رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 15 أكتوبر، 2012 0 تعليق

ما هكذا يكون الإصلاح!

     عندما قرر العلماء - الذين هم ورثة الأنبياء - أن دخول المجالس النيابية تكون لأخذ حقوق الناس وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأن النواب مستأمنون على احستاب الأجر لأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولابد أن يكونوا نعم العون لولي الأمر في المشورة والخبرة، وهم السواعد التي تبني لإكمال مسيرة الخلافة في الأرض، لقوله سبحانه: {إني جاعل في الأرض خليفة} أي العمل في شتى مناحي الحياة في إطار العبودية لله من منطلق السيادة على الأرض.. النائب لا ينطلق من منطلقات طائفية شعوبية أو قبلية مذمومة، ولا يبحث عن مصالحه الشخصية ولا يتكلم أو يطالب بامتيازات شخصية له بقدر ما تكون مطالباته للصالح العام ويكون قدوة في أخلاقه ولسانه وجوارحه وهمه الأول إرضاء ربه سبحانه وتعالى ولا يقابل الخطأ بخطأ مثله ويتعلم ويتدارس مع ناصحيه الأمناء معه.

     صاحب القرار والوزراء والنواب كلهم بشر وكلهم يجتهدون وكل له بطانته؛ بطانة خير وبطانة سوء وكل يسوّغ قوله واقتراحه، ولكن لا يجوز لنوابنا إساءة الظن وتضخيم الخطأ أو تحميل الكلام بفهم لا يحتمله، وعليهم عدم التلفظ بألفاظ التهديد والوعيد والإساءة والتصعيد فهذا غير مقبول.. فعامل الناس كم تحب أن يعاملوك، مصداقاً للحديث الشريف: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» وحديث: «أنزلوا الناس منازلهم» ولايجوز حث الناس على الفوضى وإذكاء نار الفتن والمواجهة أو تأليب الناس على السلطان.

     والمطالبات في البداية كانت طيبة تتجه نحو محاسبة سراق المال العام ومحاسبة الفساد والمفسدين ووضع خطة بناء بوقت محدود والمطالبة   بتنصيب الكفاءات، ثم تحولت واختلفت من أجل مصلحة ذاتية وليست مصلحة غالية، وبدأ إبعاد الجانب الشرعي في الإصلاح وبيان خطورة المعسكر الباطني على حاضر الكويت ومستقبلها، وغير مقبول تماماً المطالبة بوقف جميع المناقصات والمشاريع والاتهام (بالحرمنة) واتهام جميع الخبراء وديوان المحاسبة واللجان التي تدرس المشاريع بأنها سيئة، وتعطيل التقدم، وبالمقابل هناك تعمد بوقف المشاريع حتى لا يتم إنجاز شيء في هذا المجلس. وبلغ النزاع أقصاه، ففي الأسرة بدا الشقاق واضحاً، والطائفية والقبلية والطعن بالأحساب، وزاد من حجم الجرح وجود قنوات وصحف وحتى تجمعات تنفخ في هذا الاتجاه السيئ، وحتى في التجمعات نفسها التي باتت محترقة بين إصدار بيان ثم  نفيه ثم تعديله وتجاوز الأمر إلى الطرد والاتهام، وحتى بين طلبة العلم بين مغال ومجاف والأوضاع جعلت (الحليم حيراناً، من أجواء ممرضه غير مقبولة).

     فالمطلوب إصلاح البيت الكويتي بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وبين الأسرة الكريمة وبين الجماعات لوقف هذا النزيف الذي يفسد ولا يصلح ويباعد ولا يقارب والذي وسعنا في السابق يسعنا في الحال.

     فالمجالس التشريعية الهدف منها  البناء والتعاون لإكمال المسيرة وليس لزيادة الشقاق والفرقة مثل الذي يتزوج ليرتاح وإذا كان الزواج يعكر حياته وحاول أن يصلح ولم يجد إلا الأبواب المغلقة بإحكام ودون تضحية أو  تنازل، فضلاً عن خطاب التصعيد فلا يوجد إلا حل يبغضة الله عز وجل.

     فالله عز وجل أعطى ولي الأمر سلطانه وصلاحيات كبيرة فهو أبو السلطات وأبو الجميع ومسؤول أمام الله عز وجل عنهم فإذا أحبهم وأحبوه سار المركب في أحسن اتجاه، وإذا أبغضهم وأبغضوه تعطلت مصالح الناس، وعلينا جميعاً الدعاء له والنصح والمشورة والصبر وتقديم الدراسات حتى يشرح الله صدره. وإذا لم يقبل فعلينا بالصبر حتى يأتي الفرج والوضع لم يصل مثلما ذكر رسولنا صلى الله عليه وسلم: «يحكمونكم أمراء لا يأتمرون بأمري ولا يستنون بسنتي»، فقالوا يا رسولنا ماذا تأمرنا قال: «عليكم السمع والطاعة والصبر».

     فواقعنا يتطلب أن تتوحد صفوفنا جميعاً، وأن نكف ألسنتنا ونكثف الدعاء ونتعامل مع ما هو مباح ومتاح، وبقاء الحال من المحال، والالتفات إلى جوانب تغيير واقعنا وبخطوات مسرعة منذ الخلافة الراشدة إلى يومنا هذا، فلم يجعل الله عز وجل الخلد لأحد، ولكن علينا بالرضا بقضاء الله وقدره واللجوء إليه سبحانه وتعالى؛ فهو الذي يملك القلوب ويصلح الأمور.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك