
منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع نصوص الفتن والملاحم
- نصوص الفتن والملاحم هي الأخبار الدينية التي ذكرت الابتلاءات التي ستحصل في مستقبل الزمان وأما الملاحم فهي الأخبار التي تتناول القتال الذي سيكون بين المسلمين والكفار في مستقبل الزمان
- الإيمان هو التصديق الجازم بالله تعالى وما أخبر به من أركان الإيمان الستة وما أخبر به من الأمور الغيبية مما كان وما سيكون ولا يصح إيمان شخص حتى يؤمن بالله وبما أخبر به سبحانه
- الشريعة هي الأعمال التكليفية والأعمال الدينية فالمسلم يستسلم وينقاد لله عز وجل في التصديق بالأخبار الغيبية والامتثال في الأحكام العملية
- نصوص الفتن والملاحم جزء من عقيدة المسلم يجب أن يؤمن بها ولا يصح إيمان إنسان حتى يؤمن بتلك النصوص
- تنزيل الأحكام والأخبار الغيبية فيما يجري في آخر الزمان من الفتن والملاحم ليس بالأمر اليسير ولا بالأمر العشوائي وإنما لابد أن يكون وفق منهج علمي دقيق
- التساهل في تنزيل نصوص الفتن والملاحم على وقائع بعينها يفتح باب القول على الله بغير علم ويفتح باب شر ويؤدي إلى ترك أعمال مشروعة أو فعل أعمال غير مشروعة وتعطيل نصوص وتأويل أخرى
- الأمور الغيبية لا سبيل لمعرفتها من خلال الحس أو العقل وإنما تعرف من خلال الخبر الصادق وهو الوحي
- يجب الإيمان بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وصحّ به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا ونعلم أنه حق وصدق
تنزيل نصوص الوحيين القرآن الكريم والسنة النبوية على الواقع فرع عن ثبوت صحته، وانضباط فهمه وفق دلالات ألفاظه، ولكل خطوة منها ضوابطها وقواعدها الحاكمة لها، وقد وقع كثير من الناس في تنزيل النصوص على وقائع بعينها دون أي ضوابط شرعية ولا الاستناد إلى المصادر الدينية المعتبرة ولا شك أن تنزيل نصوص الفتن على الأعيان أو الأحداث مسألة في غاية الخطورة، فإنه ينبني على ذلك أحكام من الحلال والحرام، والإقدام والإحجام، وقد ينبني عليها استحلال دماء الناس وأموالهم وأعراضهم، فكان لابد من ضبط ذلك بضوابط واضحة، لا يتصدى لها إلا العلماء الربانيون الراسخون في العلم؛ بحيث يُجمع بين اعتبار الألفاظ والمعاني، وبين الحال والمآل.
في الآونة الأخيرة -خصوصًا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي- أصبح نشر المعلومة سهلا، بصرف النظر عن ثبوتها أو صحتها أو أثرها، فانتشار المعلومة أدى إلى التأثير في عقائد الناس وفي أخلاقهم، وفي سلوكياتهم، وفي مواقفهم العلمية والعملية والأخلاقية، وإن كان التواصل الاجتماعي وانتشار العلم والمعلومات وسيلة لنشر العلم، لكن -مع الأسف- في كثير من الأحيان يكون وسيلة لنشر الانحراف والضلالة.
تنزيل النصوص الشرعية على وقائع معينة
ثم ظهر ظهورا كبيرا موضوع تنزيل النصوص الشرعية الواردة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة على وقائع معينة وعلى أشخاص معينين، وهذا التنزيل في كثير من الأحيان يخلو من الضوابط الشرعية ولا يستند إلى المصادر الدينية المعتبرة؛ ولهذا يأتي مَن يسلك هذا الطريق بالعجائب، ويأتي بمفاسد كثيرة، من هذه المفاسد الكذب، أن يدخل في القول عن الله بغير علم، ويعطل النصوص الشرعية الصحيحة ويقيم بدلا منها معاني باطلة غير صحيحة، يحمّلها للنصوص الشرعية كما سيأتي معنا -إن شاء الله- في الأمثلة؛ فمن حيث أرادوا الإصلاح أفسدوا! فعطلوا النصوص الصحيحة بألفاظها ومعانيها، وحملوا النصوص على معان بعيدة بل غريبة مستنكرة، بل اعتمدوا على مصادر غير معتمدة، وانحرفوا انحرافا شديدا كما سيأتي.
ولست ممن يتابع هذه الحسابات ولا وسائل التواصل، وليس لي خوض في هذا المجال، ولكن بحسب ما يبلغني ممن حولي عن انتشار هذه الأخبار، وانتشار هذه الأحكام ونحو ذلك، وبناء عليه كانت أهمية تدارس الضوابط والقواعد الخاصة بتنزيل نصوص الفتن والملاحم وأشراط الساعة على الوقائع المعينة.
نصوص الفتن والملاحم جزء من عقيدة المسلم
بدايةً لابد أن نعلم أنّ نصوص الفتن والملاحم -كما لا يخفى عليكم- هي الأخبار الدينية التي ذكرت الاختبارات والابتلاءات التي ستحصل في مستقبل الزمان، والملاحم هي الأخبار التي تتناول القتال الذي سيكون بين المسلمين والكفار في مستقبل الزمان، وتنزيل هذه النصوص على الوقائع المعينة، بمعنى أن يحكم من يتولى هذا الأمر بأن هذا النص أو هذا الحديث أو هذه الآية يُراد به هذا الواقع المعين في الزمان المعين أو المكان المعين أو الشخص المعين أو الحال المعين، فيُنزل ويعيّن ما جاء مطلقا، وما جاء عاما يخصصه في زمان أو مكان أو شخص أو حال تعيينا وتحديدًا دقيقا، وهذا أمر خطير.
الشريعة عقائد وأعمال
ومعلوم أن الشريعة المطهرة جاءت بالعقائد والأعمال في أكثر من خمسة وسبعين موضعًا، يقرن الله -عز وجل- بين الإيمان والعمل الصالح {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، فالإيمان هو التصديق الجازم بالله -تعالى- وما أخبر به من أركان الإيمان الستة، وما أخبر به مما كان وما سيكون، ولا يصح إيمان شخص حتى يؤمن بالله وبما أخبر به - سبحانه وتعالى-، ومن ذلك الأخبار الغيبية التي أخبر الله -عز وجل- أنها ستكون في آخر الزمان سواء في القرآن الكريم أم في السنة المطهرة .
الأعمال التكليفية والأعمال الدينية
والشريعة هي الأعمال التكليفية، والأعمال الدينية، فالمسلم يستسلم وينقاد لله -عز وجل- في التصديق بالأخبار الغيبية والامتثال في الأحكام العملية {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، والإيمان بمعناه الواسع تصديق الجنان وقول اللسان وعمل بالجوارح والأركان، فلا يصح إيمان إنسان حتى يؤمن بما أخبر الله -تعالى- به، ويعمل بما شرع الله -عز وجل-.
فنصوص الفتن والملاحم جزء من عقيدة المسلم، يجب أن يؤمن بها، ولا يصح إيمان إنسان حتى يؤمن بتلك النصوص، قال ابن قدامة: ويجب الإيمان بما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصحّ به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا، نعلم أنه حق وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ولم نطّلع على حقيقة معناه، ومن ثم يكون تنزيل النصوص على وقائع معينة أمرا خطير؛ لأنه يظهر صدق ما أخبر الله -تعالى- به في كتابه وعلى لسان رسوله، فإذا كان التنزيل دقيقا مطابقا للواقع، ظهر صدق ما أخبر الله -تعالى- به، وإذا تخلف يأتي الشك والريب فيما أخبر الله -تعالى- به، وهذا ما وقع، وسنذكرها من خلال أمثلة.
تنزيل النصوص على الواقع
لهذا عملية تنزيل النصوص على الواقع مثل تطبيق الحكم الشرعي، الآن من بديهيات الإسلام معرفة أركان الإسلام، كلنا يعرف أركان الإسلام التي جاءت في حديث ابن عمر -رضي. الله عنه - مرفوعًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ، وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصَومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلًا»، فلو سألنا أي إنسان ما حكم صلاة الفريضة؟ هل تجب صلاة الفريضة على كل مسلم؟
الجواب عند عامة الناس: نعم، تجب الصلاة على كل مسلم، لكنها عند العلماء: لا؛ فتجب الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل خال من الأعذار، ولا تجب الصلاة على الحائض ولا النفساء. هل تجب الزكاة على كل مسلم بناء على هذا الحديث؟ بادئ الأمر نعم، لكن عند العلماء تجب الزكاة على المسلم الغني الذي يملك نصابًا وحال عليه الحول.
تحقيق المناط
ومن ثم تطبيق الحكم الكلي تجب الصلاة على كل مسلم، لكن تنزيل هذا الحكم على زيد وعبيد يحتاج إلى تحقيق المناط، أن نرى هل هذا المحل استوفى الشروط وخلا من الموانع فينطبق الحكم عليه، أو أنه لم يستوف الشروط أو وُجِدَت موانع فلا ينطبق الحكم عليه؟ وإن كان الحكم الكلي صحيحًا ثابتا، لكن في هذه الحال لا ينطبق، ليس لأن الحكم كذب أو خطأ بل لتخلف شرط أو وجود مانع، فإذا كنا في الأحكام العملية نرجع إلى العلماء في تنزيل الأحكام الكلية على الوقائع الجزئية، كذلك نرجع إلى العلماء في تنزيل الأحكام الغيبية على الأحوال المعينة، فلا يصح أن يأتي إنسان ليس من العلماء ولا من طلبة العلم ثم يقول هذه الواقعة ينطبق عليها الحديث الفلاني، وهذا الحديث الفلاني ينطبق على هذه الواقعة، لا يصح هذا؛ لأننا إذا كنا لا نقبل من غير العالم أن يُفتي؛ لأن الفتيا هي الإخبار عن حكم الله -عز وجل- لمن سأل عنه بدليل شرعي.
النظر في الحكم الكلي والواقع
فالمفتي ينظر في الحكم الكلي وينظر في الواقع الذي أمامه، ثم يرى هل هذه الواقعة ينطبق عليها الحكم الكلي؟ فيحول الحكم الكلي إلى حكم جزئي يتناول هذا، وقد يتخلف الحكم في صورة أخرى مشابهة فيما يظهر للإنسان العادي، لكن العالم يرى أن هذه المسألة تختلف؛ ففيها فرق دقيق يعرفه العالم.
ليس بالأمر اليسير ولا العشوائي
فإذًا تنزيل الأحكام أو تنزيل الأخبار الغيبية فيما يجري في آخر الزمان من الفتن والملاحم ليس بالأمر اليسير ولا بالأمر العشوائي، وإنما لابد أن يكون وفق منهج علمي دقيق؛ لأن هذا من باب تحقيق المناط، فالعالم أو الباحث أو الناظر يتأمل هذه الواقعة، ويرى هل ينطبق عليها ذلك الحديث الكلي في هذه الواقعة أو لا ينطبق؟
لذا نجد أن الكلام كثر في هذا المجال وفي هذا السياق؛ لأن الإنسان فيه تشوّف لمعرفة الغيب، النفوس فيها تشوّف لمعرفة الغيبيات والمستقبل؛ ولهذا تجد أن الناس يتجهون إلى الكهان والعرافين والمنجمين ليسألوا عن أمور الغيب، غيب يتعلق بالإنسان في مستقبل أحواله، أو مستقبل بقية الناس، فيذهبون إلى الكهان والعرافين يبحثون عن أخبار مستقبلية؛ لأن النفس تتوق لمثل هذه الأخبار، فراج سوق الكذب بسبب أن الناس عندها تشوّف، تريد أن تعرف هذا الأمر، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وباب الكذب في الحوادث الكونية أكثر منه في الأمور الدينية؛ فالأخبار الدينية في موضوعات، لكن الكذب في الأخبار الكونية التي ستكون في آخر الزمان أكثر، قال: لأن تشوّف الذين يغلّبون الدنيا على الدين إلى ذلك أكثر، وإن كان لأهل الدين إلى ذلك تشوّف، ولكن تشوّفهم إلى الدين أقوى، وأولئك (أهل الدنيا) ليس لهم من الفرقان بين الحق والباطل من النور ما لأهل الدين؛ لذلك كثر الكذابون في ذلك ونفق منه شيء كثير.
ومن ثم احذروا التساهل في تنزيل نصوص الفتن والملاحم على وقائع بعينها؛ لأنه يفتح باب القول على الله بغير علم، ويفتح باب شر، ويؤدي إلى ترك أعمال مشروعة أو فعل أعمال غير مشروعة، وتعطيل نصوص، وتأويل نصوص، ويُكذب كذبا صريحًا في هذا الباب؛ بسبب التساهل في هذه المسألة، ممن يتصدر لهذا الأمر وممن يُصدّقه.
وقفات وضوابط
ونأتي لبعض الوقفات والضوابط في هذا الباب:
- أولاً: معرفة الأحكام الشرعية العملية والأخبار الغيبية
من الضوابط المهمة في هذا الباب أنَّ هذا الأمر يتعلق بالأحكام الشرعية العملية وكذلك بالأخبار الغيبية وكلاهما من الدين، وكثير من الناس لا يفرّق بين مصادر المعرفة، فهناك معرفة دينية، وهناك معرفة دنيوية، وعموما مصادر المعرفة ثلاثة: الحس الظاهر والباطن، والعقل، والخبر الصادق.
مصادر المعرفة الدنيوية
- المعرفة الدنيوية: الإنسان يصل من خلالها إلى حقائق العلم، ومصادرها الحسّ، فبالرؤية نعرف أن هذا أبيض وهذا بني، وباللمس نعرف أن هذا بارد وهذا ساخن، وهذا حلو وهذا مر، فالحواس طريق للمعرفة الدنيوية.
- وكذلك من خلال الأمور العقلية: نعرف أنَّ النصف أقل من الكل، والواحد نصف الاثنين، والكل أكبر من الجزء، فهذه أمور عقلية وقوانين عقلية يعرفها العقل بصرف النظر عن جنس الإنسان وديانته، فهي أمور مقررة عقلا.
- وأما الخبر الصادق: فالناس على سبيل المثال لم ترتحل إلى الصين، لكن يعرفون أن الصين موجودة قبل أن تظهر وسائل التواصل، ولم يروا الصين لكن سمعوا خبرا متواترا أن هناك بلدا اسمه الصين فصدّقوا وعرفوا أن هناك بلدا اسمه الصين.
قال ربنا -عز وجل-: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، فهذه نوافذ المعرفة، الحواس والعقل، الحواس الظاهرة فالإنسان يحس بالأمور من خلال الحواس الخمس، والحواس الباطنة كأن يشعر بالألم والفرح والجوع، والعقل ودون الحواس لا يستطيع الإدراك، فالعقل يتلقى هذه المعلومات ويترجمها ويؤدي وظائفه، غريزة إدراكية تقوم على وظائف، التذكر والكلام واللغة والحكم على الأشياء، مجموعة وظائف تعتمد على المعلومات التي ترد إليه من الحواس، والخبر يعم ذلك، ونطاق هذه المصادر في الأمور الدنيوية والأمور المحسوسة والأمور المعقولة.
وكلنا يعلم أن العقل والحواس لهم حدود، فهي لا تدرك الغيبيات، فنحن لا ندري ما يحدث في بيوتنا ونحن جالسون هنا الآن، يأتينا اتصال أن تعال نحتاجك، فنذهب مصدقين أن هناك أمرا مهما في البيت، تسأل أحدنا هل رأيت أو عقلت؟ فيقول لا، لقد جاءني خبر صادق من الأهل أنهم محتاجون إليّ الآن، وهم لا يكذبون، احتمال الكذب قائم لكن أنا أصدقهم.
إذًا في الغيبيات سواء الكلية أو الجزئية ليس للحواس علاقة بها، مهما بلغ الإنسان من الذكاء لا يعرف، ففي الأمور الغيبية لا سبيل لمعرفتها من خلال الحس أو العقل، وإنما تعرف من خلال الخبر الصادق وهو الوحي، قال -تعالى-: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}، وقال -تعالى-: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}، فإذًا في الغيبيات لا سبيل للمعرفة إلا الخبر الصادق وهو الوحي.
مصادر المعرفة الدينية
من هنا فأول ضابط في هذا الباب أن الأخبار الغيبية والشرعية لا سبيل لمعرفتها إلا عن طريق الوحي، فالعلوم الدينية والأخبار الغيبية والأحكام الشرعية لا تؤخذ من الحس ولا العقل ولا التجارب، ولا الأحلام ولا الأوهام ولا الاسرائيليات، ولا عادات الناس ولا التاريخ، وإنما تؤخذ الأحكام الشرعية سواء الأخبار الغيبية أم الأحكام العملية من الوحي؛ ولهذا جاءت النصوص تأمر باتباع الوحي، قال -تعالى-: {اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} (الأعراف: 3)، وقال -تعالى-: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} (الأحزاب: 7).
التحذير من الانحراف عن هذا الطريق
جاءت النصوص تأمر باتباع الوحي وتحذّر من المخالفة أو الإعراض عنه؛ ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «تركتُ فيكم أَمْرَيْنِ لن تَضِلُّوا ما تَمَسَّكْتُمْ بهما: كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -» فإذًا طريق المعرفة الدينية هو الوحي، القرآن الكريم والسُنَّة النبوية الصحيحة هما طريقا العلم الديني في الأخبار الغيبية والأحكام العملية، وقد حذّر الله -تعالى- من الانحراف عن هذا السبيل أو الإعراض عنه، قال -تعالى- {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (البقرة: 120)، فما ثَم إلا الحق أو الهوى، إما تتبع الحق «وقل الحق من ربكم» وإلا فهو اتباع الهوى والانحراف، قال -عز وجل-: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} (البقرة: 170)، فأعرضوا عن الحق لما ألفوا عليه آباءهم من العادات والتقاليد، قال -عز وجل- {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} (البقرة: 170)، ولما أنزل الله آدم إلى الأرض أعطاه منهجا، قال -تعالى-: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (طه:123)، وفي المقابل {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة: 39)، فإما أن تتبع الحق وتكون من الناجين، أو تُعرض عن الحق وتكون -عياذا بالله- من الهالكين، فأول نقطة في هذا الباب هو أن مصدر المعرفة الدينية هو الوحي، القرآن الكريم والسُنَّة النبوية الصحيحة المطهرة.
لاتوجد تعليقات