رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مركز سلف للبحوث والدراسات 17 سبتمبر، 2024 0 تعليق

المنهج النبوي في معالجة المواقف الانفعالية عند الأزمات

  • الإسلام يرفض المنطِق الانفعالي في التعامل مع الأزمات وحلّ المشكلات ولا يلجأ لهذه الطريقة ويرفض التعامل بها وينكر على من يتعامل بها
  • لابد من خضوع المسلم لأحكام الشرع وانضباطه بها في أعماله وأقواله وانفعالاته وفي أحواله عامة
  • على المسلم التقيُّد بأحكام الشرع والانضباط بها في أحواله كافة ولا يكون ذلك إلا بإخضاع العواطف والانفعالات لما نصّ عليه الشرع والتمسك بما ورد في الوحي
  • أمر الله تعالى المسلمين بالتثبت من الأخبار المنقولة إليهم قبل أن يعمدوا لاستخدام القوة المسلحة في معالجة موقف ما
 

إنَّ الأزمات والفتن النازلة بالمسلمين تدفع بعض الغيورين إلى اتخاذ مواقف انفعالية وردود أفعال غير منضبطة بالشرع، ومن ذلك إصدار الأحكام والاتهامات تحت وطأة الغضب والحمية الدينية، ومعلوم أن لهذه المواقف آثارا سلبية منها: أنها تؤثر على تماسك المجتمع المسلم ووحدته، ولا سيما في أوقات الشدة والفتنة واختلاف الآراء وتغير النفوس، كما أنها تُجرّئ المسلم على الانفلات من الشرع وارتكاب المحظورات، وتزيِّن ذلك بذريعة الغيرة على الدين؛ لذلك لم يقبل الشرع الشريف مثل هذه الانفعالات، ولم يشفع لأصحابها حسنُ قصدهم وغيرتهم وحميتهم، فلابد من خضوع المسلم لأحكام الشرع وانضباطه بها في أعماله وأقواله وانفعالاته وفي عامة أحواله.

       وقد ورد في السيرة مواقف عدة توضِّح الطريقة النبوية في التعامل مع مثل هذه الانفعالات التي يكون دافعها الحمية للدين، وكيف عالجها النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -، والمواقف التي سنذكرها لم تكن أحداثا عاديّة عابرة في السيرة، بل كانت محطَّات مهمة وأزمات حقيقية واجهها المجتمع المسلم على الصعيد الداخلي، وفي علاقته مع عدوّه الخارجي، ومع ذلك كانت السياسة النبوية ثابتة في انتهاج الحكمة والرفق، والابتعاد عن الانفعال والتهوُّر في التعامل مع هذه المواقف، ويمكننا أن نعدّ ذلك ركيزة أساسية في المنهج النبوي في إدارة الأزمات.

(1) غضب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - من شروط المصالحة يوم الحديبية

        والخبر في ذلك مشهور، وملخَّصه أن قريشًا صالحت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وقف الحرب، لكنها فرضت شروطا مجحِفة بحقّ المسلمين، ومن ذلك منعُ الرسول وأصحابه من أداء العمرة والطواف بالكعبة على أن يعودوا في العام القادم، وأن يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل من جاءه مسلمًا من قريش، وحينما كتبوا الكتاب رفضوا أن يصدِّروه بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، ورفضوا الاعتراف بأن محمدًا نبي الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم . هذه الاستفزازات المتكرِّرة أثارت غضب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ودفعته إلى طرح جملة من الأسئلة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك قوله: فأتيت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: «بلى»، قلت: ألسنا على الحق وعدوّنا على الباطل؟ قال: «بلى»، قلت: فلِم نعطِي الدنية في ديننا إذا؟ قال: «إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري»، قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟» قال: قلت: لا، قال: «فإنك آتيه ومطوف به». وفي رواية أخرى أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟! قال: «بلى»، قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكمِ الله بيننا؟ فقال: «يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدا». فرجع متغيِّظا، فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: «يا ابن الخطاب، إنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولن يضيعه الله أبدا.

تفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لغضب عمر - رضي الله عنه 

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان متفهِّمًا لغضب عمر بن الخطاب، لكنه بيَّن له أنه ملتزم بما أمره الله به، وأن عاقبة ذلك لصالح المسلمين. وقد يقول قائل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صالح المشركين بوحيٍ وأمرٍ من الله -تعالى-، فلا يسع المسلمين حينها إلا التسليم والقبول، وذلك لا يكون لغيره من الحكام والعلماء إن أبرموا أمرًا أو اتَّخذوا قرارا سياسيًّا أو اجتهدوا في قضية اجتهادًا لا يظهر منه مصلحة للمسلمين، فلا حرج على من أظهر الكراهة والمعارضة، فالجواب فيما يلي:
  • أولاً: قرار النبي  صلى الله عليه وسلم مُعلَّل ومفهوم
إن قرار النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية وقبوله لشروط الصلح على ما فيها مُعلَّل ومفهوم، فقد وضَّح النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «والذي نفسي بيده، لا يسألوني خطَّة يعظِّمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها». فتركُ القتال وإراقة الدماء في الحرم المكي أمرٌ مطلوب ومستحسَن شرعًا وعقلا وسياسة.
  • ثانيًا: النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن متهيِّئًا للقتال
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن متهيِّئًا للقتال، ولم يضعه في حساباته كما في قوله: «إنا لم نجئ لقتال أحدٍ، ولكنا جئنا معتمرين»، وكان مبادرًا لعرض الصلح كما في قوله: «إنَّ قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرّت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة» أي: صالحتهُم مدةً معيَّنة، وتركتُ قتالهم، فالمصالحة التي قبِل بها النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت مفهومةً، وأسبابها وجيهة ومعلومة، ولم تكن من قبيل الأمر التعبّديّ المحض الذي لا يُعرف فيه المقصد والحكمة.
  • ثالثًا: الصحابة أدركوا أهمية تقديم الدين على الرأي
إن الصحابة أدركوا أهمية تقديم الدين على الرأي وعدم الاعتداد به، واتهامه في مقابل التسليم للحكم الشرعي الذي يقرّره أهل العلم والفقه في الدين، واتخذوا من حادثة الحديبية قاعدة عامة في وجوب طرح الآراء والأهواء جانبًا والالتزام بالشرع؛ فقد صح عن سهل بن حنيف - رضي الله عنه - أنه قال: «اتَّهموا رأيكم على دينكم؛ لقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو أستطيع أن أردَّ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه لرددته»، وروي عن عمر بن الخطاب أيضًا أنه قال في ذلك: «اتهموا الرأي على الدين»، والعلماء أولى بمعرفة الحكم الشرعي من غيرهم، وإن افترضنا ما يردِّده أهل الأهواء من فساد ذمَم العلماء في زمن ما، فإنَّ ذلك لا يعطي حقَّ الاجتهاد لمن هو دونهم، ولا يُرفَع أصحاب المواقف الانفعالية إلى منزلة العلماء المجتهدين؛ فسلامة النية وحسن القصد لا تغني شيئًا في معرفة الصواب والرأي الراجح في المسألة.
  • رابعًا: العلماء أقرب إلى إصابة الحقّ
أنّ العلماء بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يكونوا معصومين من الخطأ، فهم أقرب إلى إصابة الحقّ وأدنى إلى موافقة الشرع في النوازل والقضايا الحادثة، فالرأي رأيهم، ولا يجوز لعامّة الناس التشغيب والإنكار عليهم، فضلا عن الطعن في نواياهم وأمانتهم وعدالتهم.

(2) الموقف من مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه-  للمشركين

       وهذا الخبر مشهور أيضًا في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخلاصته أن الصحابي الجليل حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - كتب إلى المشركين بمكّة يخبرهم ببعض أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما علم النبي بذلك ورأى الكتاب، دعا حاطبًا وسأله عن ذلك، فأخبره أنه لم يفعَل ذلك ردّة عن الدين، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، بل أراد أن يتَّخِذ عند قريش يدًا، ويُسدي لهم خدمة ليحموا بها قرابته في مكة، وقد شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدقه في ذلك. لكن عمر بن الخطاب عَظُم عليه هذا الفعل، فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، وفي رواية: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفض ذلك ورد عليه بقوله: «إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم».

حكمة النبي صلى الله عليه وسلم

       لقد كان التعامل النبويّ مع هذا الحدث على نحو مخالف تمامًا لما هو مألوف من سير السلاطين والملوك من البطش بكل من ثبت عليه التواطؤ مع العدو أو التخابر معه والاتصال به، بل ربما فتكوا بمن اشتبهوا بتواطئه مع جهات خارجية أو تخوَّفوا من احتمال انشقاقه وهروبه، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسمع من حاطب الأسباب التي حملته على ما صنع؛ لعله أن يجد له عذرًا يُخرجه من الحرج والعقوبة، وقد حصل ذلك فعلا، بعد ذلك رفض النبي - صلى الله عليه وسلم - لغةَ التخوين والتكفير واتهام حاطب بالنفاق مع أن كل المعطيات تدفع بهذا الاتجاه، فقد اعترف بما اقترف، والقتل عقوبة مُتَوقَّعة لكل من وقع منه مثل هذا العمل.

بيان فضل حاطب - رضي الله عنه 

       ثم بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لحاطب بن أبي بلتعة من الفضل والسابقة في الإسلام، ولا سيما مشاركته في معركة بدر؛ وذلك ليؤكّد أن الشريف الفاضل قد يقترف إثما عظيما، وقد يتورَّط بأمر لا يليق بمكانته الدينية والاجتماعية، وأن ذلك ينبغي ألا يحملنا على معاملته معاملة المنافقين الآثمين، وأن هذا الشريف قد تغلبه نفسه فيقدِّم مصلحته الشخصية على مصلحة جماعته وأمته، فهو في نهاية المطاف كسائر البشر، قد يضعف تحت ضغط الحاجة.

كمال الرحمة وكمال الحكمة

       لقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع قضية حاطب - رضي الله عنه - بين كمال الرحمة وكمال الحكمة، فقد عفا عنه لما تيقَّن من صدقه، ولم ير أيّ مصلحة سياسية عامة بإيقاع العقوبة بعد التحقّق من دوافعه، واستحضر مع ذلك فضله وسابقته في الإسلام.

أوامر قرآنية تؤكّد السياسة النبوية

        كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتهج الرفق والحكمة في التعامل مع المواقف الانفعالية الصادرة عن بعض أصحابه التي قد تقع عند الأزمات والفتن، وهو بذلك يمتثل الوصية الإلهية الواردة في قوله -تعالى-: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} -تعالى-آل عمران: 159)، وقد ورد في القرآن الكريم ما يؤكّد النهج النبوي المشار إليه آنفا من خلال الحث على التقوى والصبر في مواجهة استفزازات الكفار، والتحذير من استعمال القوة قبل التثبت والتحري عن الأخبار والأحوال، وكل ذلك يعزّز أهمية ضبط النفس وكبح جماحها عن اتخاذ مواقف انفعالية حتى عند الجهاد أو التصدي لأذى الكفار أو القيام بالواجبات الشرعية.

الصبر المقرون بالتقوى

       فقد حثّ الله المسلمين على الصبر المقرون بالتقوى لمواجهة أذى الكفار وكيدهم واستفزازهم للمسلمين، ورد ذلك في قوله -تعالى-: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (آل عمران:120)، يقول الزمخشري: «وهذا تعليم من اللَّه وإرشاد إلى أن يُستعان على كيد العدو بالصبر والتقوى، وقد قال الحكماء: إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلا في نفسك». وورد التأكيد على استصحاب التقوى مع الصبر في مواجهة أذى الكفار في قوله -سبحانه-: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (آل عمران: 186). أخرج البخاري في تفسير الآية خبرًا ذكر فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ بدابته على مجلس فيه ابن سلول قبل أن يُظهر الإسلام، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمّر أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم، ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن، فقال عبدالله بن أبي: أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا، فلا تؤذِنا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه. فقال عبدالله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفّضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فأخبره بما قاله ابن أبيّ، فقال سعد: يا رسول الله، اعف عنه واصفح عنه.. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى.

التثبت من الأخبار المنقولة

       وأمر الله -تعالى- المسلمين بالتثبت من الأخبار المنقولة إليهم قبل أن يعمدوا لاستخدام القوة المسلحة في معالجة موقف ما، قال -تعالى-: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات: 6)، ذكر الحافظ ابن عبدالبر أنه «لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فِيمَا علمت أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى بني المصطلق، فأخبر عنهم أنهم ارتدوا وأبوا من أداء الصدقة، وذلك أنهم خرجوا إليه فهابهم، ولم يعرف ما عندهم، فانصرف عنهم، فبعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد، وأمره أن يتثبت فيهم، فأخبروه أنهم متمسكون بالإسلام».

ضرورة التبين والتحقق

       وجاء التأكيد على ضرورة التبين والتحقق من أحوال الناس قبل المبادرة لاستخدام القوة في خطاب موجه للصحابة الذين يخرجون في السرايا والغزوات، يقول -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} (النساء: 94)، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس: «كان رجل في غُنَيْمَةٍ له فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غُنَيْمَتَهُ فنزلت هذه الآية».

حرص الشرع على ضبط الانفعالات

        تؤكد هذه الآيات حرص الشرع على ضبط انفعالات المسلمين وسلوكهم في المواجهة مع الكفار أو عند أيّ ظرف يستدعي استخدام السلاح، وما ذكرناه آنفا يؤكّد المنهج النبوي المعارض لأيّ موقف انفعالي قد يصدر من بعض المسلمين، فعلى المسلم التقيُّد بأحكام الشرع والانضباط بها في أحوال السلم والحرب، وعند التعامل مع المسلمين أو الكفار، ولا يكون ذلك إلا بإخضاع العواطف والانفعالات لما نصّ عليه الشرع والتمسك بما ورد في الوحي من وصايا وتعاليم تهدي المتبع لها أقوم السبل وأرشدها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك