رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 5 ديسمبر، 2023 0 تعليق

خطبة الحرم المكي – نعمة الحكمة.. تعريفها وأنواعها وبعض آثارها

  • الحكمة هي وضعُ الأمورِ في مواضعها اللائقة بها وتكون بالعلم النافع والعمل الصالح ومعرفة مقاصد الشرائع
  • من الحكمة مُخاطَبةُ الناسِ بما تحتملُ عقولُهم ومراعاةُ تنوُّعِ مشاربهم
  • أسعد الناس بالحكمة من تعرف على سيرة سيد الأنبياء وتأسى بهديه واتبع سنته
  • من الحكمة التغافلُ عن أخطاء الناس وزلاتهم وذِكْر محاسنهم ومَواطِن الخيرِ فيهم
 

جاءت خطبة الحرم المكي بتاريخ 10 جمادي الأولى 1445هـ، الموافق 24 نوفمبر 2023م، بعنوان: (نعمة الحكمة: تعريفها وأنواعها وبعض آثارها)، للشيخ: ماهر المعيقلي؛ حيث أكد في بداية خطبته أن الحكمة سمةٌ مِنْ سماتِ الأنبياءِ والصّالحينَ، والعلماءِ العاملينَ، بعَث اللهُ بها رسلَه، وأقام عليها كونَه وشرعَه، وهي نعمةٌ عظيمةٌ، ذكَّر اللهُ بها عبادَه، قال -عز وجلَّ-: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ}(الْبَقَرَةِ: 231).

        ثم بين أن الحكمة هي وضعُ الأمورِ في مواضعها اللائقة بها، وتكون بالعلم النافع والعمل الصالح، ومعرفة مقاصد الشرائع، وهي تَسُودُ بصاحبها، وتكسوه ثوبَ الوقار، وتحفظه عمَّا يُورِث الخزيَ والعارَ، قال ابْن عُيَيْنَةَ: كان يقال: «إِنَّ أَفْضَلَ مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ فِي الدُّنْيَا الْحِكْمَةَ، وَفِي الآخِرَةِ الرَّحْمَةَ»، وأعظمُ الناسِ حكمةً، الأنبياءُ والرسلُ؛ لِمَا اختصَّهم اللهُ به مِنَ الفضلِ، في حمل الرسالة، وإبلاغ الدعوة، قال -جل جلاله عن نبينا صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}(النِّسَاءِ: 113)، فكان - صلى الله عليه وسلم- أعلمَ الناس، وأنفعَ الناس، وأحكمَ الناس، فسيرتُه العطرةُ، كلُّها عين الحكمة، {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}(الْجُمُعَةِ: 2). وفي الصحيحين قال - صلى الله عليه وسلم-: «فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ - عليه السلام -، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ»، فأسعد الناس بالحكمة من تعرف على سيرة سيد الأنبياء، وتأسى بهديه، واتبع سنته.

حكمة النبي - صلى الله عليه وسلم

       وقد تجلَّت حكمتُه - صلى الله عليه وسلم-، سواءً مع مَنِ استجاب لدعوته، أو مع مَنْ خالَفه ولم يؤمن به، ففي الصحيحين: لَمَّا عاد - صلى الله عليه وسلم- من غزوة بني المصطلق، اختصَم رجل من الأنصار مع رجلٍ من المهاجرين، فقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ»، فلمَّا وصَل الخبرُ لرأس المنافقين، عبد الله بن سلول، عزَم على شَقِّ صفِّ المسلمينَ، وتمزيقِ وحدتِهم، وتفريقِ جمعِهم، وقَالَ: «لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ»، فشاع كلامُه بين الناس، وتلاسَنُوا حتى كادت أن تحصل بينهم فتنةٌ، فلمَّا بلَغ ذلك رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، أمَر الجيشَ بالرحيل، وكانوا في حرٍّ شديدٍ، فسار بهم سيرًا متواصلًا، ليلًا ونهارًا، فانشغلوا بمسيرهم عما هم فيه، وبلغ بهم الجهد مبلغه، فلم يصبحوا إلا وقد زال من صدورهم ما أحدَثَه الشيطانُ بينهم، فبالحكمة تُدرأ الفتنةُ، ويُحفَظ الأمنُ، وتجتمع الكلمة، ويقوم الناس بمصالحهم الدنيوية والأخروية، وكم كان لغيابها، واتباع أرباب الهوى، من مفاسد وأضرار متعدية.

نماذج من حكمة النبي - صلى الله عليه وسلم

        ومن نماذج حكمته - صلى الله عليه وسلم-، حديث أَنَس بن مالك - رضي الله عنه -؛ حيث قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-، إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، -وفي رواية صحيح البخاري: فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ -أي: بالضرب ونحوه-، فلما رأى ذلك - صلى الله عليه وسلم - قال: «دَعُوهُ، وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ»، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ -عز وجلَّ-، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ»(رواه البخاري ومسلم).

خلق نبيل

        لقد كان هذا الخُلُق النبيل من النبي - صلى الله عليه وسلم-، جانبًا من جوانب حكمته، ورِفقه ورحمته، التي أسَرَ بها قلوبَ مَنْ حولَه، على اختلاف طبائعهم، وتنوُّع مشاربهم، فالرفقُ ما كان في شيء إلا زانَه، ولا نُزع من شيء إلا شانَه، فالنبي - صلى الله عليه وسلم-، لم يُعنِّف ولم يَشتُم، بل علَّم الرجلَ بأرفقِ خطابٍ، وأجملِ عتابٍ، حتى قَالَ الأَعْرَابِيُّ فِي صَلاته: «اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا»، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُ: «لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا»، يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ، ولو  مودة والرحمة، وفي تعامُل النبي - صلى الله عليه وسلم- مع أزواجه، وصبره وحِلمه، وتغافله وحُسن تصرفه، ما هو حريٌّ بالمؤمن أن يتأمَّلَه، ففي صحيح البخاري: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم- في بيت عائشة، أرسلَتْ أمُّ المؤمنينَ زينبُ صَحفةً فيها طعامٌ، فتحركت في قلب عائشة غَيرتُها، وهو ما تجده كلُّ امرأةٍ تجاهَ ضَرَّتِها، فضربتِ الصحفةَ، فتناثر الطعام، على مرأى ومسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فأهوى بتواضعه الجمِّ، إلى فِلَقِ الصَّحفةِ وأشلاء الطعامِ، يجمعهما من الأرض، وهو يتودَّدُ بأرق عبارة، وأعذب بيان، وأجمل اعتذارٍ، فيقول: «غَارَتْ أُمُّكُمْ، غَارَتْ أُمُّكُمْ»، فحافَظ - صلى الله عليه وسلم- على قلبِ حبيبتِه عائشةَ، فلم يَكسِرْه أو يَخدِشْهُ بكلمة، ومن عدله أرسَل لزينب صحفة عائشة، فغمر زينب بعدله وإنصافه، وشمل عائشة بعطفه ولطفه، فَرَضِيَ الجميعُ بحكمته، بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم .

المشورة من الحكمة

         والمشورة من الحكمة؛ لِمَا فيها مِنَ التماسِ الرأيِ السديدِ، والعملِ الرشيدِ، وقد أمَر اللهُ -تعالى- بها نبيَّه، فكان - صلى الله عليه وسلم-، كثيرَ المشورةِ لِمَنْ حولَه، وهو نبيُّ اللهِ ورسولُه، أوفرُ الناسِ عقلًا، وأسدُّهم رأيًا، ففي صلح الحديبية، غَضِبَ الصحابةُ -رضي الله عنهم-، ظنًّا منهم أنهم بُخِسُوا حقَّهم، حتى جَاءَ الفاروق -رضي الله عنه وأرضاه-، لرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ: «بَلَى»، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: «بَلَى»، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللهُ أَبَدًا. وفي مسند الإمام أحمد: فَلَمَّا فَرَغَ - صلى الله عليه وسلم- مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا، فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا»، قَالَ: فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ، حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، دَخَلَ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وهو غضبانُ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ، ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ، فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وحَلَقُوا»، فكان رأيُ أُمِّ سلمةَ -رضي الله عنها وأرضاها-، رأيًا موفَّقًا، ومشورةً مباركةً، والحكمةُ ضالةُ المؤمنِ، أنَّى وجدَها فهو أحقُّ بها، وإنَّ من علاماتها، أن يبتغي المرءُ الرشدَ في تصرفاته، ويبدأَ بالأهمِّ فالأهمِّ، فإذا تعارضَتْ مصلحتانِ، عامةٌ وخاصةٌ، قدَّم العامةَ على الخاصة، وإذا ترتَّب على تصرفه مصلحةٌ ومفسدةٌ، قدَّم ما فيه درءُ المفسدةِ على جلبِ المصلحةِ، والحكيمُ لا يَدخُل في أمر حتى يَنظُرَ في عواقبِه، ومِنَ الحكمةِ: أَنْ يَصمُتَ المرءُ حينَ يكونُ الصمتُ أفضلَ، ويتكلمَ حينَ يكونُ الكلامُ أفضلَ، فمَنْ كان يُؤمِن باللهِ واليومِ الآخِرِ، فليَقُلْ خيرًا أو لِيَصْمُتْ، ألَا فليتقِ اللهَ مَنْ يبثُّون أسبابَ النزاع والفُرقة، في الشبكات الاجتماعية، خلفَ أسماءٍ وهميةٍ، فاللهُ مُطَّلِعٌ عليهم، عالمٌ بما كتبَتْ أيديهم، وما تُخفِي صدورهم، {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(النُّورِ: 24).

مُخاطَبةُ الناسِ بما تحتملُ عقولُهم

        ومن الحكمة مُخاطَبةُ الناسِ بما تحتملُ عقولُهم، ومراعاةُ تنوُّعِ مشاربهم، قال ابنُ مسعودٍ - رضي الله عنه -: «ما أنتَ بمحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تبلُغُه عقولُهم، إلَّا كان لبعضِهم فتنةً»، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، وتحلَّوْا بالحكمةِ في سائرِ الأحوالِ، فإنَّها مِنْ أعظمِ النوالِ، والله -جل جلاله- يقول: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}(الْبَقَرَةِ: 269).

الحكمة يؤتيها الله من يشاء

        إنَّ مِنَ الحكمةِ ما هو محضُ هبةٍ مِنَ اللهِ، يُؤتِيها مَنْ يشاءُ مِنْ عبادِه، ومنها ما هو مكتسَبٌ، فإنما العِلم بالتعلم، والحِلْم بالتحلُّم، فيرزقها اللهُ -تعالى-، لمن بذَل أسبابَ تحصيلها، ومِنْ أسبابِ كسبِ الحكمةِ، الإخلاصُ والتقوى، ومخافةُ اللهِ -جلَّ وعلا-، فمَنْ خاف اللهُ، انتظمَتْ حياتُه، وصلحَتْ سريرتُه وعلانيتُه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(الْحَدِيدِ: 28)، وأمَّا أهلُ البدعِ والأهواءِ، فهم محرومون من الحكمة، فالهوى يُعمي ويُصِمّ.

التغافلُ عن أخطاء الناس وزلاتهم

         وإنَّ من الحكمة، التغافلُ عن أخطاء الناس وزلاتهم، وذِكْر محاسنهم ومَواطِن الخيرِ فيهم، فحينَ تظاهرَتْ بعضُ أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، قال الله -تعالى- عن نبيه: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}(التَّحْرِيمِ: 3)، فالتغافلُ أدبٌ عظيمٌ، وخُلُقٌ نبويٌّ كريمٌ، والحكيمُ يُداري الناسَ ولا يُداهِنُهم، ويَخفِضُ الجناحَ لهم، ويُلِينُ الكلامَ معهم، وهي مِنْ أسبابِ الأُلفةِ، وسلِّ السخيمةِ، ففي فتحِ مكةَ، لَمَّا أعلَن أبو سفيان إسلامَه، قال العباسُ - رضي الله عنه -: يا رسول الله: إنَّ أبا سفيان رجلٌ يُحِبُّ الفخرَ، فاجعَلْ له شيئًا، قال: «نعم، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ»(رواه مسلم) وأصحاب السنن، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم-بحكمته- تخصيصَ دار أبي سفيان، للأمن والأمان، إرضاءً لِمَا تتطلَّع إليه نفسُه، وتقويةً لإيمانه.  

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك