رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 13 مايو، 2024 0 تعليق

المسجد الأقصى وفلسطين في حياة الصحابة (4) قبور الصحابة وأوقافهم في فلسطين

  • يضم السور الشرقي للمسجد الأقصى الواقع ضمن مقبرة باب الرحمة عددًا من قبور الصحابة وأهمها الصحابيان الجليلان عبادة بن الصامت وشداد بن أوس رضي الله عنهما
  • حرص صحابة رسول الله  صلى الله عليه وسلم على وقف الدور والآبار والبساتين وذلك اقتداء بفعل النبي  صلى الله عليه وسلم وسنته وامتثالاً لتوجيهه وإرشاده
  • أوَّل من جدد بناء المسجد الأقصى في الإسلام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه والمقصود بالمسجد المصلَّى المسقوف في صدر المسجد الأقصى من جهة القِبلة
 

ما زال حديثنا مستمرا عن المسجد الأقصى وفلسطين في حياة الصحابة؛ حيث ذكرنا من ارتبط من الصحابة بفلسطين، وأسباب هذا الارتباط، وذكرنا منها: الجهاد، والإقامة، والتعبّد، والحكم والسياسة، والتعليم، والتجارة، ثم تكلمنا عن استفهامات الصحابة عن فلسطين والمسجد الأقصى، واليوم موضوعنا عن قبور الصحابة في فلسطين.

       تضم مقابر القدس عددًا من الصحابة الذين استقروا في فلسطين؛ إذ يضم السور الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، الواقع ضمن مقبرة باب الرحمة، عددًا من قبور الصحابة الذين أوردنا ذكرهم، وأهمهم الصحابيان الجليلان عبادة بن الصامت وشداد بن أوس -رضي الله عنهما-، ومن الصحابة الذين دفنوا في مقابر القدس، نذكر منهم:
  • عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: من الصحابة الذين أرسلهم عمر بن الخطاب بعد فتح الشام لتعليم الناس القرآن، توفي عام 34هـ، ودفن في مقبرة باب الرحمة قرب أسوار المسجد الأقصى.
  • شداد بن أوس بن المنذر الأنصاري - رضي الله عنه -: من الصحابة الذين سكنوا في مدينة القدس، كان كثير الورع والعبادة، توفي عام 58هـ، دفن في مقبرة باب الرحمة على مقربة من سور المسجد الأقصى.
  • أبو ريحانة الأزدي - رضي الله عنه -: كان من زهاد الصحابة، شارك في فتح بلاد الشام، وسكن في مدينة القدس، وكان يقضي للناس في المسجد الأقصى، وتوفي في القدس ودفن فيها.
  • أبو أبيّ بن أم حرام - رضي الله عنه -: عبدالله بن عمرو بن قيس الأنصاري، أمّه أم حرَام بنت مِلحَان، زوجة عبادة بن الصامت -رضي الله عنهما-، وهو آخر من مات من الصحابة في فلسطين.
  • مسعود بن أوس الأنصاري الخزرجي - رضي الله عنه -: أبو محمد النجاري، من الصحابة الذين سكنوا بيت المقدس، توفي في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ودفن في مدينة القدس.
  • ذُو الأَصابِع الجُهَنِي - رضي الله عنه -: وقيل التَّميمي والخُزَاعِي، من الصحابة الذين سكنوا القدس، ودفن فيها.
  • سلامة بن قيصر الحَضْرمِي - رضي الله عنه -: وقيل اسمه سلمة، سكن مصر، ثم وَلِي على القدس ومات بها.
  • عبدالله بن أبي الجَدْعَاء - رضي الله عنه -: عبدالله بن أبي الجَدْعَاء التَّمِيمِيّ، له صحبة سكن بيت المقدس.
  • فيروز الدَّيْلَمِيّ - رضي الله عنه -: اليَمَانِي الحِمْيَرِيّ، يعود أصله إلى فارس، قاتل الأسود العَنْسِيّ الكذاب الذي ادعى النبوة، سكن مصر، ثم تحول إلى بيت القدس ومات بها.
  • واثِلَة بن الأَسْقَع - رضي الله عنه -: بن كعب بن عامر اللَّيثِيّ، أسلم سنة تسع، شارك في فتوح الشام، سكن قرب دمشق ثم تحول إلى القدس ومات فيها، وتوفى في سنة 83هـ وهو ابن مائة وخمس سنين.

أوقاف الصحابة في بيت المقدس

        سار الصحابة -رضوان الله عليهم- على درب رسولهم الكريم - صلى الله عليه وسلم -، ورغم معاناة كثير منهم الفقر والحرمان إلا إن جمهور الصحابة قد أوقفوا الأوقاف النافعة التي تفي بحاجة المسلمين في زمنهم كوقف عثمان - رضي الله عنه - بئر رومة، وسعد بن عبادة وعمر بن الخطاب وغيرهم من الصحابة - رضوان الله عليهم - التي صرفت على وجوه الخير والبر. كما حرص صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حبس الدور ووقفها، والآبار، والبساتين، وذلك اقتداء بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته، وامتثالاً لتوجيهه وإرشاده، حينما علموا أن الوقف مما يدوم نفعه ويستمر أجره، وقد تنافس فيه كل من كان ذا مقدرة من الآل والأصحاب.

عبارة جامعة

       وفي عبارة جامعة لخّص الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري - رضي الله عنه - اهتمام الصحابة في الوقف؛ حيث نقل لنا ما بذله صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مالهم الخاص في البر والإحسان والوقف على وجه الخصوص، قال جابر - رضي الله عنه -: «لم يكن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذا مقدرة إلا وقف»، وللدلالة على وفرة أوقاف الصحابة، قال الشافعي -رحمه الله-: «بلغني أن ثمانين صحابيّاً من الأنصار تصدّقوا بصدقات محرمات»، والشافعي -رحمه الله- يسمي الأوقاف: «الصدقات المحرمات»، وقال ابن حزم -رحمه الله- : «وسائر الصحابة جملة صدقاتهم بالمدينة أشهر من الشمس، لا يجهلها أحد»، فقد تنافس صحابة رسول الله رضوان الله عليهم على وقف بعض أملاكهم ابتغاء ما عند الله من الأجر والثّواب؛ لأن الوقف عبادة ظاهرة معلومة عند الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- حرصوا عليها، وكانوا بذلك قدوة لمن بعدهم من المسلمين.

أوّل الأوقاف المقدسيّة في الإسلام

       وقْف أمير المؤمنين عثمان بن عفّان - رضي الله عنه - لـ(عين سلوان): لم نقف على نصّ مؤكّد حول أوّل وقفٍ أحدثَه المسلمون في مدينة القدس، لكن من أقدم ما تمّ رصدُه، وقْف أمير المؤمنين عثمان بن عفّان - رضي الله عنه - لـ (عين سلوان) على فقراء البلد وضَعَفَتِه، وهي عينٌ قديمةٌ تعلّقت بها رواياتٌ تلموديّةٌ وإنجيليّةٌ، وصفها الرّحّالةُ والمؤرّخون، كما نقلوا ما كان يُحكى عنها من أنّ المسيحَ -عليه السلام- كان يُبرِئُ الأكمه من مائِهَا إلى غير ذلك ممّا لا سبيل إلى ثبوته، والله أعلم.

تجديد بناء المسجد الأقصى

       أوَّل من جدد بناء المسجد الأقصى في الإسلام الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: والمقصود بالمسجد: المصلَّى المسقوف في صدر المسجد الأقصى من جهة القِبلة، ويسمَّى اليوم بالجامع القِبْلي، فإنَّ أوَّل من بناه في الإسلام الخليفة الرَّاشد عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -، وذلك بعد أن يسَّر الله -تعالى- للمسلمين فتح (بيت المقدس) عام ستَّة عشر من الهجرة، فإنَّ جمهور المؤرِّخين على أنَّ عمر بن الخطَّاب قد أقام مسجداً صغيراً محاذياً لسور المسجد من جهة القبلة، وبناه من عروقٍ خشبيَّةٍ ضخمةٍ، تتَّسع لثلاثة آلاف مصلٍّ في وقتٍ واحدٍ.

وقف تميم الداري

       يُعَدُّ هذا الإقطاع من الخصائص النبوية، فليس لأحد من الأئمة بعد النبي -[- أن يقطع أحداً من الرعية شيئاً لم يدخل في ملك المسلمين، وهو أيضاً من المعجزات النبوية وبشرى من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن هذه الأرض المباركة ستؤول إلى المسلمين، فما من ذرة من ترابها إلا أوقفت وقفاً إسلامياً صحيحاً من رأس الناقورة شمالاً إلى أم الرشراش (أَيْلَةَ) جنوباً، وتؤكد ذلك وثائق سجلت في المحاكم الشرعية في فلسطين وتشهد عليه. وبلغتنا قصة الإنطاء النبوي الشريف بروايات عدة ذات قيمة علمية وتاريخية، وتتقارب الروايات كلها في المضمون والشكل مع شيء من الاختلاف الذي لا يؤدي إلى التعارض، وسأذكر نصوص بعضها بحسب رواية أصحابها بغير ذكر أسانيدها تجنباً للإطالة على القراء الكرام، وسأقتصر على روايتين، ومن أراد التَّوَثُّقَ فيمكنه الرجوعُ إلى مصادرها:

حمّام عياض بن غنم في القدس

        أقدمُ حمّام بني في الإسلام حمّام الصحابي الجليل: عياض بن غنم في القدس، لتلبية احتياجات سكان المدينة، الذين ليس بمقدورهم بناء حمّامات خاصة في بيوتهم؛ بسبب التكلفة المرتفعة في إنشاء هذا الحمام داخل البيوت، فضلا عن صعوبة عملية إيصال المياه إلى البيوت، فأوقف حماماً ليستفيد منه أهل القدس.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك