
خَطَرُ الإِشَاعَاتِ فِي هَدْمِ الْمُجْتَمَعَاتِ
إِنَّ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الكَلِمَةَ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا شَأْنُهَا عَظِيمٌ، وَخَطَرُهَا جَسِيمٌ، فَرُبَّ كَلِمَةٍ تَهْدِيهِ أَحْسَنَ المَسَالِكِ، وَرُبَّ كَلِمَةٍ تُورِدُهُ شَرَّ المَهَالِكِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» (رَوَاهُ البُخَارِيُّ)، فَمَنْ أَرَادَ النَّجَاةَ وَالسَّلَامَةَ، فَلْيَكُفَّ عَلَيْهِ لِسَانَهُ، إِلَّا مِنْ خَيْرٍ يُعْلِي شَأْنَهُ؛ فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: «امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ).
مِنَ الأَمْرَاضِ الْخَطِيرَةِ
إِنَّ مِنَ الأَمْرَاضِ الْخَطِيرَةِ الَّتِي ابْتُلِيَتْ بِهَا بَعْضُ الْمُجْتَمَعَاتِ: بَثَّ الأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ وَالْمُغْرِضَةِ عَبْرَ وَسَائِلِ الِاتِّصَالِ الْمُتْعَدِّدَةِ وَالْمُتَنَوِّعَةِ؛ تِلْكَ الْوَسَائِلُ الَّتِي جَعَلَتِ الْخَبَرَ الْكَاذِبَ أَوْسَعَ انْتِشَارًا، وَأَكْبَرَ ضَرَرًا، وَأَعْظَمَ إِثْماً؛ إِذْ إِنَّ هَذَا الْكَذِبَ السَّافِرَ الَّذِي يَتَرَدَّدُ صَدَاهُ، وَالَّذِي يُقَرِّرُهُ أَرْبَابُهُ وَكَأَنَّهُ حَقِيقَةٌ لَا تَقْبَلُ الشَّكَّ، يَكُونُ سَبَباً فِي إِثَارَةِ الْفِتَنِ وَزَرْعِ الشِّقَاقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالِاسْتِطَالَةِ فِي أَعْرَاضِ الْمُؤْمِنِينَ حِينَمَا يَقُومُ أَصْحَابُ النُّفُوسِ الضَّعِيفَةِ، وَالأَقْلَامِ الْمَأْجُورَةِ؛ بِقَلْبِ الْحَقِّ إِلَى بَاطِلٍ، أَوْ إِشَاعَةِ أَخْبَارٍ كَاذِبَةٍ تُزَعْزِعُ الأَمْنَ وَتَلْبِسُ عَلَى النَّاسِ الْحَقَائِقَ. وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ --سُبْحَانَهُ- وَتَعَالَى- أَنَّ نَشْرَ الإِشَاعَةِ وَالْكَذِبِ هُوَ دَأْبُ الْكَافِرِينَ وَالْكَذَّابِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْمُجْرِمِينَ، فَهَذَا فِرْعَوْنُ أَشَاعَ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ سَاحِرٌ عَلِيمٌ، كَمَا قَالَ الْمَوْلَى -سُبْحَانَهُ- عَنْ فِرْعَوْنَ: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} (الشعراء:34-35)، وَلَمْ يَسْلَمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ تِلْكَ الإِشَاعَاتِ الْكَاذِبَةِ الَّتِي كَانَ يُطْلِقُهَا الْكَافِرُونَ وَالْمُنَافِقُونَ، كَمَا أُشِيعَ قَتْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَأَشَاعَ الْمُنَافِقُونَ إِفْكَهُمْ عَلَى زَوْجِهِ الْطَّاهِرَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حِينَمَا قَالُوا عَنْهَا مَا قَالُوا فِي حَادِثَةِ الإِفْكِ، وَاتَّهَمُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي عِرْضِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ النُّورِ تُتْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي تَبْرِئَةِ أُمِّنَا الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ الْمُبَرَّأَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا.
مُقَاوَمَةَ الإِشَاعَةِ وَدَفْعَهَا
إِنَّ مُقَاوَمَةَ الإِشَاعَةِ وَدَفْعَهَا وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ، وَسُلُوكٌ أَخْلَاقِيٌّ، وَلَا يُعْذَرُ الْمُسْلِمُ إِذَا سَاهَمَ فِي نَشْرِهَا؛ لِأَنَّ الإِشَاعَةَ فِي أَغْلَبِ صُوَرِهَا كَذِبٌ مَحْضٌ، وَهِيَ آفَةٌ إِذَا انْتَشَرَتْ فِي مُجْتَمَعٍ مَا: قَوَّضَتْ أَرْكَانَ سَلَامَتِهِ، وَهَدَمَتْ أَسَاسَ اسْتِقْرَارِهِ، وَبَدَّلَتِ اطْمِئْنَانَ أَفْرَادِهِ قَلَقاً، وَسَعَادَتَهُمْ شَقَاءً؛ وَلِهَذَا أَرْشَدَنَا الْمَوْلَى -سُبْحَانَهُ- إِلَى السَّبِيلِ وَالطَّرِيقِ إِلَى وَأْدِ الإِشَاعَةِ فِي مَهْدِهَا؛ حَتَّى لَا يَكُونَ الْمُسْلِمُ أَحَدَ مُرَوِّجِيهَا، فَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ -سُبْحَانَهُ- إِذَا سَمِعَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ إِشَاعَةً مَا: أَنْ يُحْسِنَ الظَّنَّ بِمَنْ أُشِيعَ عَنْهُ الْخَبَرُ، وَأَنْ يَطْلُبَ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ، قَالَ -سُبْحَانَهُ-: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} (النور:12)، وَأَنْ يَحْذَرَ كَذَلِكَ مِنْ تَدَاوُلِ الْخَبَرِ، كَمَا أَمَرَنَا اللهُ -سُبْحَانَهُ- حِينَمَا قَالَ: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} (النور:16) وَقَدْ أَمَرَنَا الْمَوْلَى جَلَّ شَأْنُهُ بِالتَّثَبُّتِ وَالتَّبَيُّنِ قَبْلَ أَنْ نُصْدِرَ أَحْكَامَنَا وَنَتَكَلَّمَ بِمَا سَمِعْنَا، فَقَدْ يَكُونُ النَّاقِلُ كَاذِباً، قَالَ -سُبْحَانَهُ-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات:6).
نَقْل الأَحَادِيثِ الكَاذِبَةِ
إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْتَهِينُ بِنَقْلِ الأَحَادِيثِ الكَاذِبَةِ، وَالإِشَاعَاتِ الْبَاطِلَةِ، وَالْقَصَصِ الضَّعِيفَةِ، وَالأَخْبَارِ الْمُرْسَلَةِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَلَا تَثَبُّتٍ، فَيُرَوِّجُونَ لِلْبَاطِلِ وَالْكَذِبِ مِنْ حَيْثُ يَشْعُرُونَ أَوْ لَا يَشْعُرُونَ، وَمَا دَرَوْا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الأَبَاطِيلِ وَالأَضَالِيلِ تَنْتَشِرُ انْتِشَارَ الضَّوْءِ فِي الآفَاقِ بِضَغْطَةِ زِرٍّ أَوْ لَمْسَةِ إِصْبَعٍ، وَقَدْ تَوَعَّدَ الشَّرْعُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْعِقَابِ الأَلِيمِ؛ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ -رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا... إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى -ثُمَّ أُخْبِـرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي آخِرِ الْحَدِيثِ- وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ».
وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ
إِنَّ مِمَّا يَزِيدُ أَمْرَ الأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ وَالإِشَاعَاتِ الْبَاطِلَةِ خُطُورَةً: مَا يُعْرَفُ بِوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَبَرَامِجِهَا؛ وَهِيَ سِلَاحٌ ذُو حَدَّيْنِ، إِنَّمَا تَكُونُ مَنَافِعُهَا وَمَضَارُّهَا بِحَسَبِ اسْتَخْدَامِهَا، فَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ اسْتَخْدَمَهَا فَأَحْسَنَ اسْتِخْدَامَهَا فِي نَشْرِ الْخَيْرِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى الْحَقِّ! وَفِي الْمُقَابِلِ فَقَدِ اسْتَخْدَمَهَا آخَرُونَ فَأَسَاءُوا اسْتِخْدَامَهَا؛ إِذْ جَعَلُوهَا مَطِيَّةً لِنَشْرِ الرَّذَائِلِ، وَحِرَاباً فِي وَجْهِ الْفَضَائِلِ، وَوَسِيلَةً لِبَثِّ الأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ، وَنَقْلِ الْمَعْلُومَاتِ الْخَاطِئَةِ، كَمَا اسْتَخْدَمُوهَا لِلتَّرْوِيجِ لِلْبَاطِلِ وَالشَّرِّ وَالْفَسَادِ!.
تفريق المُجْتَمَعَاتِ
فَاحْذَرُوا غَايَةَ الحَذَرِ -عِبَادَ اللهِ- مِمَّا يُفَرِّقُ المُجْتَمَعَاتِ، وَيُورِثُ البَغْضَاءَ وَالْخِلَافَاتِ، وَخُصُوصًا بَيْنَ الرَّاعِي وَالرَّعِيَّةِ: كَالطَّعْنِ فِي الْوُلَاةِ وَذِكْرِهِمْ بِسُوءٍ فِي الْمَجَالِسِ وَالْمَحَافِلِ وَالِاجْتِمَاعَاتِ، وَنَشْرِ الدَّعَاوَى الْمُغْرِضَةِ وَالشَّائِعَاتِ الكَاذِبَةِ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ حُصُولِ الْفَوْضَى وَذَهَابِ الأَمْنِ وَالْأَمَانِ.
شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ
إنَّ هَذَا الشَّهْرَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَهُوَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، أَحَدُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ، يُسْتَحَبُّ الإِكْثَارُ فِيهِ مِنَ الصِّيَامِ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ».
يَوْمٌ لَهُ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ
وَفِيهِ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَهُوَ اليَوْمُ العَاشِرُ مِنْ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ، وهُوَ يَوْمٌ لَهُ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ وَحُرْمَةٌ قَدِيمَةٌ، قَدْ صَامَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَوْمُهُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَصَامَهُ نَبِيُّـنَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ الْمدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟»، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.
أَجْرَ صِيَامِهِ
وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْرَ صِيَامِهِ، وَمَا يُكَفِّرُهُ مِنَ الذُّنُوبِ؛ فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ». وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: «مَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَامَ يَوْمًا يَطْلُبُ فَضْلَهُ عَلَى الْأَيَّامِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ، وَلَا شَهْرًا إِلَّا هَذَا الشَّهْرَ» يَعْنِي رَمَضَانَ (رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ).
مخالفة أَهْلَ الْكِتَابِ
كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَصُومَهُ مُفْرَدًا، بَلْ يَضُمَّ إِلَيْهِ يَوْمًا آخَرَ، مُخَالِفًا بِذَلِكَ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي صِيَامِهِ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَقُولُ: «حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ المُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا اليَوْمَ التَّاسِعَ»، قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ المُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -»، فَاجْتَهِدُوا -عِبَادَ اللهِ- فِي طَاعَةِ رَبِّكُمْ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِمَا شَرَعَهُ لَكُمْ، وَاسْتَغِلُّوا مَوَاسِمَ الْقُرُبَاتِ؛ تَحُوزُوا الأَجْرَ وَالثَّوَابَ وَالْبَرَكَاتِ.
لاتوجد تعليقات