
خطبة وزارة الأوقاف – الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ وَصُـوَرُهُ
- مِنْ أَكْبَرِ وَسَائِلِ الْحَذَرِ مِنَ الشِّرْكِ كَبِيرِهِ وَصَغِيرِهِ وَجَلِيِّهِ وَخَفِيِّهِ: تَعَلُّمُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ
- لَمَّا كَانَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَأَبْغَضَهَا إِلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ سَدَّ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ جَمِيعَ الْأَبْوَابِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَيْهِ
- منْ أنواع الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ: الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَحَلِفِ الْإِنْسَانِ بِأَبِيهِ أَوْ بِأُمِّهِ أَوْ بِالْأَمَانَةِ أَوْ بِالنِّعْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع بتاريخ 11 من ذي القعدة 1446 هـ - الموافق 9 /5/2025م؛ بعنوان (الشِّرْكُ الْأَصْغَر وَصُوَرُهُ) حيث بينت الخطبة أن أَوْجَبَ الْوَاجِبَاتِ، وَأَعْظَمَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّاتِ: تَوْحِيدُ اللَّهِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ؛ إِذْ هُوَ أَوَّلُ أَمْرٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:21).
الغاية من خلق الخلق
توحيد الله -سبحانه- مِنْ أَجْلِهِ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ؛ قَالَ -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، وَفِي مُقَابِلِ ذَلِكَ فَأَعْظَمُ الذُّنُوبِ خَطَرًا، وَأَشَدُّهَا عَلَى الْإِنْسَانِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ إِفْسَادًا وَضَرَرًا: الشِّرْكُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، وَتَسْوِيَةُ الْمَخْلُوقِ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، ذَلِكُمُ الذَّنْبُ الَّذِي لَا يُغْفَرُ، وَالْخَطَأُ الَّذِي لَا يَرْضَى بِهِ اللَّهُ وَلَا يَقْبَلُ؛ قَالَ اللهُ -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:48)، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»؛ فَالشِّرْكُ إِخْلَالٌ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَتَنَقُّصٌ لِمَقَامِ الْأُلُوهِيَّةِ، وَسُوءُ ظَنٍّ بِرَبِّ الْبَرِيَّةِ؛ إِذْ حَقِيقَتُهُ: تَسْوِيَةُ النَّاقِصِ الْفَقِيرِ الذَّلِيلِ بِالْمَلِكِ الْغَنِيِّ الْجَلِيلِ.
الشرك بالله أعظم الذنوب
وَلَمَّا كَانَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ وَالْمُحَرَّمَاتِ، وَأَبْغَضَهَا إِلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، سَدَّ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ جَمِيعَ الْأَبْوَابِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَيْهِ، وَحَمَى حِمَاهُ مِنْ كُلِّ وَسِيلَةٍ تُوقِعُ فِيهِ، وَمِنْ ذَلِكَ: مَا سَمَّاهُ بِالشِّرْكِ الْأَصْغَرِ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ يُخَالِفُ الشِّرْكَ الْأَكْبَرَ فِي كَوْنِهِ لَا يُخْرِجُ الْإِنْسَانَ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُخَلَّدُ صَاحِبُهُ فِي النَّارِ، وَلَا يُحْبِطُ سَائِرَ الْأَعْمَالِ، إِلَّا أَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ السَّيِّئَاتِ وَالْآثَامِ، وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُورِدُ الْمَهَالِكَ الْعِظَامَ؛ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ» (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، فَإِذَا كَانَ الشِّرْكُ مَخُوفًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - مَعَ كَمَالِ عِلْمِهِمْ وَقُوَّةِ إِيمَانِهِمْ، فَكَيْفَ لَا يَخَافُهُ وَلَا يَهَابُ الْوُقُوعَ فِيهِ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ فِي الْعِلْمِ، وَأَقَلُّ مِنْهُمْ فِي الدِّيَانَةِ وَالْإِيمَانِ وَالْفَهْمِ؟!.
وَإِنَّمَا كَانَ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ مَخُوفًا عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ لِشِدَّةِ خَفَائِهِ وَكَثْرَةِ وُقُوعِ النَّاسِ فِيهِ؛ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: «الشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ».
الرياء
إِنَّ مِنْ أَكْثَرِ صُوَرِ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ انْتِشَارًا وَأَعْظَمِهَا تَفَشِّيًا: الرِّيَاءَ، يُزَيِّنُ الْإِنْسَانُ أَعْمَالَهُ مِنْ أَجْلِ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ قَالَ: قُلْنَا: بَلَى. فَقَالَ: الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَيُشْبِهُ ذَلِكَ: مَا لَوْ فَعَلَ الْإِنْسَانُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ بِقَصْدِ نَيْلِ حَظٍّ مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا؛ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: «إِنَّ أَقْبَحَ الرَّغْبَةِ أَنْ تَطْلُبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ »؛ فَاللَّهُ -تعالى- ذَمَّ فَاعِلَهُ فِي كِتَابِهِ، وَأَخْبَرَ بِحُبُوطِ عَمَلِهِ؛ فَقَالَ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (هود:15-16).
الحلف بغير الله -تعالى-
منْ صُوَرِ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ: الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ -تعالى-، كَحَلِفِ الْإِنْسَانِ بِأَبِيهِ أَوْ بِأُمِّهِ أَوْ بِالْأَمَانَةِ أَوْ بِالنِّعْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- رَجُلًا يَحْلِفُ: لَا وَالْكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ)، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ: أَنْ يُعَظِّمَ اللهَ -تعالى- فِي أَلْفَاظِهِ، وَيَتَجَنَّبَ مَا لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ اللهِ -تعالى- مِنَ الْعِبَارَاتِ وَالْكَلِمَات، وَمِنْ ذَلِكَ: قَوْلُ الْقَائِلِ: مَا شَاءَ الله وَشِئْتَ، وَقَوْلُهُ: لَوْلَا اللهُ وَفُلَانٌ. وَقَوْلُهُ: عَلَى اللَّهِ وَعَلَيْكَ، فَيَأْتِي بِالْوَاوِ الْمُوهِمَةِ لِتَسْوِيَةِ الْخَالِقِ الْكَبِيرِ بِالْعَبْدِ الْفَقِيرِ؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ. فَقَالَ: «جَعَلْتَنِي لِلَّهِ عَدْلًا، بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَإِنَّمَا يَأْتِي الْإِنْسَانُ بِـ(ثُمَّ)؛ لِمَا فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ» (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
نسبة النعم لغير الله -تعالى-
مِنْ صُوَرِ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ: نِسْبَةُ النِّعَمِ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ -تعالى-؛ إِذِ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الِاعْتِرَافُ بِفَضْلِ اللَّهِ وَإِنْعَامِهِ، وَالْقِيَامُ بِشُكْرِهِ عَلَى كَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَأَمَّا الْغَفْلَةُ عَنْ ذَلِكَ، وَنِسْبَةُ النِّعْمَةِ إِلَى غَيْرِ مُولِيهَا وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ؛ فَشِرْكٌ أَصْغَرُ، وَكُفْرٌ بِالنِّعْمَةِ؛ قَالَ -تعالى-: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} (النحل:83)، قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (إِضَافَةُ النِّعَمِ إِلَى غَيْرِ الْمُنْعِمِ بِهَا بِالْقَوْلِ، كُفْرٌ لِلْمُنْعِمِ فِي نِعَمِهِ، وَإِنْ كَانَ الِاعْتِقَادُ يُخَالِفُ ذَلِكَ).
عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ صُوَرِ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ الْمُنْتَشِرَةِ: تَعْلِيقُ التَّمَائِمِ وَالْقَلَائِدِ وَالْخَرَزَاتِ، يَظُنُّ صَاحِبُهَا أَنَّ بِهَا يَدْفَعُ الْحَسَدَ وَالشَّرَّ، وَيَحْتَرِزُ بِهَا مِنَ الْعَيْنِ وَالضُّرِّ؛ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ، فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا؟ قَالَ: «إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً»، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا، فَبَايَعَهُ، وَقَالَ: «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ» (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
التشاؤم
مِنَ الصُّوَرِ الْمُنْتَشِرَةِ لِلشِّرْكِ الْأَصْغَرِ: التَّشَاؤُمُ بِالْمَرْئِيَّاتِ أَوِ الْمَسْمُوعَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، تِلْكَ الْعَادَةُ الْجَاهِلِيَّةُ، وَالْوَسِيلَةُ الشَّيْطَانِيَّةُ لِتَخْوِيفِ بَنِي آدَمَ وَإِيذَائِهِمْ؛ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ» ثَلَاثًا (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، فَالتَّطَيُّرُ وَالتَّشَاؤُمُ مَذْمُومٌ، يُضْعِفُ تَوَكُّلَ الْمُسْلِمِ عَلَى رَبِّهِ، وَيُعَلِّقُ النَّفْعَ وَالضُّرَّ عَلَى أَسْبَابٍ مَوْهُومَةٍ لَا حَقِيقَةَ لَهَا؛ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
خطورة الشرك
إِنَّ خَطَرَ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ عَظِيمٌ، وَأَثَرَهُ عِنْدَ اللَّهِ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ؛ يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - فِي تَعْظِيمِ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ: «لَأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ وَأَنَا صَادِقٌ»، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ: أَنْ يَحْذَرَ مِنَ الشِّرْكِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ وَصُوَرِهِ، وَيَسْتَعِيذَ بِاللَّهِ -تعالى- مِنْ شَرِّهِ وَشُؤْمِ عَاقِبَتِهِ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم - يَسْتَعِيذُ مِنْهُ فِي دُعَائِهِ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ» (رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ)، وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ! لَلشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلِ الشِّرْكُ إِلَّا مَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؟» قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
الوقاية من الشرك
مِنْ أَكْبَرِ وَسَائِلِ الْحَذَرِ مِنَ الشِّرْكِ كَبِيرِهِ وَصَغِيرِهِ وَجَلِيِّهِ وَخَفِيِّهِ: تَعَلُّمُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَتَفْسِيرِهِ، وَمَعْرِفَةِ أَحَادِيثِ رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَأَخْذِ الْعِلْمِ عَنِ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ؛ فَالْعِلْمُ نُورٌ وَبَصِيرَةٌ، يَحْتَمِي بِهِ الْعَبْدُ مِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ، وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي».
فَلْنَحْرِصْ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ، وَلْنَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ وَشِرْعَتِهِ، وَلْنَحْذَرْ مِنَ الشِّرْكِ بِأَنْوَاعِهِ وَصُوَرِهِ، وَنَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنْ أَضْرَارِهِ وَخَطَرِهِ.
لاتوجد تعليقات