
خواطر الكلمة الطيبة .. توقير المرأة لزوجها
- من عِظَمِ حقِّ الزوج أن طاعته مقرونة بحق الله تعالى
- اهتم الإسلام اهتمامًا عظيمًا بصلاح البيوت لأن الأسرة هي الدِّعامة الأساسية في صرح الأمة
من ينظر في سيرة الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، يجد بأن قضية تعليم الأمة وتوجيهها لا يأتي من الرجال فقط؛ بل يأتي كذلك من النساء؛ فقد كانت نساء الصحابة والتابعين يقدمون خلاصات عملية؛ حتى تفهم الأمة أهمية تطبيق هذه الآداب والأخلاق التي دعا إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وامتثلها هذا الجيل العظيم في تلك القرون المباركة، فعظم الله شأن هذه القرون وجعل لها مكانة؛ بسبب تطبيقها لهذا الشرع الحكيم ولهذه الآداب التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم -.
إن تعلم الآداب والأخلاق أمر مهم، وتعليم الآخرين هذه الآداب والأخلاق أيضا أمر مهم، وأقصد بالآخرين أولا هم أهل بيتك: زوجك وأبناؤك، تعليمهم الآداب التي غفل عنها كثير من الناس، فيعلم أهل بيته، ويطبقون ما تعلموه داخل البيت مع بعضهم بعضا.
العقيدة آداب وأخلاق
العقيدة آداب وأخلاق، واتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - سلوك، والصلاة والعبادات حقوق ومعاملات، تعاملك مع نفسك آداب وأخلاق ومع الآخرين أيضا آداب وأخلاق؛ لذلك قال الله -عز وجل-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، بالأخلاق الكريمة وبهذا التشريع العظيم، ومن هذه الأشياء ما قالته زوجة سعيد بن المسيب -رحمه الله- تُعلّم بنات جيلها وانتقلت هذه الكلمة من ذلك الجيل في القرن الثاني إلى أن وصل إلى يومنا هذا في القرن الخامس عشر الهجري، قالت: «وكنا نتكلم مع أزواجنا كما يتكلم الرجال مع ملوكهم».
جواز تعظيم المرأة لزوجها
الإمام النووي -رحمة الله عليه- يقف عند إسناد حديث رواه الإمام مسلم عن أم الدرداء تقول حدثني سيدي (تقصد زوجها) أبو الدرداء أنه سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بمثله»، فيقف الإمام النووي على كلمة أم الدرداء حدثني سيدي قال: وفيه جواز تعظيم المرأة لزوجها وتوقيره ظاهرًا وباطنًا، فهذا الجيل وهو جيل الصحابة ومن بعده كان يعظم الرجل ويعطيه قدره.
مستوى راقٍ من الأخلاق
فنحن اليوم نقف على ما وصلت إليه أم الدرداء وزوجة سعيد بن المسيب لهذا المستوى، ولكن اليوم نرى ما خرَّج لنا هذا الجيل الحالي؛ حتى اضطرت الحكومات أن تفتح محاكم للأسرة تترك للمرأة التعبير كيفما شاءت لا الرجال، ولا تقولوا إني قاسٍ على المرأة! لا والله، ولكن بسبب المرأة اليوم فتحنا هذه المحاكم؛ لأن المرأة الآن صارت تطرق الأبواب المفتحة للمحامين، ثق تماما أنَّ 90% من الرجال لا يذهبون للمحامين، بل النساء هم من يذهبن للمحامين ويفصلن على مزاجهن، ويستصدرن أحكاما من القاضي بقدر ما يستطعن، حتى حدثت مشكلات كثيرة للرجال، فما عادوا يستطيعون الزواج بثانية، فالقضية قضية سلوك وأخلاق هذا الجيل وهذه المشكلات والقضايا {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} مطلوب منا أن تعرف الزوجة قيمة الزوج! ونذكرها بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو كان ذلك لكان على المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها».
شرع الله القوامة للرجال وعظم شأن الزوج، وعلم المرأة حقه، وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه وأمهات المؤمنين، وعلم الصحابة كيف يتعامل معهم نساؤهم حتى قال في حاشية الأحناف: «ويكره أن تسمى المرأة زوجها باسمه بل تضع له تعظيما كسيدي ومولاي»، فهذا شرع ودين وآداب وأخلاق، وفي المقابل الله -عز وجل- خاطب الرجال فقال لهم: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وقال -تعالى-: {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} أي: أيها الرجل لا تظلم فالله -عز وجل- علي كبير، فالله جعل لك حقوقا وللمرأة حقوقا، وعليكما واجبات، وعظم الله شأن الزوج؛ لما يقع عليه من مسؤوليات، وعلى المرأة أن تتعامل مع الزوج بما أمر الله ورسوله.
الأسرة ومقومات البيت المسلم
اهتم الإسلام اهتمامًا عظيمًا بصلاح البيوت؛ لأن الأسرة هي الدِّعامة الأساسية في صرح الأمة، واللبنة الأولى في تكوين المجتمع؛ فعلى قدر ما تكون اللبنة قويةً يكون البناء راسخًا منيعًا، وكلما كانت ضعيفة كان البناء واهيًا، آيلاً للانهيار والتصدع؛ فالبيت المسلم هو المدرسة الأولى التي يتخرج فيها الأعضاءُ الفاعلون في المجتمع، وموقع الأسرة من المجتمع كموقع القلب من الجسد؛ فصلاح المجتمع بصلاح الأسرة، وفساده بفسادها.
إنّ الأسرة في الإسلام بناءٌ متين الأساس، مترابط الأركان، أصله ثابت، وفرعه في السماء، يؤسس هذا البناء على تقوى من الله، واتباع لشريعته -سبحانه-، بالزواج الشرعي الذي هو الطريقة السوية المشروعة لتكوين الأسرة، تلك الطريقة التي تليق بكرامة الإنسان، وتتوافق مع فطرته السليمة.
وقد وضع الشرع أسسًا ومعايير يبنى عليها اختيار الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها، قال الله -تعالى-: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور: 32)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ»، «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»، وجاء رجل إلى الحسن بن علي يسأله قائلًا: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله؛ فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، وباجتماع الزوج الصالح والزوجة الصالحة، يُبنى البيتُ الصالح بإذن الله -تعالى-، فإذا تم الزواج.. فلتكن الحياة قائمة على السكينة والمودة والرحمة، فلهذا شرع الزواج، قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).
لاتوجد تعليقات