رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ محمد الكوس 15 أبريل، 2019 0 تعليق

المستقبل الحقيقي هو المستقبل الأخروي


يحرص كثير من الناس على تأمين مستقبله الدنيوي فيقول أريد أن أؤمن مستقبلي الدنيوي فأفعل كذا وأجتهد في كذا، ولكن قد يغفل بعض الناس عن تأمين مستقبله الحقيقي وهو (المستقبل الأخروي)، قال الله -تعالى-: {والآخرة خير وأبقى} أي: ثواب الله في الدار الآخرة خير من الدنيا وأبقى، فإن الدنيا دنية فانية، والآخرة شريفة باقية، فكيف يؤثر عاقل ما يفنى على ما يبقى، ويهتم بما يزول عنه قريبا، ويترك الاهتمام بدار البقاء والخلد؟!

     وهنا نسأل كيف يؤمن الإنسان مستقبله الأخروي؟ بالحرص على العمل الصالح والاجتهاد في الطاعة والأعمال الصالحات، وأن يجتهد في العمل الذي لا ينقطع أجره, فهناك أعمال لا ينقطع أجرها بعد وفاة صاحبها وهذه الأعمال أخبرنا بها الله -سبحانه وتعالى- وأشار إلى هذه الأعمال فقال: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} آثارهم: بمعنى ما تركوه من الأعمال إن كانت صالحة يأتيهم أجرها، وإن كانت أعمال سيئة أو فاسدة فإن وزرها لا ينقطع والعياذ بالله -تبارك وتعالى.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له, أو علم ينتفع به , أو صدقة جارية».

الأعمال الصالحة

- اولا: منها «ولد صالح يدعو له» هذا هو أول الأعمال التي يستمر أجرها، وهو الولد الصالح الذي اجتهد والده في تربيته، وغرس البذرة الطيبة الصالحة فيه، ورباه على توحيد الله -سبحانه وتعالى- وعلى اقتفاء هدي النبي - صلى الله عليه وسلم-، وغرس في قلبه مراقبة الله -سبحانه وتعالى- والخوف منه وخشيته وتقواه, كما قال العبد الصالح لقمان الحكيم عندما وعظ ابنة ونصحه: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} بدأ معه بالتحذير من الشرك لان الشرك يحبط الأعمال، فإن الإنسان مهما اجتهد في العمل ولم يكن له أساس من التوحيد فلا ينفعه عمله هذا، قال -تعالى-: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنّم}.

مراقبة الله عزوجل

     ثم أوصاه: بمراقبة الله -عز وجل- فقال: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ}، بمعنى أن هذه السيئة التي تفعلها أو الحسنة غاية في الصغر ولكن يأتي بها الله -سبحانه- سوف يأتي الله بأعمالك كلها للحساب يوم المعاد بمثاقيل الذرة قال -تعالى-: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «لا تحقرن من المعروف شيئا»، لا تحتقر من أعمالك شيئا أبدا، ولا تقل هذه صغيرة، وهذه كذا لا, فالحساب دقيق عند رب العالمين، ويقول أيضا - صلى الله عليه وسلم -: «إن العبد لترفع درجته في الجنة فيقول أنّي لي هذا، فيقال باستغفار ولدك لك».

نشر العلم

     ثانيا: وكذلك من الأعمال الصالحات «نشر العلم» يقول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق «أو علم ينتفع به»، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «من علم علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل شيئاً» والعلم المراد به هنا: هو العلم الشرعي علم الدين والشريعة الذي يكون مصدره ومنبعه كتاب الله -جل وعلا- وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو العلم الذي أمر الله -جلا وعلا- نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يستزيد منه؛ يقول الله -تعالى-: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، وهو العلم الذي أثنى الله على أصحابه وأهله حتى إن الله -سبحانه وتعالى- قرن شهادة أهل العلم والملائكة بشهادته فقال -تعالى-: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ}، هؤلاء هم أهل العلم الذين يرفع الله مكانتهم ودرجاتهم فقال سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره»؛ ولذلك العمل الصالح هو الخليل الصادق، والإنسان في قبره يقول لعمله والله لقد كنت أهون الثلاثة عليّ.

فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من علم علما، أو أجرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته» كل هذه الأفعال أجرها مستمر. رواه الإمام أحمد من حديث انس بن مالك بسند صحيح.

بيت لابن السبيل

     يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «ان مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما نشره، أو ولدا صالحا تركه أو مصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه»، المقصود هنا ببيت ابن السبيل: بناء المساكن للفقراء والمشردين والمستضعفين، كالملجأ ودور الإيواء للأيتام ودور الإيواء للعجزة والمستشفيات، وحتى الخيام تدخل في هذا الأمر, نصب الخيام لهؤلاء المشردين, وما أكثرهم في هذا الزمان فتنة توالت على المسلمين وكوارث ومصائب نسأل الله -جل وعلا- أن يلطف بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم .

إحياء سنة النبي - صلى الله عليه وسلم

     إحياء سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن من أحيا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فله أجر من عمل بها، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص منأجرهم شيئا» رواة ابن ماجة عن عمرو بن عوف.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك