جمعية التربية الإسلامية نموذجاً-حصاد العمل الخيري في مملكة البحرين 2012
كانت مملكة البحرين أول دولة خليجية تشهد عملاً خيرياً تطوعياً منظماً في العام 1941 وهو ما أطلق عليه «نادي الإصلاح الاجتماعي»، وهي جمعية ذات صفة دينية اجتماعية خيرية، وينشط العمل الخيري في البحرين على أكثر من مستوى، فهو ينقسم لنوعين من النشاط، أولهما: العمل الخيري الرسمي، ويأتي على رأسه المؤسسة الخيرية الملكية التي مر على إنشائها 12 سنة وما تقدمه وزارة الشؤون الاجتماعية التي أنشئت من أجل التنظيم والمساهمة في العمل التطوعي والخيري، وثانيهما العمل الخيري الأهلي أو التطوعي، ولقد ساهم حب البحريني للقيام بأعمال الخير في ولادة ونشوء العديد من المؤسسات الأهلية والجمعيات والصناديق الخيرية، فكانت هناك على سبيل المثال لا الحصر جمعيات: الإصلاح، والتربية الإسلامية، والجمعية الإسلامية، ومؤسسة السنابل للأيتام، إلى جانب الصناديق الخيرية المنتشرة بمختلف أنحاء المملكة
الرعاية الرسمية للعمل الخيري
ساهمت الحكومة البحرينية في تنمية العمل التطوعي عندما أصدرت قراراً بإعفاء جميع مستلزمات الجمعيات الخيرية من الضرائب والرسوم الجمركية، وكذلك قرار تطبيق مقرر إلزامي على طلاب الثانوية العامة، يتعلق بخدمة المجتمع؛ وذلك إيماناً بأهمية العمل التطوعي ودوره في تنمية المجتمع وبناء قيم المواطنة والانتماء، وجعل شخصية الطالب منفتحة متفاعلة مع مجتمعه. وقد قامت وزارة التنمية الاجتماعية في البحرين بتأسيس «المركز الوطني لدعم المنظمات الأهلية» عام 2006، تعزيزًا وتطويرًا لقدرات الجمعيات الأهلية في المملكة على إدارة مؤسساتها التنموية بما يكفل مساهمتها الفاعلة في التنمية الاجتماعية، عبر توفير سبل ومدخلات جديدة ومبتكرة، بعيدة عن النمطية والتقليد، ومساعدتها على تطوير قدراتها الذاتية.
المؤسسة الخيرية الملكية
ويأتي على رأس العمل الخيري الرسمي في مملكة البحرين المؤسسة الخيرية الملكية التي أنشئت بتاريخ 14 يوليو 2001 لكفالة الأيتام البحرينيين من الأسر المستحقة، وصدر أمر من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في نوفمبر 2001 بتكليف المؤسسة بكفالة الأرامل اللاتي لا عائل لهن. وفي نوفمبر 2007 صدر عن جلالة الملك أمر بإعادة تنظيم المؤسسة الخيرية الملكية ليكون جلالته رئيسا فخريا لها، ويتولى سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة نجل جلالة الملك رئاسة مجلس الأمناء فيها.
ومن أهم مهام المؤسسة الخيرية الملكية كفالة الأرامل والأيتام ورعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم المساعدات الاجتماعية والصحية والتعليمية، والمساهمة في تخفيف الأعباء المعيشية عن الأسر المحتاجة، والمساهمة في إنشاء وتنمية المشاريع الاجتماعية والخيرية غير الربحية كدور الأيتام، ورعاية الطفولة والمعاقين، ومراكز المسنين، ورياض الأطفال، وتأهيل الأسر المحتاجة، ومراكز التأهيل الصحي، وكذلك المساهمة في أعمال التنمية المستدامة كدعم برنامج إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتخصيص الأراضي للمشاريع الاجتماعية والخيرية، والتنسيق مع الأجهزة الحكومية المكلفة بتنفيذ برامج ومشاريع في هذا المجال.
وتقدم المؤسسة الرعاية الشاملة للأيتام والأرامل البحرينيين وتنشئتهم التنشئة الصحيحة ليكونوا مواطنين صالحين وليساهموا بشكل فعال في بناء وخدمة المجتمع، وذلك من خلال كافة أنواع الرعاية وتشمل: الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية والنفسية.
العمل الخيري الأهلي.. جمعية التربية الإسلامية نموذجاً
وإضافة إلى رعاية الدولة للعمل الخيري، فإن المجتمع المدني والأهلي والتطوعي في مملكة البحرين يلعب دوراً محورياً في الأعمال الخيرية والتطوعية، وتمتلئ البحرين بالمئات من الجمعيات والصناديق الخيرية، ويأتي على رأسها جمعية التربية الإسلامية، وكشف مدير إدارة الخدمات الاجتماعية والمشروعات بالجمعية عادل بوصيبع عن أن الجمعية ممثلة في إدارة الخدمات الاجتماعية والمشروعات تنظر للعمل الخيري على أن له دورا تنمويا في تنشيط الأسواق والمحال التجارية داخل المملكة ومن ثم في توفير فرص عمل جديدة وتنشيط الاقتصاد الداخلي، ومكافحة البطالة والفقر في المجتمع.
كما أن العمل الخيري عمل قائم على الشراكة المجتمعية من الثقة المتبادلة بين المتبرعين من جهة والمؤسسات الحكومية والجمعيات الخيرية وأهل الحاجة من جهة أخرى؛ لوجود تواصل ولقاءات وزيارات ميدانية من قبل المسؤولين والمتبرعين لمشاريع الخير والعطاء للاطمئنان على نفقاتهم وسير العمل، وهذا ما يجعلهم يرفعون شعار الثقة والاستمرارية.
وأوضح بوصيبع أن الجمعية وزعت خلال رمضان الماضي 2550 وجبة إفطار و1150 سلة غذائية و164400 دينار على الأسر الفقيرة، مؤكداً أن الجمعية لا تألو جهداً في الوقوف مع الأسر المحتاجة على مدار العام وخاصة في شهر رمضان الفضيل.
دعم جمعية التعافي من المخدرات
ولا يتوقف دور جمعية التربية الإسلامية على تقديم المساعدات ضمن الأنظمة المعمول بها في الإدارة، بل يتعدى دورها ذلك بحكم تنوع خدماتها وخبراتها الطويلة في التعامل مع المشكلات والمستجدات ولاسيما فيما يتعلق بمشكلات الأسر والشباب وما تفرزه بعض العادات الضارة التي تشكل عقبة أمام الاستقامة والسكينة العامة وأمن الأسرة المسلمة ككل بما فيها فئة الشباب، كما أن الجمعية بها من الطاقات والكوادر المتخصصة والعلمية ما يجعلها بفضل الله تعالى وتوفيقه تحقق الكثير من الأنشطة والبرامج الهادفة والناجحة التي تلقي بظلالها على المجتمع.
وفي هذا الصدد أمدت جمعية التربية، في إطار التعاون مع الجمعيات الأخرى، أمدت جمعية التعافي من المخدرات بطلبة العلم الشرعي والدعاة وأهل الاختصاص للإعانة والتعافي من هذا الداء الوبيل الذي نهش جسد الأمة، وقدمت الجمعية شيكا بمبلغ 1000 دينار لجمعية التعافي كدعم شهري لها لمدة سنة، وذلك دعما لنشاط جمعية التعافي وتقديرا لما تبذله من الجهود الكبيرة في تعافي فئة المدمنين على المخدرات والمسكرات.
بناية يُخصص ريعها للقرآن
وأنشأت الجمعية في 2012 بناية سكنية يخصص ريعها بالكامل للقرآن الكريم، وقال بو صيبع: إن فكرة وقف القرآن جاءت من منطلق ان كتاب الله عز وجل من أفضل ما أنفقت فيه الأموال لما يترتب على نشره ونشر علومه من عزة المسلمين ونشر أحكام القرآن وما يتبع ذلك من حفظه بمراكز التحفيظ ودور القرآن خاصة إذا علمنا أن هناك مناطق كثيرة في العالم لا يملكون المصاحف وأن هناك مساجد وجوامع ليس فيها إلا بعض المصاحف المصورة او مصاحف قديمة وممزقة يتداولونها فيما بينهم؛ لذا جاء هذا الوقف المبارك وهو إنشاء بناية سكنية مكونة من 6 أدوار تضم 12 شقة كبيرة ومواقف سيارات مع مصعد كهربائي بكلفة 450 ألف دينار بحريني على مساحة 434 مترا مربعا، والريع المتوقع للشقة الواحدة 300 دينار بواقع 3600 دينار في الشهر و43200 دينار ريعا سنويا تصرف على طباعات القرآن الكريم وعلومه، وتوزع هذه المصاحف حول العالم بواقع 100 ألف مصحف سنويا، وإجمالاً فإن جمعية التربية تكون قد أنفقت على العمل الخيري في الداخل والخارج خلال عام 2012 أكثر من مليون دينار بحريني.
الحرص على الشفافية ونظافة اليد
وحول قضية الرقابة على العمل الخيري وتوافر الثقة بين المتبرعين والجهات المستقبلة للتبرعات، يقول بو صيبع: إن جمعية التربية الإسلامية تتعامل مع إحدى الشركات المالية المعتمدة من وزارة التنمية الاجتماعية، وتقوم هذه الشركة بمراقبة إيرادات الجمعية كما أنها تقوم بالجرد السنوي، وملفات العمل الخيري في البحرين مفتوحة أمام الجميع.
العمل الخيري البحريني في الخارج
وتمتد جهود البحرين في العمل الخيري إلى الخارج خاصة في إغاثة الشعبين السوري والفلسطيني في غزة، ويأتي على رأسها قيام المؤسسة الخيرية الملكية ببناء مؤسسات صحية وتعليمية وفي إعادة إعمار غزة بعد الحرب الصهيونية عليها، وكان آخر مهام المؤسسة في الخارج هو التبرع بإنشاء مجمع علمي للطلبة السوريين اللاجئين في مخيم الزعتري في المملكة الأردنية الهاشمية بإقامة أربع مدارس حديثة يكملون فيها مسيرتهم التربوية والتعليمية، ولتكون بارقة أمل ومستقبل جديد أمامهم، ويأتي المجمع كمساعدة للأردن للنهوض بالأعباء الكبيرة التي ترتبت على استقباله آلاف اللاجئين السوريين على أرضه.
وفي أغسطس الماضي أصدر جلالة الملك البحريني توجيهاته إلى سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة رئيس مجلس أمناء المؤسسة بتقديم مساعدات إنسانية إغاثية عاجلة إلى جمهورية باكستان الإسلامية للمساعدة في إيواء ضحايا الفيضانات التي اجتاحت مناطق متعددة في شمال غرب وجنوب باكستان، وعلى أن تتولى المؤسسة مهمة الإشراف على إيصال هذه المساعدات.
كما قدمت وزارة الصحة البحرينية مواد طبية لمنكوبي باكستان بتكلفة بلغت 370 ألف دينار، وحددت الوزارة ما تحتاجه باكستان من أدوية ومواد طبية وفقاً لدراسة أعدت مسبقاً، فضلا عن أنها تبرعت بمواد طبية تحتاجها الحكومة الباكستانية لاحقاً؛ إذ إن الكوراث تتسبب في مضاعفات في المستقبل.
ومن جانبها فإن جمعية التربية الإسلامية تسعى إلى تصدير عملها الخيري إلى المحتاجين والفقراء في العالمين العربي والإسلامي خاصة في أفغانستان وباكستان والصومال وفلسطين وسوريا، وكان آخر هذه الجهود قيام إدارة الإغاثة الخارجية بالجمعية بإرسال خمسين ألف (50000) معطف، بمختلف الأحجام إلى مسلمي سوريا مساهمة في تخفيف شدة البرد عليهم.
ومؤخراً أعلن نشطاء بحرينيون أنهم تمكنوا من إيصال أكثر من 100 طن من الطحين إلى السوريين المحتاجين في الداخل، وخاصة في محافظتي إدلب وحماة، من تبرعات الشعب البحريني.وبث النشطاء مقطعا مصورا على الإنترنت يظهر قافلة شاحنات تحمل علم البحرين وشعار «حملة 100 طن طحين»، بعد وصولها إلى الأراضي السورية.
لاتوجد تعليقات