رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 30 سبتمبر، 2024 0 تعليق

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – تَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ أَمَانَةٌ وَمَسْؤُولِيَّةٌ

  • تَرْبِيَةُ الْبَنَاتِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ لَهُ فَضْلٌ عَظِيمٌ وَجَزَاءٌ كَرِيمٌ
  • إِنَّ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ بِتَأْدِيبِهِمْ وَتَعْلِيمِهِمْ وَتَرْغِيبِهِمْ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَالِابْتِعَادِ عَنْ نَهْيِهِ وِقَايَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
  • مِنْ تَمَامِ النَّعِيمِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّ اللَّهَ يُلْحِقُ بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِيمَانٍ
 

حثت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على الاهتمام بتربية الأولاد وتنشئتهم التنشئة الإسلامية الصحيحة، ومما جاء فيها: فَاتَّقُوا اللَّهَ -عِبَادَ اللَّهِ- وَاشْكُرُوا نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ بِمَا وَهَبَكُمْ مِنَ الذُّرِّيَّةِ وَالْأَوْلَادِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}(النحل:72)، وَمِنْ شُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ فِي الْأَوْلَادِ: أَنْ تَقُومُوا بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ رِعَايَتِهِمْ وَتَأْدِيبِهِمْ بِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْكُمْ فِي هَذِهِ التَّرْبِيَةِ؛ قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}(الأنفال:27-28) فَاللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -أَمَرَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُؤَدُّوا مَا ائْتَمَنَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمِنْ هَذِهِ الْأَمَانَاتِ: أَمَانَةُ الْأَوْلَادِ، فَمَنْ أَدَّى هَذِهِ الْأَمَانَةَ اسْتَحَقَّ مِنَ اللَّهِ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ، وَمَنْ لَمْ يُؤَدِّهَا بَلْ خَانَهَا اسْتَحَقَّ الْعِقَابَ، وَاتَّصَفَ بِأَقْبَحِ الصِّفَاتِ وَهِيَ صِفَةُ الْخِيَانَةِ.

 

الأولاد فتنة

        إِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادَ قَدْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ فِتْنَةً لَكُمْ، فَإِمَّا قُرَّةُ عَيْنٍ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِمَّا حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا الْمَوْلَى - جَلَّ وَعَلَا - أَنَّ الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْعَبْدُ، مِمَّا يُوجِبُ شَرْعًا عَلَى الْوَالِدَيْنِ أَدَاءَ هَذِهِ الْأَمَانَةِ بِتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ عَلَى هَدْيِ الْإِسْلَامِ، وَتَعْلِيمِهِمْ مَا يَلْزَمُهُمْ فِي أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَأَوَّلُ وَاجِبٍ: غَرْسُ عَقِيدَةِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَتَعْمِيقُ التَّوْحِيدِ الْخَاصِّ فِي نُفُوسِهِمْ، حَتَّى يُخَالِطَ بَشَاشَةَ قُلُوبِهِمْ، وَإِشَاعَةُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فِي نُفُوسِهِمْ، فَهَذِهِ هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْإِنْسَانَ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِهَذِهِ الْحَيَاةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ...» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)، وَمِنْ هَذِهِ التَّرْبِيَةِ الْمُبَارَكَةِ: تَعَاهَدُهُمْ بِصَقْلِ مَوَاهِبِهِمْ، وَتَنْمِيَةِ غَرَائِزِهِمْ بِفَضَائِلِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْآدَابِ، وَحِفْظُهُمْ عَنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ وَأَخْلَاطِ الرَّدَى.

التَّرْبِيَةُ مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَخْلَاقِ الْأَصْفِيَاءِ

         إِنَّ هَذِهِ التَّرْبِيَةَ مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَخْلَاقِ الْأَصْفِيَاءِ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَقَدْ أَرْشَدَنَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ إِلَى نَمُوذَجٍ عَظِيمٍ لِهَذِهِ التَّرْبِيَةِ الْمُبَارَكَةِ، وَهِيَ وَصِيَّةُ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: فَفِيهَا ذِكْرُ أَعْظَمِ الْحُقُوقِ وَأَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ، فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُرَبٍّ وَمُؤَدِّبٍ أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا وَيَمْتَثِلَ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ النَّافِعَةَ: فَفِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ: التَّحْذِيرُ مِنَ الشِّرْكِ {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان:13). وَفِيهَا الْوَصِيَّةُ بِحَقِّ الْوَالِدَيْنِ الْعَظِيمِ؛ {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}(لقمان:14) وَغَيْرُهَا مِنَ الْوَصَايَا النَّافِعَةِ الْمُبَارَكَةِ.

أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْأَوْلَادُ الصَّلَاةَ

        إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ وَأَجَلِّ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْأَوْلَادُ، وَيُنَشَّؤُونَ عَلَيْهِ: الصَّلَاةَ، وَقَدِ امْتَدَحَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمُلَازَمَةِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ وَتَعَاهُدِهِمْ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ -تَعَالَى-: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}(مريم:54-55) فَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُقِيمًا لِأَمْرِ اللَّهِ عَلَى أَهْلِهِ، وَهُمُ: الْأَزْوَاجُ وَالْأَوْلَادُ، فَيَأْمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْإِخْلَاصِ لِلْمَعْبُودِ، وَبِالزَّكَاةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْإِحْسَانِ إِلَى الْعَبِيدِ، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلَا-: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}(طه:132) فَأَمَرَ اللَّهُ بِحَثِّ الْأَهْلِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ أَمْرٌ بِجَمِيعِ مَا لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ، فَيَكُونُ أَمْرًا بِتَعْلِيمِهِمْ مَا يُصْلِحُ الصَّلَاةَ وَمَا يُفْسِدُهَا وَمَا يُكَمِّلُهَا؛ فَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ).

مَسْؤُولِيَّةُ تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ مَسْؤُولِيَّةٌ عَظِيمَةٌ

        إِنَّ مَسْؤُولِيَّةَ تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ مَسْؤُولِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَتَزْدَادُ أَهَمِّيَّةُ هَذِهِ التَّرْبِيَةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ، مَعَ كَثْرَةِ الْفِتَنِ وَالشَّهَوَاتِ وَاسْتِهْدَافِ الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ فِي أَخْلَاقِهَا الْفَاضِلَةِ وَثَوَابِتِ عَقِيدَتِهَا، فَيَجِبُ عَلَيْنَا الْقِيَامُ بِالْوَسَائِلِ الَّتِي تُحَافِظُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ، وَأَنْجَعُ سِلَاحٍ فِي مُوَاجَهَةِ مِثْلِ هَذِهِ الْفِتَنِ: هُوَ تَرْبِيَةُ النَّشْءِ الْمُسْلِمِ التَّرْبِيَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ الصَّحِيحَةَ، وَغَرْسُ الْقِيَمِ وَالْمَبَادِئِ الْمُعِينَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا...» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

الْقِيَامُ بِحُقُوقِ الْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ

        إِنَّ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ، بِتَأْدِيبِهِمْ وَتَعْلِيمِهِمْ وَتَرْغِيبِهِمْ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَالِابْتِعَادِ عَنْ نَهْيِهِ- وِقَايَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَا يَسْلَمُ الْعَبْدُ إِلَّا إِذَا قَامَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي نَفْسِهِ، وَفِيمَنْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ؛ قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(التحريم:6) قَالَ عَلِيٌّ - رضي الله عنه -: (عَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ )، وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ النَّارَ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ؛ لِيَزْجُرَ عِبَادَهُ مِنَ التَّهَاوُنِ فِي أَمْرِهِ، وَمَنْ فَرَّطَ فِي تَرْبِيَةِ أَوْلَادِهِ كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي عَدَوَاتِهِمْ لَهُ؛ قَالَ -تَعَالَى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}(التغابن:14).

صَلَاحُ الْأَهْلِ وَالذَّرِّيَّةِ

        إِنَّ صَلَاحَ الْأَهْلِ وَالذَّرِّيَّةِ مِمَّا يَطْمَحُ بِمُرَادِهِ عِبَادُ اللَّهِ الصَّالِحُونَ؛ كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}(الفرقان:74) قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: «الرَّجُلُ يَرَى زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ مُطِيعِينَ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَيُّ شَيْءٍ أَقَرُّ لِعَيْنِهِ مِنْ أَنْ يَرَى زَوْجَتَهُ وَأَهْلَهُ يُطِيعُونَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-»، فَمَنِ اجْتَهَدَ وَاسْتَثْمَرَ فِي تَرْبِيَةِ أَوْلَادِهِ نَالَ بِذَلِكَ الْخَيْرَ وَالثَّوَابَ الْجَزِيلَ، وَهَذَا مِنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا الْوَالِدَانِ إِلَى رَبِّهِمْ، وَيَسْتَمِرُّ ثَوَابُهَا كَاسْتِمْرَارِ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وَمِمَّا تُرْفَعُ بِهِ مَنَازِلُ الصَّالِحِينَ وَدَرَجَاتُ الْعِبَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اسْتِغْفَارُ أَوْلَادِهِمُ الصَّالِحِينَ لَهُمْ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» (رَوَاهُ ابْنْ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

مِنْ تَمَامِ النَّعِيمِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ

        وَمِنْ تَمَامِ النَّعِيمِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: أَنَّ اللَّهَ يُلْحِقُ بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِيمَانٍ، فَيُلْحِقُهُمُ اللَّهُ بِمَنَازِلِ آبَائِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوهَا؛ جَزَاءً لِآبَائِهِمْ، وَزِيَادَةً فِي ثَوَابِهِمْ؛ قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}(الطور:21).

تَرْبِيَةُ الْبَنَاتِ لهَا فَضْلٌ عَظِيمٌ

        وَقَدْ جَاءَ فِي تَرْبِيَةِ الْبَنَاتِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ فَضْلٌ عَظِيمٌ وَجَزَاءٌ كَرِيمٌ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، وَالْإِحْسَانُ يَكُونُ بِتَرْبِيَتِهِنَّ التَّرْبِيَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ، وَتَنْشِئَتِهِنَّ عَلَى الْحَقِّ، وَالْحِرْصِ عَلَى عِفَّتِهِنَّ وَبُعْدِهِنَّ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ مِنَ التَّبَرُّجِ وَغَيْرِهِ.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك