
دروس وعبر من زيارتي لمسجد الغانم والخرافي
كتبت: لطيفة الغريب
من توفيق الله أن يسر لنا الأسباب وفتح لنا الأبواب وذلل لنا الصعاب لإلقاء الدروس والمحاضرات بالمساجد وسائر الأماكن بهذه البلدة الطيبة، وهذا من فضل الله علينا وعلى الناس، فنحمد الله ونشكره على ما حبانا من نعم، وما أسدى لنا من معروف. رحلة إيمانية مليئة بالدروس والعِبر قضيتها قرابة الساعتين في مسجد الغانم والخرافي.
يسر الله لي إلقاء دورة علمية بالمسجد وهي (شرح رسالة مقاصد الصوم للإمام العز بن عبدالسلام) في الساعة الثانية ظهراً من يوم الاثنين ٣ رمضان ١٤٤٦ الموافق ٣ / ٣ / ٢٠٢٥ كانت رحلة مليئة بالدروس والعبر فأحببت أن أشارككم لننتفع:- رأيت إقبال النساء على الحلقات العلمية وشروح الكتب وهذا شيء يثلج الصدر، ويطمئن القلب بأن الأصيل لابديل له، وأن محاضن العلم المؤصل والممنهج هو المعتمَد والمُعَوّل عليه وليس الاقتصار على الدروس الوعظية، بل لابد من سبر أغوار الكتب، وأخذ العلم من مظانّه.
رمضان وبركة الوقت
- من الدروس والعبر بركة الوقت التي وجدتها في رمضان، على الرغم من التأخير الذي حصل بتجهيز المكان والعرض وغير ذلك من الأمور الخارجة عن إرادتي ومع تكرار نظري في الساعة خشية فوات وقت الدرس إلا أننا قد استطعنا -بفضل الله- من شرح مقدمة الكتاب والفصل الأول وجزء من الفصل الثاني، وما هذا إلا ببركة الزمان (شهر رمضان) وبركة المكان (بيت من بيوت الله).
صلاة الجنازة
صلينا العصر جماعة، وصلينا بعدها على ثلاثة من الجنائز كلهن (نساء) أثّر بالحضور كلمة الإمام بقوله: صلاة الجنازة يرحمكم الله، الصلاة على(ثلاثة نساء) اختصرت هذه الكلمة شريط الحياة، ولمح أمامي طيف السنوات التي مرت وجرت بسرعة مخيفة، مما جعلني أقول: ماذا لو كنت مكان إحدى هذه الجنائز؟! ماذا لو انقطع عملي، وحضر أجلي هل أنا مستعدة لهذه اللحظة؟! سؤال مستحق، وينبغي أن يسأل كل واحدٍ منا نفسه، ألا فأعدوا للسؤال جوابا، وأعدوا للجواب صوابا.الموت دروس وعبر
- توجد شاشة بمصلى النساء تظهر فيها الجنائز وهي موضوعة على الأرض، حدثتني نفسي: ألم يكونوا بالأمس على سرر مرفوعة والآن موسدين على الأرض؟!
- من الدروس بالمسجد رأيت أناسا يستقبلون العزاء وكلمات (عظم الله أجركم) تملأ المكان فتذكرت أن الحياة لا تصفو من الأكدار، وأن الفراق لابد منه، وأن الأحباب إذا غابوا لن يعودوا فحسبنا أن نصفّي قلوبنا ونحسن إلى بعضنا، ونصل أحبابنا، ونستثمر كل دقيقة معهم، فلعل رحى المَنون تدور، ولعل الأجل يقترب، ولعل قائل يقول: (فلانة توفيت) تلك اللحظة لن تنفع الحسرات ولا الزفرات فأصلحوا ذات بينكم، وطهروا قلوبكم، وصلوا أحبابكم، ولا تنسوا الفضل بينكم.
أم صديقتي
- من الدروس: ذهبت لأعزي بعض الأخوات المكلومات بفقد حبيبتهم -رحمها الله- بالسطر الأول من الصفوف وإذا بصوت مخنوق يناديني (لطيفة: أمي أمي)
طلب العلم ومحاضن القرآن
عند انصرافي من المسجد متجهة لبوابة الخروج فإذا بأختين أرى على وجوههن أثر البكاء، كان الناس يعزّونهم بفقيدتهم، جئن يسلمن علي، ثم قالت إحداهن: نحن من الحاضرات لدروسكِ، ووالله لولا العلم وسماع الدروس لما ثبتنا هذه اللحظة. رسالتها عميقة، وكلماتها دقيقة تؤكد أن للعلم أثرا كبيرا في ثبات العبد، وأن للنصوص بركة على القلب، خصوصاً في أصعب الأوقات وأحلك الظروف. فاحرصوا يا رعاكم الله على غشيان حلق العلم، والانكباب في محاضن القرآن والسنة.وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
وبالعلم تصح القلوب وتقوى
فنسأل الله الثبات على الإسلام، وحسن الخِتام.
لاتوجد تعليقات