رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 23 ديسمبر، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1248

علامات الجدية في حياة الشباب

إن الجد الذي يجب أن تتصف به نفوس الشباب له علامات من أهمها ما يلي: - الشاب الجاد: حريص على اغتنام وقته؛ فهو يدرك قيمة عمره، قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: «إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما»؛ لذلك كان السلف -رحمهم الله- عندهم حرص على اغتنام الأوقات في كل ما يمكن عمله.

  • ومن علامات الشاب الجاد: الاهتمام بالمسؤوليات؛ لأنه يعلم أن الواجبات التي عليه كثيرة، فإنه لابدّ من إعطاء كل ذي حق حقه، وهذا لابدّ من ترتيب للوقت؛ ولذلك عمر - رضي الله عنه - لما قال: «إن لله عملا في الليل لا يقبله في النهار، وعملا في النهار لا يقبله في الليل» (المصنف لابن أبي شيبه: 3).
ثم من صفات الشاب الجاد، أنه دائم الارتقاء؛ فبعض الشباب في مسيرتهم متذبذبون، تارة ينزل، وتارة يصعد، بينما الشخص الذي يعمل باستمرار وعنده جدية يرتقى باستمرار، قال إبراهيم الحربي -رحمه الله-: «لقد صحبت أحمد بن حنبل عشرين سنة صيفًا، وشتاء، وحرا، وبردًا، وليلاً، ونهارًا، فما لقيته في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس.
  • ومن صفات الجادين: أن عملهم أكثر من كلامهم، فإذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد غير ذلك فتح عليه باب الجدل، وأغلق عنه باب العمل.
 

الله -تعالى- أمرنا بالجِدّ

      الله -تعالى- أمرنا بالجد كما أمر من قبلنا، وقال: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} (البقرة: 63) أي: بجد واجتهاد، فلا بدّ من المبادرة، والعمل، والتحذير البالغ من التفريط، والإهمال، والكسل؛ لأن الندم هو العاقبة، قال الله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} (المؤمنون: 99 - 100).

المثابرة في فكر الصديق - رضي الله عنه -

        لما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق - رضى الله عنه - إلى الإسلام فأسلم، إذا بالصديق - رضي الله عنه - يستشعر المسؤولية، ويجدُّ في الدعوة الفردية، فيسلم على يديه صفوة من خيار الصحابة: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد الله؛ رضي الله عنهم فكانوا نعم الأعمدة الشامخة لدعوة الله، ونصرة الإسلام؛ فأبو بكر الصديق - رضي الله عنه - كان قوي الهمة والإرادة، وكان يقول عن نفسه: «والله ما نمت فحلمت، ولا سهوت فغفلت، وإنني على الطريق ما زغت»، هذه الكلمات تعبر عن مدى تغلغل مفهوم الإخلاص والمثابرة في نفس أبي بكر]؛ فالعمر قصير والهدف سام، ولا وقت للهزل، فمن جد وجد.

الجدّية صفة لازمة للشباب

        الجدية صفة أساسية وخلق لازم للشباب؛ حيث تطبع بصماتها على جُل مواقفهم وأحوالهم، ونلمس هذا المعنى من ذلك النداء الرباني في قوله -تعالى-: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (مريم: 12)، يقول الإمام ابن كثير: تعلم الكتاب بقوة، أي بجد وحرص واجتهاد، {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (مريم: 12) أي الفهم والعلم، والجد والعزم، والإقبال على الخير والانكباب عليه، والاجتهاد فيه، وهو صغير حدث.

خطر الهزل على الشباب

        عدم الجدية يؤدي إلى الوقوع في المعصية والنفاق والعياذ بالله، فسبب المعصية الأولى هو النسيان وقلة العزم والجدية، وهذا يتقاسمه كل بني البشر، وهي المنافذ الأولى التي يخترقها الشيطان من الإنسان، {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (طه: 115)؛ لذا كان الرسل ودعواتهم على مستوى من الجدية بقدر ما يمنع عنهم الخطأ ويحقق العصمة، وتفاوت بعضهم في العزم حتى تميّزوا بـ»أولوا العزم من الرسل»، ولو تأملنا آيات القرآن الكريم ونظرنا إلى أهم صفات المنافقين، وأول ملحظ تلحظه هو انعدام الجدية من حياة هؤلاء، قال -تعالى- {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (التوبة: 65)، وكذا عند معرض وصفه لعبادتهم: قال -تعالى- {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء: 142).

احذر هذه العوائق!

        قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الواجب على الشباب في كلِّ حين الحذر من العوائق التي تعوق الإنسان في سيره إلى الله وبلوغه رضوانه، وهي عوائق ثلاثة خطيرة: الشرك بالله، والبدعة في الدين، والمعاصي بأنواعها. أما عائق الشرك فإن التخلص منه يتم بإخلاص التوحيد لله وإفراده -جلّ وعلا- بالعبادة، وأمَّا عائق البدعة فيتم التخلص منه بلزوم السنة والاقتداء بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما عائق المعصية فيتم التخلص منها بمجانبتها وبالتوبة النصوح منها عند الوقوع فيها.

الجدية أمر لازم لإنجاز المهام

        إن الجدية أمر لازم لإنجاز المهام وتحقيق الأهداف، وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من العجز والكسل فقال: أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من عذاب القبر»، وإن النوم والترف والكسل أحد الأسباب التي أقعدت الأمة، وأخرتها عن ركب الأمم مع أن مكانها صدارة الأمم وريادتها، وهكذا كانت، والمطلوب أن نزكي هذه القيمة ونعلي منها لتزداد تعمقاً وتجذراً في نفوسنا.

التسويف معول هدم للجدية

        ينبغي أن يكون الشاب حذرًا من الأمور التي تقضي على الجدية في حياته، ومن أهمها التسويف، فكلما جاء طارق الخير صرفه: لعل، وعسى، وكلما جاءك خاطرك خير جاء لك الشيطان ببواب: لعل، وعسى، بعدين، سوف، لعل، فرصة قادمة، وهكذا لا يزال يثبطك حتى تترك العمل، والإنسان إذا أراد أن يقاوم التسويف: يعلم أن الفرصة التي تأتي الآن ربما لا تأتي بعد ذلك.  

الترويح عن النفس لا ينافي الجدية

       الجدية لا تعني ألا يكون هناك أوقات للترويح عن النفس؛ لأن النفوس إذا كلت عميت؛ ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعقيبًا على السماح للسيدة عائشة -رضي الله عنها- بالنظر إلى ألعاب الحبشة-: «ليعلم يهود أن في ديننا فسحة». وكان العلماء من السلف يذكرون الملح والطرائف في أثناء دروس العلم حتى لا يمل طالب العلم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمزح ولا يقول إلا حقا، وكان إذا أعجبه شيء تبسم.

تساهل الشباب في مصاحبة أصدقاء السوء

        يتساهل بعض الشباب في مصاحبة أصدقاء لا دين لهم ولا أخلاق، فيترتَّب على ذلك كثير مِن المفاسد؛ فالصديق السُّوء له أثرٌ سيِّئ على صاحبه، وإن مجالسة الأصدقاء الصالحين ومرافقتَهم خيرُ وسيلةٍ للاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم؛ فللأصدقاء تأثيرٌ كبير على مَن في سنِّهم؛ فالصديق الصالح له أثر طيب على صاحبه؛ من أجل ذلك حثنا نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - على حسن اختيار الصديق.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك