خطوات الوقاية من الإلحاد
- يجب إتاحة الفرصة للشاب أن يبدي كل ما عنده اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع ما كان يدور في أذهان الصحابة
- ينبغي أن نتلقى كل سؤال يتعلق بذات الله تعالى وصفاته بكل اهتمام فربما كان شكًّا يعتري ذهن السائل أو شبهة ألقيت عليه لو لم يجد لها ردا توغلت في عقله
- ينبغي أن تكون المناهج الدراسية باعثة على الإيمان واليقين لا مجرد معلومات تدرس ثم تنسى
- يجب تحصين الشباب مما يمكن أن يعرض لهم في المستقبل من أفكار قد تثير شكوكا عند بعضهم وكيفية مواجهتها فالوقاية خير من العلاج
تجتاح العالم - شرقيه وغربيه - موجات من الإلحاد ليست عنا ببعيد، وإذا كان بعضنا يستبعد إلحاد من نشأ بين المسلمين، فإن عصر السماوات المفتوحة جعل الأفكار - عظيمها وحقيرها- تقتحم على الناس عالمهم الخاص، فشككت الناس في إيمانهم، ولقد غاب عن كثير ممن سمح لهذه الأفكار بالانتشار أنَّ الإيمان إذا ضاع فلا أمان، وأن الإلحاد هو إفساد للكون؛ لذا يجب المبادرة لمواجهة هذه الحملات، وإعادة الإنسان إلى فطرته؛ فيأمن الجميع، وتتنزل رحمات السماء، وتستخرج خيرات الأرض.
وقبل أن نتعرض لبعض ما ينبغي عمله تجاه شبابنا حتى لا يقعوا في براثن الإلحاد، تجدر الإشارة إلى أن جزءا من الوقاية، هو محاولة إعادة من ألحد إلى الإيمان، ذلك أن هؤلاء يبثون أفكارهم بين الشباب، ومن واجبنا أن نبين لهم الحق، عملا بالأمانة التي افترضها الله علينا؛ فمن وفقه الله وهداه، فحمدا لله الذي أنقذه من النار، وبذلك نكون قد قلصنا عدد الملحدين، ومن ثم تأثيرهم، وهذه خطوة مهمة في سبيل الوقاية، أما بقية الخطوات فتتمثل فيما يلي:1 نظرة شفقة ورحمة
ينبغي النظر إلى الشباب الحائر نظرة من يحمل أفكارا تؤرقهم، ومن ثَم فهم يحتاجون إلى من يناقشهم لا لمن يتهمهم بالكفر والإلحاد؛ لأنه لا يبالي بهذه الاتهامات، بل يعد من يوجهها له حاجرا على الحريات، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعامل مع من ارتكب كبيرة بمنتهى الشفقة، لدرجة أنه بدا الحزن عليه -صلى الله عليه وسلم - عند تطبيق حد السرقة لأول مرة، فإنَّ أولَ رجلٍ قُطع في الإسلامِ أو مِنَ المسلمين رجلٌ أُتيَ به النبيُّ -صلى الله عليه وسلم - فقيل: يا رسولَ اللهِ إنَّ هذا سرَق، فكأنما أُسِفَّ وجهُ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - رَمادًا، فقال بعضُهم: يا رسولَ اللهِ، أيْ يقولُ مالَكَ؛ فقال: وما يمنعُني وأنتم أعوانُ الشيطانِ على صاحبِكم واللهُ -عزَّوجلَّ- عفوٌّ يُحِبُّ العفوَ، ولا ينبغي لوالي أمرٍ أنْ يؤتى بحدٍّ إلا أقامه، ثم قرأ {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. هذا الشعور النبيل ينبغي أن يغمرنا عندما نرى ملحدا أو من يسير نحو الإلحاد، وينبغي أن نضع نصب أعيننا ونحن نتعامل مع المخطئين «لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم»، أي لا تساعدوا الشيطان في إضلالهم، مدوا أيديكم وقدموا كل ما يمكنكم من معونة ليتبين الرشد من الغي.2 تلقي الأسئلة باهتمام
ينبغي أن نتلقى كل سؤال يتعلق بذات الله -تعالى- وصفاته بكل اهتمام، فربما كان شكًّا يعتري ذهن السائل أو شبهة ألقيت عليه، لو لم يجد لها ردا توغلت في عقله وجذبت ما يشابهها من أفكار، وإن لم تكن الإجابة حاضرة عند من يُسأل فليبحث ولا يتحامل على السائل، وتأسيا بالمنهج القرآني الذي أجاب عما يجول في الخواطر من أفكار مقلقة بأبلغ رد من مثل قوله -تعالى- {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} (البقرة: 260)، ينبغي ألا يخشى القائمون على التربية من مناقشة هذه المسائل مع الشباب.3 إتاحة الفرصة للشاب للتعبير عما في داخله
يجب إتاحة الفرصة للشاب أن يبدي كل ما عنده اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - عندما حاول عتبة بن ربيعة تقديم عروض مغرية للنبي - صلى الله عليه وسلم - لكي يترك دعوة الإسلام، ومع أن الرجل منذ اللحظة الأولى تكلم بكلام لا يمكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبله إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تركه حتى فرغ ثم سأله أفرغت يا أبا الوليد (عتبة بن ربيعة)؟ قال نعم، ثم تلا آيات بينات بدا تأثيرها على عتبة وصاحبه هذا التأثير، إلى أن عاد إلى قومه حتى قال أحدهم: «لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به» نفذت كلمات الله إلى قلبه بعد أن أبدى كل ما عنده، وصار قلبه محلا لقبول ما يلقى عليه أو التفكير فيه لنعطي الفرصة كاملة لكل من يؤرقه الشك لكي يبدي كل ما في نفسه وليكن شعارنا: «أفرغت يا أبا الوليد؟».4 الاقتداء بخطاب القرآن الكريم
ينبغي أن نقتدي بالقرآن الكريم وهو يتحدث عن الألوهية، فتجده خاطب المنكرين خطابا ينفذ إلى أعماق القلب والعقل، قال -سبحانه-: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، يا له من خطاب يملك على الإنسان أقطار نفسه ويقودها إلى الحق! وبمثل هذه الطريقة القرآنية التي تخاطب الإنسان وتجعل منه قاضيا على نفسه وشريكا في البحث عن الحقيقة، يبدو نور الحق لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. حوار يقبل فيه المحاور المسلم أن تتعدد جولاته، وأن يقوم محاوره وهو مستعد - على أقل تقدير - للتفكير فيما دار بينهما وإعادة النظر في موقفه. ينبغي أن تكون المناهج الدراسية باعثة على الإيمان واليقين، لا مجرد معلومات تدرس ثم تنسى، ويبقى الدور الأهم للمعلم المؤمن برسالته الذي يستكمل النقص - إن وجد- في المنهج، كما ينبغي تدريس العقائد بنهج يتناسق فيه الفكر مع العاطفة، ونرى أن المطلوب هو صياغة علم العقائد صياغة يتعلق فيها القلب بالله -سبحانه وتعالى- تعلقا ينجيه من المهالك، ويشعره بمحبة الله -سبحانه- لخلقه، وذلك اقتداء بطريقة القرآن الكريم، ولنأخذ مثلا قوله -تعالى-: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} غافر.5 إبراز قدرة الله وعظمته في الكون
تعاون المناهج الدراسية على إبراز قدرة الله وعظمته في الكون، من دقة وتناسق وتعاون بين المخلوقات على إتمام رسالتها وربط ذلك بآية كريمة كقوله -تعالى- {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}.6 الوقاية خير من العلاج
يجب تحصين الشباب مما يمكن أن يعرض لهم في المستقبل من أفكار قد تثير شكوكا عند بعضهم، وكيفية مواجهتها؛ فالوقاية خير من العلاج، فعندما أمر الله -تعالى- نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يحول قبلته من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة أخبر نبيه أن السفهاء سيتساءلون في المستقبل ما الذي جعل المسلمين يحولون قبلتهم؟ ولقن الله -تعالى- المسلمين الجواب {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وفي هذا درس لنا فالشبهات التي يثيرها الملحدون قديمة، وأقصى ما يمكنهم هو صياغتها صياغة جديدة تزيد اللبس، والتحصين يقتضي أن يجمع المختصون هذه الشبهات ويجيبوا عنها بعبارة واضحة وبشكل جماعي وموسوعي، مفندين للشبهات مع مراعاة الطبيعة النفسية والعقلية للفئة المستهدفة، وأن ينشر ذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة.
لاتوجد تعليقات