رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 12 ديسمبر، 2022 0 تعليق

من مؤلفات الشيخ عبدالله السبت -رحمه الله – كتاب: الإسبال

قراءة في كتاب

إعداد:

 د. خالد سلطان السلطان

 خالد بكري

بعد رحلة طويلة ومشرقة قضاها شيخنا الوالد عبدالله بن خلف السبت -رحمه الله- في مجال العلم والدعوة إلى الله، حتى انتهت هذه الرحلة المباركة -بقدر الله- بوفاة شيخنا في 19شوال 1433 الموافق 7/9/1012؛ فتوجهت الهمة لجمع مؤلفات شيخنا الراحل؛ فقام د.خالد جمعة الخراز، و د. خالد سلطان السلطان بإخراج مجموع مؤلفات الشيخ عبدالله بن خلف السبت، وهو أول عمل جمع علوم الشيخ -رحمه الله- كان ذلك في عام 1438 / 2017، وكان عمل الباحثيْن هو جمع كتب الشيخ ورسائله وترتيبها بحسب سنة الطبع والتعليق عليها بالتخريج لأحاديثها، وشرح بعض الغريب من كلماتها، وتصويب أخطائها الطباعية، مع إعداد ترجمة مختصرة لمؤلفها -رحمة الله عليه- وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله خير الجزاء.

     بين أيدينا اليوم قراءة في الإنتاج العلمي الثالث للشيخ عبدالله السبت - رحمه الله - وهو كتاب (الإسبال) الذي طبع عام 1404 هـ - 1984 م.

سبب التأليف

ذكر الشيح -رحمه الله- أنه كتب هذه الرسالة لما طلب منه بعض الإخوة أن يبين ما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مسألة الإزار، فقال: أستعين بالله في تبيان ما ثبت من الأحاديث في هذه المسألة.

أولاً: الأدلة من السنة المطهرة

     ذكر الشيخ -رحمه الله- أحاديث في الإسبال لم يذكر فيها الخيلاء، منها عن عمرو بن فلان الأنصاري قال: بينا هو يمشي قد أسبل إزاره؛ إذ لحقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أخذ بناصية نفسه وهو يقول: «اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك» قال عمرو: فقلت: يا رسول الله، إني رجل حمش الساقين فقال: يا عمرو، إن الله -عز وجل- قد أحسن كل شيء خلقه، وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربع أصابع من كفه اليمنى تحت ركبة عمرو فقال: يا عمرو هذا موضع الإزار، ثم وضعها تحت الثانية، فقال: يا عمرو، هذا موضع الإزار».

     وعن ابن عمر قال: كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة من حلل السيراء إحداهما له فيروز، فلبست الإزار فأغرقني طولاً وعرضاً، فسحبته، ولبست الرداء فتقنعت به، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعانقني، فقال: «يا عبدالله، ارفع الإزار، فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار» قال عبدالله بن محمد: فلم أر إنساناً قط أشد تشميراً من عبدالله بن عمر.

     وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال: قلت: يا رسول الله من هم؟ خسروا وخابوا، قال: فأعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات، قال: «المسبل والمنفق سلعته بالحلف الكاذب...» الحديث.

وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار».

أحاديث جاء فيها ذكر الخيلاء

ثم ذكر الشيخ -رحمه الله- أحاديث جاء فيها الخيلاء ذكر منها: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بينما رجل يتبختر في حلة، معجب بجمته قد أسبل إزاره؛ إذ خسف الله به، فهو يتجلجل -أو قال: يهوي -فيها إلى يوم القيامة»، وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إزارة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، وما أسفل من الكعبين هو في النار، يقول ثلاثاً: لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً».

     وعن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جر ثوبه خيلا، لم ينظر الله إليه يوم القيامة» فقال أبو بكر: إن أحد شقي يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنك لست تصنع ذلك خيلاء».

     وعن هبيب بن مغفل أنه رأى محمداً القرشي قام يجر إزاره، فنظر إليه هبيب فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من وطئه خيلاء وطئه في النار».

فائدة

     ثم ذكر -رحمه الله- فائدة فقال: لم ينقل عن أحد الصحابة -رضي الله عنهم- أنه كان يسبل أسفل الكعبين، ومن ادعى غير ذلك فهذه الكتب فليدلنا على مسبل منهم أو مجيز، وساق الإمام البخاري في صحيحه باباً بعنوان: (باب من جر إزاره من غير خيلاء) وساق حديث أبي بكر - رضي الله عنه -، وساق عنواناً آخر: (من جر ثوبه من الخيلاء) وساق حديث الخيلاء، ثم ساق عنواناً آخر: (باب ما أسفل الكعبين فهو في النار) وساق حديث: (ما أسفل الكعبين من الإزار في النار) تلك العناوين تظهر أن الإمام البخاري -رحمه الله -يرى أن الإسبال أنواعا في الحرمة: فهو حرام يُجر، وحرام بالجر للخيلاء، وعناوين الأبواب تشهد بذلك، وقد بسط الحافظ ابن حجر أمر هذه المسألة في: فتح الباري شرح صحيح البخاري وإليك ما كتبه -رحمه الله-: قال الحافظ ابن حجر: «ويستثنى من إسبال الإزار مطلقاً ما أسبله لضرورة، كمن يكون بكعبه جرح مثلاً يؤذيه الذباب إن لم يستره بإزاره؛ حيث لا يجد غيره، وعلى ذلك شيخنا في شرح الترمذي، واستدل على ذلك بإذن منه - صلى الله عليه وسلم - لابن عوف في لبس الحرير من أجل الحكة».

     وقال الحافظ بن حجر رحمه الله والحاصل أن للرجل حالين: حال استحباب وهو أن يقتصر بالإزار على نصف الساق، وحال جواز وهو إلى الكعبين.

ثالثاً: مناقشة الموضوع

     ثم ناقش -رحمه الله- الموضوع والأدلة من الفقرة الأولى التي ما ذكرت الخيلاء والأدلة من الفقرة الثانية التي ذكرت الخيلاء ثم قال: «فالذي يظهر لي استحالة حمل أحاديث النهي المطلق على الأحاديث التي قيدت الإسبال بالخيلاء فكان الرأي هو تحريم الوجهين وتغليظ الوجه الثاني الإسبال مع الخيلاء».

     قال ابن العربي: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه، ويقول لا أجره خيلاء؛ لأن النهي قد تناوله لفظاً، ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكماً أن يقول: «لا أمتثله؛ لأن تلك العلة ليست في» فإنها دعوة غير مسلَمة بل إطالته ذيله دل على تكبره».

الختام

     ثم ختم شيخنا -رحمه الله- رسالته بقوله: أرجو في نهاية هذا القول أن يكون قد وضح لك أخي أمر هذه المسألة، واعلم أن الخير كله في الاتباع، واحذر التشبه بالمختالين الذين يبحثون عن أي فتوى توافق أهواءهم وما يريدون.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك