
معالم المنهج الإصلاحي عند الرسل
- القرآن الكريم يربط بين الإيمان والإصلاح ويجعل الإيمان مقدمة له لأنه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح بغير المنطلق الإيماني والمنهج الإسلامي
- لكي يتحقق وعد الله بالاستخلاف في الأرض والتمكين ونشر الأمن بعد الخوف لابد من تحقيق التوحيد الخالص
- خلق الرحمة والرفق واللين هو الأصل في منهج الأنبياء وفي دعوتهم إلى الله تعالى ومعاملتهم مع الخلق
- ابن باز: الأسلوب الشرعي في الدعوة بينه الرب جل وعلا إذ يكون بالحكمة أي بالعلم والبصيرة وبالرفق واللين لا بالشدة والغلظة
- ابن عثيمين: إنني أحث إخواننا ولا سيما الشباب على أن يحرصوا غاية الحرص على دعوة إخوانهم إلى الحق وليكن ذلك باللطف واللين وبيان الحق
- إن الـســيــر على آثار النبوة واقتفاء منهــج السُـنَّة التي جـاء بهـا رســــول الـلــه صلى الله عليه وسلم عصــمـــة من كل فتنة وأمان من كل خوف
إعداد: وائل سلامة
أرسل الله -تعالى- الأنبياء والرسل للبشرية حاملين منهجًا إصلاحيا متكاملًا، يستهدف تحقيق الفلاح في الدنيا والآخرة، ولم يكن هذا المنهج مجرد مجموعة من القواعد والتعليمات، بل كان خارطة طريق شاملة لبناء الفرد الصالح والمجتمع القويم، وإن الحاجة إلى هذا المنهج الإصلاحي تزداد وضوحًا مع كل حقبة تاريخية تشهد انحرافًا عن الفطرة السليمة، وابتعادًا عن قيم الحق والعدل، فكلما ضلت البشرية طريقها، جاءت رسالات الأنبياء لتكون بمثابة نبراس يهدي الحائرين، ومصلح ينهض بالأمم؛ لذا كان لابد من تسليط الضوء على المنهج الإصلاحي للأنبياء، مستكشفين معالمه الأساسية، ومبادئه الجوهرية، والطريقة التي طبقها الأنبياء في دعواتهم لتغيير الواقع.
الإيمان والإصلاح
أول الإصلاح ومبدؤه هو الإيمان بالله -عز وجل-، والاستسلام لحكمه وشرعه، فنحن نوقن أنه لا صلاح ولا إصلاح لأحوال الخلق أجمعين ولأحوال المسلمين بخاصة إلا من منطلق الإيمان وحكم الإسلام، وغير ذلك لابد أن يكون فيه قصور ونقص واضطراب واختلاف؛ لأن الله -جل وعلا- هو خالق الخلق، وهو العالم بما يصلح شؤونهم {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} (الأعراف:54)، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك:14).
والمتأمل لآيات القرآن الكريم يجدها تربط بين الإيمان والإصلاح، وتجعل الإيمان مقدمة له، وتجعله سابقًا عليه؛ لأنه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح بغير المنطلق الإيماني والمنهج الإسلامي {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (الأعراف:35)، فلا ينبعث إلى الإصلاح إلا من اتقى الله وعمر قلبه بخشيته وتقواه؛ لأن ذلك عاصم له -بإذن الله- من أن يخوض فيما لا ينبغي الخوض فيه، وأن يقترف ما يحرم وما يحول بينه وبين التحقق بتقوى الله -جل وعلا-.
المنطلقات الأساسية للإصلاح
ومن المنطلقات الأساسية للإصلاح اتباع الرسل والأنبياء (صفوة الله من خلقه) -صلوات الله وسلامه عليهم-، قال -تعالى-: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} (النساء:165)، وقال -تعالى-: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ} (الأعراف:35)، وأظهر من ذلك -أيضًا- ما كان بين موسى وهارون -عليهما السلام- عندما عهد موسى إلى أخيه قائلاً: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} (الأعراف:142).
السير على آثار النبوة
إن السير على آثار النبوة واقتفاء منهج السُنَّة التي جاء بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عصمة من كل فتنة، وأمان من كل خوف، وحق لا يداخله شيء من الباطل، ورسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا ويبصرنا فيقول: «إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دينارًا إنما وَرَّثوا علمًا»، والوارث إنما يأخذ إرثه ممن ورثه، مما جاء به سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم - في كتاب الله وفي سنته وفي سيرته وفي هديه الذي تمثل في سائر جوانب الحياة، سلم وحرب، حل وسفر، مع الأصدقاء ومع الأعداء، في كل جانب من جوانب الحياة لنا من سنته هدي، ولنا في سيرته بصيرة - صلى الله عليه وسلم -.
أسس منهج الأنبياء في الإصلاح
إذا أردنا النهوض بأمتنا إلى بر الأمان فعلينا أن نستوعب منهج الأنبياء والرسل في الإصلاح، وكيف دعوا أقوامهم إلى الفلاح بعد أن كانوا مختلفين وعن الحقيقة متفرقين، كما قال الله -تعالى-: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} (البقرة: 213)، أي كانوا أمة واحدة فاختلفوا؛ فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة الحق، فاختلفوا؛ فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، وقال -تعالى-: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (النساء: 165)، وقد قام منهج الأنبياء على عدد من الأسس وهي كالتالي:
أولاً: تحقيق التوحيد الخالص
لكي يتحقق وعد الله بالاستخلاف في الأرض، والتمكين ونشر الأمن بعد الخوف، لابد من تحقيق التوحيد الخالص، كما قال -تعالى-: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور: 55)، ولقد بعث الله الأنبياء لمهمة واحدة، هي عبادة الله وحده لا شريك له، كما جاء في كتاب الله -تعالى-، فقال -سبحانه- عن نوح -عليه السلام-: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (الأعراف: 59)، وقال -سبحانه- عن هود -عليه السلام-: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (الأعراف: 65)، وقال -سبحانه- عن صالح -عليه السلام-: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (الأعراف: 73)، وقال عن إبراهيم -عليه السلام- {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (العنكبوت: 16)، وقال -سبحانه- عن شعيب -عليه السلام-: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (الأعراف: 85)، وقال -سبحانه- عن موسى -عليه السلام-: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (طه: 98)، وقال -سبحانه- عن عيسى -عليه السلام- {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} (آل عمران: 51)، وأما نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال -سبحانه-: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} (فصلت: 6).
(2) الرفق واللين والموعظة الحسنة
عند تأمل سيرة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- نجد أنهم استعملوا هذا اللفظ {يا قوم} في مخاطبتهم لأقوامهم، فقد جاء ذلك في قصة نوح، وإبراهيم، ولوط، وموسى، وهود، وصالح، وشعيب، ومحمد - صلى الله عليه وسلم -، كما نجد هذا الاستعطاف في دعوة إبراهيم -عليه السلام- لأبيه بقوله: {يا أبت} وتكرارها مرات كثيرة، كما في قوله -سبحانه-: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا {41} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا {42} يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا {43} يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا {44} يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} {مريم:41-45}، وهكذا ينبغي للداعية اختيار الألفاظ المناسبة التي تشعر المدعوين بالقرب منه والحرص على مصلحتهم.
من هنا فإن الناظر في الشرع الشريف يرى أن خلق الرحمة والرفق واللين هو الأصل في منهج الأنبياء -عليهم صلوات الله وسلامه- في دعوتهم إلى الله -تعالى- ومعاملتهم مع الخلق، وقد بيَّن الله -عز وجل- لنا في كتابه الكريم وكذا النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته وسيرته الشريفة كيف أن الدعوة إلى الله لابد أن تكون برفق وشفقة، بل وخوف على الناس من عدم الإيمان واتباع الوحي المنزل.
معالم الرفق واللين في دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -
الرحمة والرأفة كما قال الحسن البصري -رحمه الله-: هذا خلق محمد - صلى الله عليه وسلم - بعثه الله به، ويدل لهذا قول الله -تعالى-: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}، وقال الله -تعالى-: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} قال ابن كثير -رحمه الله-: «الفظ: الغليظ، والمراد به هاهنا غليظ الكلام؛ لقوله بعد ذلك: {غليظ القلب} أي: لو كنت سيئ الكلام، قاسي القلب عليهم لانفضوا عنك وتركوك، ولكن الله جمعهم عليك، وألان جانبك لهم تأليفا لقلوبهم، كما قال عبدالله بن عمرو: «إنه رأى صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكتب المتقدمة: أنه ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح «.
من صور رفق النبي - صلى الله عليه وسلم - ولينه
ومن صور رفقه ولينه - صلى الله عليه وسلم - من السنة ما جاء في صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم - رضي الله عنه - قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله؛ إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أماه! ما شأنكم تنظرون إليّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتّونني لكنني سكت، فلما صلى النبي فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه! فو الله ما نهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: «إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس، إنما التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» (أخرجه مسلم).
وامتدح الله النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} {آل عمران:159}، وقال -عز وجل-: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِين َ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}{التوبة:1 28}، وبلغ من شفقته -صلى الله عليه وسلم - وحرصه على هداية الناس أن كادت نفسه الشريفة أن تتلف حزنًا على مَن ضل ولم يؤمن حتى واساه الله بقوله: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} (فاطر:8).
الشيخ ابن باز: الرفق واللين أمر للأمة جميعًا
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: أما أسلوب الدعوة فبينه الرب -جل وعلا- وهو الدعوة بالحكمة أي بالعلم والبصيرة، بالرفق واللين لا بالشدة والغلظة، هذا هو الأسلوب الشرعي في الدعوة، قال -تعالى-: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}، هذا الأمر العظيم، وإن كان موجها إلى الرسول العظيم - صلى الله عليه وسلم -، فهو أمر للأمَّة جميعًا وإن خوطب به النبي -صلى الله عليه وسلم - فهو الأصل والأساس، وهو القدوة -صلى الله عليه وسلم -، وفي هذه الآية العظيمة بيان كيفية الدعوة وأسلوبها، ونظامها وما ينبغي للداعي أن يكون عليه: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة} قال جماعة من علماء التفسير: معنى ذلك: الآيات والأحاديث: يعني ادع إلى الله بآيات الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم [-؛ لما فيها من الحكمة، ولما فيها من الفقه والردع والبيان والإيضاح، والكلمة الحكيمة هي التي فيها الردع عن الباطل، والتوجيه إلى الخير، وفيها الإقناع والتوجيه إلى ما فيه السعادة.
الشيخ العثيمين: الدعوة باللطف واللين وبيان الحق
قال الشيخ محمد صالح العثيمين -رحمه الله-: «إننا نحث إخواننا ولا سيما الشباب على أن يحرصوا غاية الحرص على دعوة إخوانهم إلى الحق، وليكن ذلك باللطف واللين وبيان الحق؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف» وهذا كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو لا ينطق عن الهوى، فعلى الشباب أن يدعوا إلى الله على بصيرة وعلم بالرفق واللين ولا ييأسوا، قد تحصل من المدعو نفرة في أول الأمر وكراهية، لكن إذا عومل بالتي هي أحسن ودون عنف وباللين، فإن الله -عز وجل- يقول لموسى وهارون: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا} لماذا؟ {لعله يتذكر أو يخشى} (سورة طه، الآيتان: 43-44)، فهكذا ينبغي على كل داعية إلى الخير أن يقابل الناس باللين وبيان الحق، وأن يصبر على ما يجد من جفوة.
حقيقة التوحيد
يجب على المسلم أن يفرق بين توحيد الأنبياء وتوحيد المشركين، فالتوحيد الذي جاء به الأنبياء هو توحيد الألوهية، وهو: توحيد الله بأفعال العباد، وأفعال العباد هي: الدعاء والركوع والسجود والذبح والنذر والاستغاثة والاستعانة، فلا ندعو إلا الله، ولا نركع إلا لله، ولا نسجد إلا لله، ولا نذبح إلا لله، ولا نستغيث إلا بالله، ولا نستعين إلا بالله، فمن حقق هذا التوحيد فقد حقق التوحيد الذي جاء به الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، قال الله -تعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (الأنعام: 162، 163).
لاتوجد تعليقات