هل وصل الضعف بالمسلمين إلى القول بأن للأقصى ربا يحميه؟
كلما تعرض المسجد الأقصى لاعتداءات واقتحامات من العصابات الصهيونية الغاشمة شعر المسلمون بالإحباط، وقد يصاب بعضهم باليأس؛ نتيجة عدم وجود ردود أفعال قوية تردع هؤلاء المهاجمين اليهود، الذين لا يعرفون ولا يعترفون إلا بلغة القوة، ولا يهتمون بقرارات أممية دولية، ولا يرتدعون بشجب واستنكار هيئات عالمية أو محلية.
عندما نقارن بين حالة الضعف التي لحقت بالمسلمين، نتيجة وقوع بعض الهزائم على يد المغول أو الصليبيين قديما، نجدها تختلف تماما عن حالة الضعف التي أصابت المسلمين في هذه العصور المتأخرة؛ فقديما إذا سقطت دولة مسلمة، قامت أخرى بحمل الراية، وألحقت الهزيمة بالأعداء؛ حيث كان المسلمون متمسكين بالكتاب والسنة، وإعداد القوة، والخروج للجهاد، ومعرفة أسباب النصر الحقيقية.
إضافة المسلمين
وفي العصور المتأخرة عرقل الأعداء هذه العقيدة الراسخة، ودرس وعمل بعد هزائم الصليبيين المتكررة على أيدي المسلمين، ولاسيما بعد الحملة الصليبية التاسعة على نشر الغزو الفكري، مع العسكري؛ لإضعاف المسلمين معنويا، وفكريا وإبعادهم عن مصدر قوتهم، بإضعاف التمسك بالكتاب والسنة، ووضعوا الخطط الطويلة لتغيير مفاهيم الجهاد، وقاموا بوضع أهداف محددة للهجوم على أصول الدين، وتشويه تاريخ المسلمين وتزويره، والتشكيك في القرآن الكريم، والطعن في السنة النبوية، وسب الصحابة الكرام، والهجوم على اللغة العربية، ونشر الفساد، ولاسيما إفساد المرأة التي تربي الأجيال، وتعدهم للجهاد، ولاسيما إذا غاب الرجال في السفر والتجارة.
إسقاط الخلافة
ووضعوا أيضا الخطط الماكرة لإسقاط دولة الخلافة الإسلامية بالتنسيق مع اليهود، ثم توزيع دول الإسلام على المحتلين المتسلطين، الذين قاموا بتغيير المفاهيم الصحيحة، وابتعاث أعداد كبيرة من المتميزين وتربيتهم على موائد الغرب، وإقناعهم بقوة الحضارة الغربية، وعند رجوعهم يتم توليتهم المناصب المهمة المؤثرة في وزارات عدة، للتأثير في التعليم وهدم الأخلاق، والاستهزاء بالقيم، وتم على أيديهم تغيير مناهج التعليم و تطوير الأزهر، وإلغاء القضاء الشرعي، مع نشر الفن الهابط، والكتب والمجلات الخليعة، التي تحطم معنويات المسلمين، وتُشعرهم باليأس، وتجعلهم يفقدون الأمل في عودة مجد الإسلام من جديد، مع العمل على إضعاف صحة المسلمين باستيراد أغذية ملوثة، حتى ولو بالإشعاعات النووية، مع ترويج الدخان والمخدرات، ونشر ثقافة الاستهلاك، وإبعاد الدول الإسلامية عن الأخذ بأسباب التقدم والقوة، والقضاء على صحة الأمة؛ بحيث تجعل الأمة تعتمد باستمرار في اقتصادها، وزراعتها وإنتاج غذائها، وصناعتها، ودوائها، وأسلحتها على الدول الكبرى.
الغزو الفكري
ووصل الغزو الفكري إلى ما هو أخطر من ذلك، ببث الرعب في وسائل الإعلام باستمرار من قوة الصهاينة، ونشر حالة من الانهزامية بين أبناء المسلمين، والاعتراف بالعجز والضعف، ووصل الأمر ببعض المنهزمين وللأسف من بعض المنتسبين للعلم الشرعي بقبول الوضع الراهن، ونشر فكرة أن للأقصى ربا يحميه!
مازال الخير باقياًِ
وهذه المقولة تصلح عندما لا يوجد للإسلام أو للحق أبناء يدافعون عن مقدساته، ولا يوجد للأقصى حماة ومرابطون، فالأمل المشرق -بإذن الله- قادم، والخير ما زال باقيا في أمة خير الأنام، ولاسيما إذا اشتدت ساعات الظلام، وكثرت الفتن والابتلاءات، وازدادت المصائب والصعوبات، وازداد تكالب قوى الشر على بلاد المسلمين؛ فهذه إرهاصات لولادة جيل جديد، يتحقق على يديه النصر، ولا ينخدع بمكر الأعداء والمرجفين، وقد تأكد أن النصر من عند الله تعالى: { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }(الأنفال:10)، وسوف يأتي الفجر الباسم بعد كل هذا الظلام الحالك، وسوف يأتي الفرج، ويتحقق الأمل، ويمتلك المسلمون إرادتهم، ويقومون بالتغيير والإصلاح والتخلص من الفساد، ويتم دحر اليأس، والحرب على الإحباط، ولا سيما أن المسلمين لديهم عقيدة سليمة تدفعهم وتحركهم، كما حركت أسلافهم للوحدة والاتحاد والقوة والاعتصام بحبل الله. فهل نلجأ لذلك، ونأخذ بأسباب القوة والنصر؟ ونعلم أن المستقبل لهذا الدين، ونتمسك بما تمسك به الأولون؛ لكي نستحق أن يتنزل علينا نصر الله تعالى القائل:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد:7).
ثقة الانتصار
وبإذن الله لن تستمر هذه الحالة من الضعف والهوان، ولن تضعف ثقة المسلمين في تحقق الانتصار وانتشار الإصلاح، ولاسيما عندما يعلمون الإجابة على التساؤل متى يتحقق النصر؟ ومتى يأتي الفرج؟ ومتى تقوم للمسلمين دولة قوية متماسكة؟ ولاننس أن جميع الأنبياء السابقين أصابهم الابتلاء، ووجدوا الصد والإعراض من أقوامهم، وتعرضوا للفتن، والهجرة والطرد، وجاهدوا ولم ينتظروا النتائج: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ }
لاتوجد تعليقات