قوى سياسية بحرينية: المعارضة أداة في يد إيران لمواجهة المجتمع الدولي- «الدور الروسي» في أزمة البحرين بين استجداء «المعارضة» ورفض «الموالاة»
عشية انطلاق جلسات الحوار الوطني في مملكة البحرين، غيرت المعارضة البحرينية توجهها صوب الشرق مستجدية لدور روسي في أزمتها مع الشعب البحريني ووصفت السياسة الروسية في المنطقة العربية بأنها مطلوبة ومرحب بها شعبياً! وهو ما رفضته أغلب القوى السياسية في البحرين من منطلق ومبدأ رفضها التدخل الأجنبي في شؤون البحرين الداخلية من ناحية، فضلاً عن تحفظها على عدم أخلاقية الممارسات الروسية في المنطقة خاصة مساندة موسكو لنظام بشار الأسد الذي دمر الأخضر واليابس والحرث والنسل بأسلحة وبخبرة وبأموال روسية وإيرانية أدت لمقتل أكثر من 70 ألفا وتشريد ملايين السوريين في الداخل والخارج وتدمير سوريا عن بكرة أبيها، ووصفت بعض القوى والفعاليات السياسية والإعلامية في البحرين هذا الموقف من المعارضة باستجداء التدخل الروسي في البحرين بأنه خيانة للوطن وارتماء في حضن الروس بعدما فشلت المعارضة في أن تجد ضالتها في حضن الأمريكان.
استجداء الروس لتدويل القضية
في الوقت الذي ترفض فيه جميع الشعوب العربية والإسلامية الدور الروسي وتصفه بالقذر في سوريا وترى أن أيادي موسكو ملطخة بدماء الشعب السوري، فهي التي ساعدت، مع إيران وحزب الله والحكومة العراقية، على استمرار نظام بشار في قتل شعبه ووصل عدد ضحاياه حتى الآن إلى أكثر من 70 ألفا، في هذا الوقت ارتكبت المعارضة البحرينية خطأ استراتيجيا عندما أيدت الدور الروسي ودافعت عنه في سوريا ورأت فيه صيانة للحقوق الدولية وحفاظا على ميثاق الأمم المتحدة وطلبت تكراره في تجربة البحرين، ويرى محللون أن «الوفاق» ومعها الجمعيات الخمس اتجهت إلى الروس الذين عادوا إلى المنطقة بمشروع براجماتي جديد لا يختلف عن مشروع حلف الأطلسي (الناتو)، ويعدون أن روسيا هي القوة الصاعدة الجديدة في المنطقة التي تبحث عن دور قد يؤدي إلى إحداث توازن مع دور أمريكا وأوروبا، وستشكل حلفاً جديداً يمتد من الصين إلى إيران ثم روسيا، وأن روسيا هي طريق «الوفاق» لمجلس الأمن ولتدويل قضية البحرين!! وأكدوا أن هذا الموقف من المعارضة يكشف عن حسابات براجماتية متجردة من أية حسابات أخلاقية أو وطنية ومن أي نظرة بعيدة لمستقبل المنطقة التي تجاوز وعيها الاحتماء بالتحالفات الخارجية ذات المصالح الاستعمارية إلى بناء التحالفات الداخلية والإقليمية المماثلة لها في المشروع الوطني .
وفي المقابل تبسط المعارضة البحرينية مسوغاتها في استجداء الدور الروسي واستدعائه في أنها فقط ستنقل وجهة نظرهاإلى لجانب الروسي ليكون على وعي به وبأن ذهابها لموسكو لا يشوبه عيب ولا سيما أن هناك تواصلا بين الخارجيتين البحرينية والروسية، وتساءلت: فلماذا يحرم ذلك على المعارضة؟ فضلا عن أن المعارضة تستند إلى أن روسيا لديها رغبة رسمية في أن تؤدي دوراً ما في أزمة البحرين ، وتشير في ذلك إلى ما نقلته وكالة «إيتار- تاس» الروسية للأنباء عن الناطق الرسمي باسم الخارجية الروسية (ألكسندر لوكاشيفتش) قوله: «إن الجانب الروسي سيواصل الاتصالات مع القيادة السياسية في البحرين ومع ممثلي أوساط المعارضة، مع الدعوة بحزم إلى تسوية القضايا السياسية الداخلية عبر الحوار وإجماع الرأي الوطني لصالح جميع أبناء البحرين»، وقالت مصادر من المعارضة البحرينية: سنطرح على المسؤولين الروس رؤية المعارضة للوضع في البحرين والمطالب المشروعة للقوى السياسية في إقامة حكومة انتقالية وطنية وبنظام ملكي دستوري يستند إلى حكم الشعب وممثليه المنتخبين.
سقطة المعارضة البحرينية
ووقعت المعارضة البحرينية في سقطة أخرى وخطأ استراتيجي كبير عندما وصفت الدور الروسي بأنه نزيه في البحرين ومطلوب من الشعب! وفي هذا يقول فاضل عباس أمين عام التجمع الديمقراطي الوطني الوحدوي: إن المعارضة تتطلع إلى دور إيجابي وفعال لروسيا في البحرين، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الإدارة الأمريكية تمنع إيصال قضية البحرين إلى المحكمة الدولية. وأضاف أن المعارضة تأمل في تفعيل الدور الروسي في البحرين لخلق توازن سياسي، وتابع: «الدور الروسي نزيه في البحرين ومرحب به من قبل الشعب، وسيكون له احتضان شعبي». إذا كانت هناك مبادرة من روسيا، وقال: إن القيادة الروسية مدعوة إلى دعم الحوار الجاد في البحرين، وإنها مدعوة في حال فشل الحوار إلى اتخاذ موقف على صعيد المنظمات الدولية لوقف هذا «الفيتو» الأمريكي على طرح قضية البحرين في مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتطرق عباس إلى الموقف العربي قائلا: إن الجامعة العربية لعبت دورا سلبيا و«يتحكم بها البترودولار»، وأشار إلى وجود دور سلبي أيضا لمجلس التعاون الخليجي في البحرين.
أداة في يد إيران
وترى القوى السياسية الأخرى (الموالاة) أن المعارضة لجأت لروسيا لكي تمارس موسكو ضغطاً على حكومة المنامة للرضوخ والاستجابة لمطالبها، كاشفة أن هذه الخطوة جاءت بإيعاز من إيران، كما أن هذه القوى السياسية (الموالاة) تعد أن موسكو تمارس دوراً لا أخلاقياً بدعمها النظام السوري برغم كل ما يمارسه من قمع وما يقترفه من مجازر في حق شعبه، فلم يعد خافياً على أحد أن نظام بشار ما كان ليصمد هذه السنوات لولا الدعم الإيراني والروسي العسكري والسياسي.
وما يخفف من وطأة الزيارة ويقلل من هواجس القلق لدى الأوساط الرسمية والشعبية في البحرين أن الدعوة لزيارة وفد المعارضة البحرينية لموسكو لم تكن من جهة رسمية، وضم وفد المعارضة لموسكو علي سلمان رئيس جمعية «الوفاق» ومجيد ميلاد رئيس بلدية المنامة - الدائرة الثانية وعبد النبي سلمان أمين عام «المنبر الديمقراطي» وفاضل عباس رئيس «التجمع الوحدي»، وجاءت الدعوة من جمعية «أصدقاء البحرين» التي تضم المفكر الشيعي حيدر جمال والكاتب ألكسندر بروخانوف رئيس تحرير أسبوعية «زافترا» وأوليغ فومين نائب رئيس جمعية الدفاع عن الشعبين السوري والليبي والمفكر الروسي ألكسندر دوغين وآخرين.
وترفض قوى الموالاة زج قضية البحرين في لعبة دولية تصفها بأن المنامة لا ناقة لها فيها ولا جمل، وترى أن المعارضة البحرينية عبارة عن أداة في يد إيران وورقة تستخدمها في صراعها مع المجتمع الدولي، فالصراع الدولي القائم الآن بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة، وروسيا وإيران من جهة ثانية، حول السلاح النووي الإيراني، ومن ثم تحاول طهران بكل السبل أن تستخدم المعارضة البحرينية وقضية البحرين لتحقيق مكاسب لها في علاقاتها ومفاوضاتها مع المجتمع الدولي، وهي في ذلك تتبع مسارين متوازيين:
- الأول: الإيعاز للمعارضة البحرينية بأن تتجه صوب روسيا لإحداث توازن مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تتهمها المعارضة البحرينية وإيران بأنها تميل للجانب الرسمي البحريني وترفض تدويل القضية البحرين وتحول دون مناقشتها في الأمم المتحدة.
- والثاني: يتمثل في المحاولة الإيرانية لزج وطرح ملف البحرين، فضلاً عن المسألة السورية، في جولة المحادثات الدولية بين إيران ومجموعة(5+1) التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا في كازاخستان والمقررة في 26 فبراير الجاري حول البرنامج النووي الإيراني.
لاتوجد تعليقات