
كيف نتذوق حلاوة الإيمان؟
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار»، فالصدق في محبة الله ورسوله، والإيمان بالله ورسوله، ومحبة إخوانه في الله، وكراهة الكفر بالله، من أسباب ذوق طعم الإيمان، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا» ويقول في حديث ابن عباس - رضي الله عنه -: «من أحب في الله، وأبغض في الله، وأعطى لله، ومنع لله، وجد حلاوة الإيمان أو قال: ذاق طعم الإيمان».
ثمرة الهداية للحق
في وسط ظلمة الإلحاد التي تبثها الشبكات والفضائيات، يحتاج الشاب أن يسلك سبيل المؤمنين، وأن يؤمن بالله حق الإيمان؛ فأهل الإيمان هم أحق الناس بهداية الله - عزوجل -، وهذه الثمرة ثمرة الهداية من أعظم الثمار التي يجنيها المؤمن في هذه الحياة، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ} (يونس: 9). وقال -تعالى-: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (التغابن: 11).
حقيقة الإيمان بالله -تعالى-
اعلموا يا شباب، أنَّ الإيمان هو حياة القلوب، وسبيل النجاة في الدنيا والآخرة، وكلما تدرج العبد في مراتب الإيمان ذاق طعمه، ووجد حلاوته، واطمأنت نفسه به، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مِمَّا سِواهُما، وأنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ، وأنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ».
أربعة أمور تنافي تحقيق الإيمان بأسماء الله وصفاته
هناك أربعة محاذير من وقع في واحد منها لم يحقق الإيمان بأسماء الله -تعالى- وصفاته كما يجب، وهذه المحاذير هي: التحريف، والتعطيل، والتمثيل، والتكييف.
- التحريف: وهو تغيير المعنى الحق الذي دلت عليه النصوص إلى معنى آخر لم يرده الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، كتحريف معنى اليد إلى القوه أو النعمة، وتحريف معنى الاستواء إلى الاستيلاء.
- التعطيل: وهو نوعان، تعطيل كلى: وهو إنكار جميع الأسماء والصفات. وتعطيل جزئي: وهو إثبات الأسماء ونفي الصفات كلها أو معظمها.
- التمثيل: وهو تمثيل صفة الله -تعالى- بصفة المخلوق، فيقال مثلاً: إن يد الله مثل يد المخلوق، أو إن الله -تعالى- يسمع مثل سمع المخلوق، وهكذا.
- التكييف: وهو تحديد الكيفية والحقيقة التي عليها صفات الله -تعالى-، فيحاول الإنسان تقديرًا بقلبه، أو قولاً بلسانه أن يحدد كيفية صفة الله -تعالى-، مثل كيفية استواء الله على العرش، وهذا باطل قطعًا، ولا يمكن للبشر العلم به، قال الله -تعالى-: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} (طـه:110).
أطيب ما في الدنيا والآخرة
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: أعظم لذات الآخرة لذة النظر إلى الله -سبحانه-، كما في الحديث الصحيح: «فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه» وهو ثمرة معرفته وعبادته في الدنيا فأطيب ما في الدنيا معرفته، وأطيب ما في الآخرة النظر إليه -سبحانه-.
حقيقة الصدق
ينبغي للشاب أن يكون صادقًا مع ربه في العمل له، وصادقًا مع الخلق في وعوده وعهوده وعقوده، وفيًّا في كل ذلك، وعلى الشاب الصادق أن يحذر الكذب، فليس الكذب من صفات المؤمنين، وما أضره على الإيمان برب العالمين! ولذا عدَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - من صفات النفاق، ومن علامات المنافقين في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان».
أول سفير في الإسلام
صحابي من السابقين للإسلام، حاز السبق في نصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والتضحية في سبيل ذلك بمتاع الدنيا وجاهها، هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة مبعوثا لتعليم الأنصار، ونال الشهادة في أوائل سنين الهجرة يوم أحد، وبات رمزا للبذل والتضحية، وللشباب المسلم في الذود عن رسالة الإسلام، إنه مصعب بن عمير -رضي الله عنه -، الذي عُرِفَ بأنه فتى مكة المدلل، فقد كان يفيض شبابا وجمالا، ونشأ منعما في بيت أبوين ثريين، كانا يغدقان عليه كل أسباب الدعة والراحة، بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة مع الأنصار، الذين جاؤوا ليبايعوه بيعة العقبة الأولى، فكان يفقه أهل المدينة في الدين ويقرئهم القرآن، كما كان يؤمهم في الصلاة، تحمل مصعب - رضي الله عنه - في سبيل إيمانه- شدة العيش بعد النعمة، وإدبار ملذات الحياة بعد إقبالها، وتزخر السير بالمواقف التي أظهرت تضحيته وزهده في الحياة الدنيا وصبره على مشاقها في سبيل ما آمن به، وبعد سنوات من التضحية والبذل والإعراض عن الدنيا، نال مصعب -رضي الله عنه - الشهادة في بواكير العهد الإسلامي، وذلك في غزوة أحد في السابع من شوال من السنة الثالثة للهجرة.
لاتوجد تعليقات