الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية … من روائع الأوقاف الإسلامية العلمية
- تعدّ الأوقاف التعليمية من الأسباب الرئيسية في نهوض الحركة العلمية والفكرية في الأمة وهو نهوض عرفته البقاع المختلفة التي احتضنها الإسلام
تعد الأوقاف التعليمية، من الأسباب الرئيسية في نهوض الحركة العلمية والفكرية في الأمة، وهو نهوض عرفته البقاع المختلفة التي احتضنها الإسلام، وكذلك قرونه المتعاقبة في الزمان، فكفل الوقف للتعليم والعلم الحياة والاستمرار من خلال توفير الموارد، وقد تنوعت تلك الأوقاف ما بين إنشاء المدارس، والمكتبات، ونسخ الكتب، ورعاية الطلاب من خلال توفير السكن وسبل المعيشة للتفرغ لطلب العلم.
كتب الحرمين
حرص العلماء والمؤلفين على إهداء كتبهم ومؤلفاتهم أو تحبيسها على الحرمين الشريفين؛ يقول الغنامي في رحلته الحاجية: «ما من عالم صنف كتابا في المشرق أو بالسند أو الهند أو العراق أو غيره من الأمصار إلا ويصرف نسخة للمدينة رجاء الإقبال على كتابه».
نسخ المخطوطات
كما شمل الوقف نسخ المخطوطات في عصور ما قبل الطباعة، إلى الحد الذي جعل إحدى مكتبات القاهرة تضم من تاريخ الطبري ذي المجلدات العديدة ألفا ومائتي نسخة، كما شمل الوقف رعاية المخطوطات وحفظها وصيانتها.
كتب بخط اليد
من مصادر الوقف ما كان ينسخه بعض العلماء من كتب خلال حياتهم ويوقفوها، منهم: علي بن أحمد الزيدي وصديقه صبيح النصري، إذ وقفا ما كتباه بخطيهما، وما حصلا عليه عن طريق الاستكتاب أو الشراء وكانت الكتب التي وقفها فخر الدين الطبسي بالمدرسة المستنصرية أكثرها بخطه، كما وقف علي بن الحسين بن علي المصري الدمشقي الشهير بابن البناء وهو مصري مات بدمشق سنة 748هـ «كتبه على طلبة العلم، وأكثرها بخطه منها المجتبى للنسائي والسنن لابن ماجة».
حماية الكتب
كان كثير من الواقفين يمنع خروج الكتاب خارج المكتبة خوفا من ضياعه أو تلفه، وحتى يستفيد منه عامة الناس، بل حرم الاطلاع الداخلي لمن عرف عنهم التفريط في استخدام الكتب.
وقف الحبر
وهو وقف خصص لتزويد العلماء والنسّاخ بالحبر حتى يستمر تأليفهم ونسخهم للكتب، وهذا من تقديرهم لمكانة العلم والعلماء، ونشر العلم بنشر الكتب.
وقف مركب شيخ الأزهر
كان هناك وقف خاص لمركب شيخ الأزهر عرف بمسمى: وقف بغلة شيخ الأزهر؛ ليوفر الدابة التي يركبها شيخ الأزهر ونفقاتها وعلفها ورعايتها. وخُصّصت مبالغ إضافية تُزاد على الرواتب للشيوخ في الأزهر، من أجل أن تنفق على الخيول والبغال التي تنقلهم، وقد بلغ ما يأخذه شيخ الأزهر من نفقات لبغلته مائة جنيه شهر في السنوات المتأخرة.
كفالة العلماء وكفايتهم
المؤرخ الجغرافي ياقوت الحموى بقي مدة ثلاث سنوات يعيش على أموال الوقف المرصدة على المكتبات في مدينتي - مرو وخوارزم - لوحدهما منقبا وباحثا لإكمال معجمه المعنون - معجم البلدان - ولم يترك هذه المكتبات إلا عندما اضطر للهروب من جحافل جنكيزخان الذي أشعل النار في هذه المكتبات.
واندهش ابن جُبير - الرحالة الأندلسي - مما رأى في المشرق من كثرة المدارس والغلات الوافرة التي تغل أوقافها، فدعا المغاربة أن يرحلوا للمشرق لتلقي العلم، ومما قاله في هذا: «وتكثر الأوقاف على طلاب العلم في البلاد المشرقية كلها، وبخاصة دمشق، فمن شاء الفَلاَح من أبناء مغربنا فليرحل إلى هذه البلاد، فيجد الأمور المعينة على طلب العلم كثيرة، وأولها فراغ البال من أمر المعيشة».
ألواح العلم وأقلامه
كانت العناية بالمدرسين فائقة، وكان الاهتمام بالدارسين، فإلى جانب ما ذُكر آنفا هناك أوقاف خُصّصت لشراء ألواح للطلبة من صبية مكة والمدينة، وأن ابن رُزيك الملك الصالح قد أوقف عليهم الأموال لتجهيزهم بالأقلام، وما شابه من ورق ومحابر.
رعاية العلماء
يقول فيليب حتي المؤرخ اللبناني: «إن المؤرخ الجغرافي ياقوت الحموي بقي مدة ثلاث سنوات يعيش على أموال الوقف المرصدة على المكتبات في مدينتي - مرو وخوارزم - لوحدهما منقبا وباحثا لإكمال معجمه المعنون - معجم البلدان - ولم يترك هذه المكتبات إلا عندما اضطر للهروب من جحافل جنكيز خان الذي أشعل النار في هذه المكتبات».
قراءة وترفيه
في مكة شيّد عبد الحكيم الجمحي في فترة مبكرة مكتبة وجعلها عامة، ولجذب أكبر قدر من القراء طعّمها بوسائل ترفيه وتسلية في تدفع من يرضى بذلك إلى محاولة أن يقرأ؛ فكان سابقا منذ مئات السنين للاتجاه الغربي في إنشاء مكتبات عامة تملك وسائل ترفيه وتسلية لجذب عامة القراء.
لاتوجد تعليقات