رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فهد بن عبدالعزيز الشويرخ 25 أغسطس، 2024 0 تعليق

من أقوال السلف  في التعامل مع الحكام –  الخروج على الحكام من أعظم أسباب الفساد ( 1)

  • ابن عثيمين: الذين خرجوا على أئمتهم بُحجة أنهم يريدون أن ينتصروا للإسلام وأن أئمتهم على الضلال والكفر نرى أن الحال تنعكس وتكون أسوأ بكثير مما سبق
  • ابن جماعة الكناني: حقوق السلطان: بذل الطاعة له ظاهرًا وباطنًا في كُلّ ما يأمر به أو ينهى عنه إلا أن يكون معصية
  • قال الحافظ ابن حجر: حسن التلطف في مخاطبة السلطان ليكون ذلك أدعى لقبولهم النصيحة وأن السلطان لا يخاطب إلا بعد استئذانه ولا سيما إذا كان في أمر يعترض به عليه فترك ذلك والغلظة له قد يكون سببًا لإثارة نفسه ومعاندة من يخاطبه
  • استأذن الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم  في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: «لا، ما أقاموا الصلاة»
     

مما عُلِمَ بالضرورة من دين الإسلام: أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، والخروج على الحكام من أعظم أسباب الفساد التي تحلّ بالعباد والبلاد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: الخروج عليهم يوجب من الظلم والفساد أكثر من ظلمهم. وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: الإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر.

  وقد استأذن الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: «لا، ما أقاموا الصلاة» وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى من أميره ما يكرهه فليصبر، ولا ينزعن يدًا من طاعته»، ومن تأمل ما جرى على الإسلام من الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر؛ فطلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه. وقال: نهى عن قتال الأمراء والخروج على الأئمة وإن ظلموا وجاروا، ما أقاموا الصلاة سدا لذريعة الفساد العظيم والشر الكبير بقتالهم كما هو الواقع، فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم من الشرور أضعاف ما هم عليه والأمة في بقايا تلك الشرور إلى الآن.

الأحداث تشهد

        وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الأحداث تشهد، أن أولئك الذين خرجوا على أئمتهم بُحجة أنهم يريدون أن ينتصروا للإسلام، وأن أئمتهم على الضلال والكفر، نرى أن الحال تنعكس وتكون أسوأ بكثير مما سبق، وتأملوا الآن كل البلاد التي حصلت فيها ثورات، يتمنى شعوبها الآن أنهم كانوا على الحال الأولى السابقة، يتمنون هذا بقلوبهم ولكن هذا لا يحصل.

الشر والفساد أعظم

        وقال -رحمه الله-: تجد هؤلاء الذين نعدهم سفهاء خرجوا على ولاة الأمر لمجرد أنهم رأوهم فسقه؛ فماذا حصل؟ حصل من الشر والفساد ما هو أعظم مما كان عليه هؤلاء الولاة، اقرأ التاريخ من حين حصل الاختلاف على الأئمة إلى يومنا هذا تجد الشرور والفساد كله في الخروج على ولاة الأمور، ماذا حصل من قتل عثمان - رضي الله عنه -؟ ومن قتل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -؟ ومن... قُتل من بقية الخلفاء؟ حصل الشر والفساد حتى أولئك السفهاء الذين خرجوا على ولاتهم، واستحلوا كراسيهم وسمّوها ثورة وما أشبه ذلك، ما ذا حصل منهم؟ هل أصلحوا على الوضع؟ أبدًا، بل إن المتأمل يجد أن الوضع الذي كان في السابق خير مما هو عليه الآن، كل ذلك بسبب الخروج عن طاعة الله ورسوله؛ فلو أن هؤلاء أطاعوا الله ورسوله في الصبر على ولاة الأمور، وطاعتهم في غير معصية الله، لرأوا خيرًا كثيرًا.

واقع البلدان التي حدثت فيها ثورات

        وقال -رحمه الله-: علينا أن نفكر وننظر إلى كل البلاد التي حصلت فيها الثورة، ما ازدادت بعد الثورة إلا شرا في دينها ودُنياها، ومن قرأ التاريخ تبين له ذلك جليا، ومن عاصر بعض البلاد التي خرج الناس فيها على حكامهم، وولاتهم رأى تلك الشرور، نسأل الله الكريم أن يوفق المسلمين للتعامل مع حكامهم على ضوء نصوص الكتاب والسنة، وعمل السلف الصالح، يقول العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: فالله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان.

طاعتهم في غير معصية الله

- عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: لو أمرني عثمان أن أمشي على رأسي لمشيت، ولو أن عثمان صلبني على أطول خشبة لسمعت وصبرت ورأيت أن ذلك خير لي، قال الإمام الطحاوي: ونرى طاعتهم من طاعة الله فريضة، مالم يأمروا بمعصية. - قال الإمام ابن جماعة الكناني -رحمه الله-: حقوق السلطان: بذل الطاعة له ظاهرًا وباطنًا، في كُلّ ما يأمر به أو ينهى عنه، إلا أن يكون معصية، قال الله -تعالى-: {ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} (النساء:59) وأولو الأمر هم: الإمام ونُوابه عند الأكثرين، وقيل: هم العلماء. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «السمعُ والطاعة على المسلم فيما أحبَّ أو كره، ما لم يؤمر بمعصية «فقد أوجب الله -تعالى- ورسوله طاعة ولي الأمر، ولم يستثن منه سوى المعصية فبقى ما عداه على الامتثال. - قال الإمام النووي -رحمه الله-: تجب طاعته ولاة الأمور فيما يشُقُّ وتكرهه النفوس، وغيره مما ليس بمعصية، فإن كانت معصية فلا سمع ولا طاعة. - قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- وجوب طاعة ولاة الأمور، وهي مقيدة بغير الأمر بالمعصية والحكمة في طاعتهم المحافظة على اتفاق الكلمة؛ لما في الافتراق من الفساد.

الثناء عليهم بمحاسن أعمالهم

         عن سعيد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان؛ فذكر عن محاسن عمله قال: لعل ذلك يسوؤك؟ قال: نعم. قال: فأرغم الله بأنفك، ثم سأله عن علي، فذكر محاسن عمله، قال: هو ذلك بيته أوسط بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم قال: لعل ذلك يسوؤك؟ قال: أجل. قال: فأرغم الله أنفك، فاجهد على جهدك.

توقيرهم واحترامهم وعدم سبهم أو الاستخفاف بهم

  • عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه، -رحمهم الله- جميعًا قال: من السنة أن يوقّر أربعة: العالم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد.
  • قال الإمام ابن المبارك -رحمه الله-: من استخف بالسلطان ذهبت دنياه.
  • قال الإمام ابن حبان -رحمه الله-: العاقل لا يستحقر أحدًا؛ لأن من استحقر السلطان أفسد دُنياه.
  • قال الإمام ابن عبدالبر -رحمه الله-: كانوا ينهون عن سب الأمراء، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهوننا عن سب الأمراء.
  • قال الإمام ابن جماعة الكناني -رحمه الله-: أن يعرف عظيم حقه، وما يجب من تعظيم قدره، فيعامل بما يحبُ له من الاحترام والإكرام، وما جعل الله -تعالى- له من الإعظام.
  • عن الشعبي -رحمه الله- قال: دخل شاب من قريش على معاوية - رضي الله عنه -، فأغلظ عليه، فقال له: يا ابن أخي أنهاك عن السلطان، إن السلطان يغضب غضب الصبي، ويأخذ أخذ الأسد.
  • قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: وفيه: حسن التلطف في مخاطبة السلطان ليكون ذلك أدعى لقبولهم النصيحة، وأن السلطان لا يخاطب إلا بعد استئذانه، ولا سيما إذا كان في أمر يعترض به عليه، فترك ذلك والغلظة له قد يكون سببًا لإثارة نفسه ومعاندة من يخاطبه.

الدعاء لهم

  • قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: لو أنَّ لي دعوة مستجابة ما صيرتها إلا في الإمام، فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد.
  • قال الإمام الطحاوي -رحمه الله-: وندعو لهم بالصلاح والمعافاة.
  • قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: من السنة الدعاء لولاة أمور المسلمين، ولا سيما في أوقات الإجابة، وفي الأمكنة التي يُرجى فيها إجابة الدعاء.
  • قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: والنصيحة لأئمة المسلمين... فالدعاء لهم بالتوفيق، وحثّ الأغيار على ذلك.
  • قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: على كل مسلم أن يدعو لولي الأمر بأن يهديه الله، ويسدده ويصلحه ويوفقه؛ لأن في صلاحهم صلاحًا للأمة.
  • قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ هدي السلف الصالح أنهم يدعون لهم.
 

الوصية بعدم الدعاء عليهم

 
  • قال الإمام البربهاري -رحمه الله-: إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى.
  • قال أبو عثمان الزاهد -رحمه الله- إياك أن تدعو عليهم باللعنة! فيزدادوا شرا، ويزداد البلاء على المسلمين، ولكن ادعُ لهم بالتوبة فيتركوا الشر، فيرتفع البلاء عن المؤمنين.
  • قال الإمام المناوي -رحمه الله-: قد حذر السلف من الدعاء عليه، فإنه يزداد شرًا، ويزدادُ البلاءُ على المسلمين.
  • قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: لماذا لا ندعو على الولاة؟ نقول: لأن ولاة الأمور ولاهم الله أمر المسلمين، والدعاء عليهم قد يزيد البلاء.
  • قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: هدي السلف الصالح وأئمة الإسلام أنهم لا يدعون على ولي الأمر والائمة؛ لأن الدعاء عليهم من سيما أهل الخروج، وسيما الذين يرون السيف إما اعتقادًا أو عملًا، وهدي السلف الصالح هو أنهم لا يدعون عليهم؛ لأن في الدعاء عليهم توطين القلوب على بغضهم، وهو سبب من أسباب اعتقاد الخروج عليهم، والوسائل لها أحكام المقاصد، كما أن المقصد - وهو الخروج واعتقاد الخروج - ممنوع عند الأئمة في عقائدهم، وكذلك وسيلته في القلوب هي الدعاء عليهم؛ لأنه يحدث البغض لهم، والبغض يؤدي إلى الخروج عليهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك